أزالت شرطة الاحتلال الإسرائيلي مساء اليوم الإثنين، خيمة عزاء الشهيد الأسير وليد دقة في مدينة باقة الغربية داخل الخط الأخضر، واعتقلت 5 أشخاص.
وكان الأسير وليد دقة قد استشهد عن 62 عامًا أمس الأحد، بعدما أمضى 38 عامًا بسجون الاحتلال، وأُدخل مستشفى "آساف هروفيه" جرّاء سياسة الإهمال الطبي المتعمد التي تتبعها إدارة السجون بحق الأسرى المرضى.
تنكيل حتى بعد الاستشهاد
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" بأن الشرطة الإسرائيلية اقتحمت خيمة العزاء قبل أن تزيلها، حيث اعتقلت 5 أشخاص من أقارب الشهيد دقة.
كما داهمت تلك القوات منزل عائلة أبو دقة، واعتدت على بعض الحاضرين وأطلقت صوبهم الغاز السام المسيل للدموع.
وكانت محامية وليد الدقة والناشطة في حقوق الأسرى نادية دقة قد أكدت لـ"العربي"، أن السلطات الإسرائيلية احتجزت جثمان الشهيد "وتستمر بالتنكيل بالأسرى الفلسطينيين حتى بعد استشهادهم".
وأشارت إلى أن سلطات الاحتلال تماطل في إعطاء إجابة بشأن موعد تسليم جثمان الشهيد وليد دقة وتفاصيل ذلك.
كما لفتت المحامية إلى أن دوريات من شرطة الاحتلال حضرت إلى منزل عائلة دقة، وطلبت عدم وضع كراسٍ أو التجمع أمام المنزل.
رحلة نضال "رجل الكهف"
وبينما يطالب الإسرائيليون بإطلاق سراح حوالي 130 محتجزًا إسرائيليًا لدى المقاومة الفلسطينية بعد أكثر من 180 يومًا على أسرهم، هناك أكثر من 9 آلاف أسير فلسطيني لدى الاحتلال؛ منهم من قضى قرابة 40 عامًا وانتهت حياته قبل أن يتنفس الحرية، كما حصل مع الأسير وليد دقة.
فالأسير الفلسطيني الذي لقب بـ"رجل الكهف" اعتقل عام 1986، وأُدين باختطاف وقتل جندي إسرائيلي، ورفضت تل أبيب الإفراج عنه رغم إصابته بنوع نادر من السرطان، ليستشهد بعد 38 عامًا في سجون الاحتلال نتيجة الإهمال الطبي.
ودقة لم يستسلم للسجن والسجان، فتزوج من الإعلامية والمترجمة سناء سلامة عام 1999 في سجن عسقلان، لكن القوانين الإسرائيلية لم تتح لهما فرصة الإنجاب إلى أن ولدت لهما ابنتهما ميلاد في مدينة الناصرة من نطفة مهربة من داخل السجن.
ميلاد الطفلة الجميلة لم يتسن لها عناق والدها، إذ حرمها الاحتلال من ذلك، بعد أن كان من المفترض الإفراج عنه عام 2023، إذ إن المحكمة العسكرية في مدينة بئر السبع أصدرت حكمًا بزيادة مدة سجنه سنتين، بادعاء ضلوعه في إدخال هواتف نقالة إلى السجن ليتواصل الأسرى مع عائلاتهم، ففارق الحياة قبل تلك اللحظة.
ورغم انقطاع دقة، الأديب والأكاديمي عن مسيرته الأكاديمية بسبب الأسر، فقد حصل على شهادتي البكالوريوس في الدراسات الديمقراطية وهو في الأسر، ومارس الكتابة داخل السجن وصدرت له مؤلفات عدة.
كما حصل على درجة الماجستير في الدراسات الإقليمية، من جامعة القدس الفلسطينية عام 2016.
وسمى دقة نفسه "رجل الكهف" الذي ينتمي إلى عصر انتهى، لأنه قضى معظم سنوات حياته في السجن، ورفضت إسرائيل الإفراج عنه أكثر من مرة، واستثنته من صفقات الإفراج وتبادل الأسرى في أعوام 1994، و2008، و2011، و2014.
وباستشهاد دقة، يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة في سجون إسرائيل منذ عام 1967 إلى 251 شهيدًا.