الأحد 19 مايو / مايو 2024

الأكبر بتاريخ الاحتلال.. كيف رسم شبح الحرب حركة النزوح بإسرائيل؟

صواريخ "حزب الله" والمقاومة الفلسطينية تجبر آلاف الإسرائيليين على النزوح - غيتي
أجبرت صواريخ "حزب الله" والمقاومة الفلسطينية آلاف الإسرائيليين على النزوح - غيتي
الأكبر بتاريخ الاحتلال.. كيف رسم شبح الحرب حركة النزوح بإسرائيل؟
الأكبر بتاريخ الاحتلال.. كيف رسم شبح الحرب حركة النزوح بإسرائيل؟
الأربعاء 6 ديسمبر 2023

شارك

نزح أكثر من 55 ألف شخص من جنوب لبنان، وأكثر من ربع مليون شخص تم إجلاؤهم من إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم، في حركة نزوح داخلي هي الأكبر في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي.  

وجاء ذلك، في خضم تصعيد المواجهات وتوسّع رقعة الاشتباكات بين حزب الله وقوات الجيش الإسرائيلي على الحدود الجنوبية للبنان، وسط مخاوف من امتداد نيران الحرب إلى جبهات أخرى.

ففي 22 أكتوبر صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه "إذا قرّر حزب الله الدخول في الحرب، فسوف يشتاق إلى حرب لبنان الثانية وسوف يرتكبون أكبر خطأ في حياتهم".

في المقابل، قال الأمين العام لحزب الله اللبناني يوم 3 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي: "دماء شهدائنا وشهدائكم في الجنوب تقول لهذا العدو الذي قد يُفكّر بالاعتداء على لبنان.. إنك سترتكب أكبر حماقة في تاريخك". 

أما رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، فشددّ على أن "لبنان ذات سيادة والجيش اللبناني حاضر على الحدود وأقوم بالمسعى الأساسي من أجل ألا يُجر لبنان إلى حرب". 

فكيف رسم شبح الحرب خريطة النزوح في جنوب لبنان؟

نزوح أغلب سكان المناطق الحدودية

على طريق في عيناتا جنوبي لبنان، استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي سيارة مدنية فأودى بحياة 3 شقيقات هن: ريماس، وتالين، وليان شور، وجدتهنّ، بينما كنّ يُحاولن الهرب نحو مكان أكثر أمنًا في العاصمة بيروت. 

وكان ذلك في وقت لم تتوقف فيه غارات جيش الاحتلال منذ أسابيع، من شبعا شرقًا إلى الناقورة غربًا مرورًا بالقطاع الأوسط الذي يُعد معقل "حزب الله" شعبيًا وعسكريًا.

وتوسعت رقعة القصف لتصل إلى عمق يتراوح بين 5 و8 كيلومترات من الخط الأزرق، بل وصلت أحيانًا إلى أبعد من ذلك إذ استهدف القصف سيارة على بعد نحو 45 كيلومترًا في عمق الأراضي اللبنانية يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الفائت. 

هذا التصعيد، دفع بأكثر من 55 ألف شخص يعيشون في قرى متاخمة للخط الأزرق من بينها علما الشعب ورميش وبليدا وميس الجبل، إلى النزوح نحو مناطق غير حدودية في محافظة الجنوب. 

بينما توجه بعض النازحين الآخرين، نحو محافظات أخرى من بينها النبطية وجبل لبنان والبقاع. 

بعض المناطق اللبنانية التي شهدت حركات نزوح
بعض المناطق اللبنانية التي شهدت حركات نزوح

في هذا الصدد، يؤكد نائب رئيس اتحاد بلديات قضاء صور حسن حمود أن "النازح فعليًا هم كل السكان تقريبًا، فقد نزح أكثر من 90% من سكان الشريط الحدودي إلى مناطق آمنة".

ويلفت حمود، إلى أن ليس كل من غادروا سجلوا أسماءهم الناس كنازحين، إذ "من يملك بيتاً آخرًا لم يسجّل نفسه كنازح".    

ويضيف: "من هنا يُمكن أن نقارن الأرقام.. فمثلًا مدينة بنت جبيل عدد سكانها أكثر من 30 ألف نسمة.. هؤلاء جميعًا تقريبًا قد نزحوا منها لكن قد لا يكون عدد المسجلين قد تخطى الـ5 آلاف من هذه المدينة". 

مناطق توزع النازحين من جنوب لبنان

فبنت جبيل شَـهِدت أكبر عددٍ من النازحينَ بنسبة 41%، تليها مرجعيون بنسبة 37%، فيما تَوزّع 73% من إجمالي النازحين على 5 مناطق أساسيةٍ من إجمالي 25 منطقةً يوجدون فيها. وهذه المناطق هي: صور، والنبطية، وبيروت، وصيدا، وعاليه.

ومدينة صور وحدها استقبلت نحو 17 ألف نازح، بينما استقبلت النبطية أكثر من 8 آلاف نازح.

ويعيش 71% من النازحين مع عائلات مضيفة، في حين اختار 23% منهم تأجير مساكن خاصة، أما 2% منهم يعيشون في مراكز إيواء جماعية بلغ عددها 12 مركزًا 4 منها في صور. 

ويوضح نائب رئيس اتحاد بلديات قضاء صور في هذا الإطار أن عدد النازحين المسجلين في صور هو 16273 نازحًا، في حين أنشأت البلدية 4 مراكز إيواء قسم منها مدارس رسمية

أما بقية النازحين، فيتوزعون في قرى قضاء صور وموجودين في بيوت دون إيجار وفق حمود، مثل برج رحال في العباسية ودير قانون النهر، وطورا، وهم "بضيافة أهلهم وليسوا بمراكز لجوء".

كيف أثرت "طوفان الأقصى" على سكان البلدات الإسرائيلية؟ 

خطة إخلاء الإسرائيليين على حدود لبنان

أما على الجانب الآخر من الخريطة، فلم يكن المشهد مختلفًا، بل كانت وتيرة النزوح أعلى في البلدات الإسرائيلية المتاخمة لحدود لبنان.  

فصواريخ "حزب الله" والفصائل الفلسطينية وصلت مناطق عدة أبرزها كريات شمونة، ونقاط عديدة أخرى في الجليل الأعلى، إضافة إلى مواقع عسكرية إسرائيلية قريبة من الحدود منها موقع "المرج" العسكري وثكنة رميم.

هذا الأمر، دفع إسرائيل إلى تفعيل خطة أولية لإخلاء 28 بلدة تبعد كيلومترين عن الحدود اللبنانية، ونزح منها نحو 27 ألف شخص.   

وسرعان ما عادت سلطات الاحتلال وأعلنت إخلاء 14 بلدة إضافية تقع على بعد 2 إلى 5 كيلومترات، وهو ما أدى إلى نزوح 11 ألف شخص إضافي.

مناطق غلاف غزة التي نزح منها الإسرائيليون
مناطق غلاف غزة التي نزح منها الإسرائيليون

أما أكبر عملية نزوح فكانت من نصيب كريات شمونة إذ بلغت 23 ألف شخص، ليتجاوز عدد النازحين من الشمال أكثر من 60 ألفًا لجؤوا إلى فنادق بتمويل من الدولة في أماكن متفرقة.

ومن بين الأماكن التي لجأ إليها سكان البلدات الحدودية: حيفا، وتل أبيب، وإيلات، إضافة إلى طبريا التي تضخّم عدد السكان فيها بنسبة 20% بعد استقبالها أكثر من 10 آلاف شخص توزعوا على أماكن متفرقة من بينها 35 فندقًا. 

حول هذا الموضوع صرّح بيني غانتس الوزير في حكومة الطوارئ الإسرائيلية أن "إسرائيل تسعى إلى تحقيق الأمن في المنطقة الشمالية مثلما تسعى إلى تحقيق الأمن في أي مكان آخر. وسوف تستمر في القيام بكل ما يلزم لذلك". 

سكان غلاف غزة يرفضون العودة

ولم يكن المشهد مغايرًا في مناطق الجنوب بفلسطين، حيث شهد حركة نزوح ضخمة إثر عملية "طوفان الأقصى"، إذ يُقدّر عدد النازحين الذين أخلوا منازلهم بأوامر من الدولة بأكثر من 70 ألف شخص. 

عدد كبير من هؤلاء يعيشون في بلدات غلاف غزة التي تبعد مسافة 4 كيلومترات عن القطاع، بعد أن أصبحت هدفًا دائمًا لصواريخ الفصائل الفلسطينية. 

فبأوامر من إسرائيل، أخلى عشرات الآلاف بلدات عدة من بينها ناحال عوز، وإيرز، وزيكيم، كما أخلت الحكومة 29 بلدة أخرى على بعد 4 و7 كيلومترات عن غزة ليبلغ عدد النازحين منها 18 ألف شخص. 

أما مستوطنة سديروت مثلًا، فتحولت إلى ما وصف بـ"مدينة الأشباح" بعد أن نزح منها نحو 30 ألف شخص بحسب وسائل إعلام عبرية.   

وبذلك، وصل العدد الإجمالي للنازحين الذين تلقوا أوامر إخلاء مباشرة من الحكومة 130 ألف شخص يُقيمون في أكثر من 280 دار ضيافة وفندق في أنحاء الأراضي المحتلة، ضمن خطط إخلاء شمالًا وجنوبًا كلّفت الحكومة الإسرائيلية نحو 700 مليون شيكل.

لكن المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي أشار إلى أن العدد الفعلي للنازحين بلغ أكثر من ربع مليون شخص، اختار كثيرٌ منهم النزوح من تلقاء أنفسهم دون تلقي أي أوامر مباشرة بالإخلاء.

ورغم تأكيد وزير الدفاع الإسرائيلي على عودة سكان غلاف غزة إلى منازلهم في بداية العام الجديد، فإنّ كثيرًا من الإسرائيليين يرفضون العودة.

وسبب ذلك، عدم شعورهم بالأمان في المناطق التي زعمت إسرائيل دومًا أنها آمنة، والتي ستتطلب إعادة تجهيزها وبنائها المليارات، وفق "الغارديان".

لكن على الحدود مع لبنان المسألة تبدو أكثر تعقيدًا، فرغم أن الحرب لم تبدأ هناك إلى أن المناوشات الدائمة جعلت من المنطقة شبه عسكرية، ما يعني أن استعادة الأمن قد يأخذ وقتًا أطول حسب وزير الأمن الإسرائيلي غالانت، في ظل فقدان السكان هناك ثقتهم في الحكومة الإسرائيلية.

المصادر:
العربي

شارك

Close