السبت 18 مايو / مايو 2024

"الإصلاح المنشود" للنظام السياسي الفلسطيني.. أي عوائق أمام الخطة؟

"الإصلاح المنشود" للنظام السياسي الفلسطيني.. أي عوائق أمام الخطة؟

Changed

تتحدث إشارات واردة من السلطة الفلسطينية عن عدم ارتياح للمقاربة الأميركية بشأن حكومة التكنوقراط
تتحدث إشارات واردة من السلطة الفلسطينية عن عدم ارتياح للمقاربة الأميركية بشأن حكومة التكنوقراط - غيتي
استدعت الحرب غير المسبوقة على غزة حديثًا أكثر قوة عن ضرورة الإصلاح القائم على مقاربة فلسطينية بحتة، وباعتباره إصلاحًا ملحًا في خضم مأساة غزة.

حرك العدوان الإسرائيلي على غزة مياهًا راكدة من جديد بشأن الدعوات لإصلاح السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، وذلك بعد حديث أثارته الولايات المتحدة في محاولة لثني إسرائيل عن رفضها عودة السلطة إلى غزة في سياق "اليوم التالي للحرب".

وسبق المقاربة الأميركية بسنوات دعوات فلسطينية لإصلاح النظام السياسي الفلسطيني، بينما تفرضها الحرب الإسرائيلية الحالية باعتبارها "ضرورة ملحة".

عدم ارتياح للمقاربة الأميركية

وتتحدث إشارات واردة من السلطة الفلسطينية عن عدم ارتياح للمقاربة الأميركية بشأن حكومة التكنوقراط، في إطار الدعوات لتجديد السلطة، رغم موقف إسرائيلي واضح يرفض التعاطي مع أي كيان فلسطيني، وتحديدًا عند الحديث عن إدارة غزة.

فهذه المواقف الأميركية والإسرائيلية نظر إليهما على أنهما يقوضان تأثير الفصائل، حيث دفعت قيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" إلى حراك يقضي بحوار مع حركة "حماس" لإدماجها في منظمة التحرير وفق برنامج المنظمة، على أن تتفاهما على تشكيل حكومة توافق لا تكنوقراط.

وهذا المسار، أشار إليه وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي على هامش زيارته برلين، حينما قال: إن "السلطة لا تخجل من طرح مطلب الإصلاح، وإنها وضعت له خطة".

رؤية السلطة للإصلاح

من جهته، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية مؤخرًا عن حزمة من الإجراءات قال إنها تندرج في سياق برنامج إصلاح تبنته حكومتُه منذ سنتين، وتمثلت بعضُ نقاطه بتعيينات جديدة وتغييرات عامة ضمن خطوات متراكمة.

كما تحدث اشتية عن عوائق أمام خطوات الإصلاح، أبرزها الاحتلال الإسرائيلي، في حين طالبت السلطة في أوقات سابقة بتمكين السلطة من الإصلاح المنشود.

لكنّ أصواتًا فلسطينية وعربية ترى أن الإصلاح الفلسطيني المطلوب لترتيب البيت الداخلي يجب أن يكون أكبر وأشمل من البرنامج الإصلاحي الذي أعلنه اشتية.

أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية مؤخرًا عن حزمة من الإجراءات قال إنها تندرج في سياق برنامج إصلاح تبنته حكومتُه منذ سنتين
أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني عن حزمة من الإجراءات قال إنها تندرج في سياق برنامج إصلاح تبنته حكومتُه منذ سنتين - غيتي

مقاربة فلسطينية بحتة

وعليه فإنّ الإصلاح يجب أن يكون منسجمًا مع حجم الكارثة التي أحدثها الاحتلال في غزة نتيجة عدوانه المستمر منذ أكثر من أربعة أشهر، على أنْ يبدأ بإصلاح منظمة التحرير ودخول حركة حماس إليها ضمن برنامج مُوحد، بناء على دعوات متصاعدة.

بيد أنّ دعوات إصلاح منظمة التحرير أو إعادة بنائها طالما تم الحديث عنها وخاصة ضمن اجتماعات واتفاقات سابقة بين حركتي فتح وحماس وبحضور كل الفصائل، لكن دون أي تنفيذ.

وكانت أي محاولات للإصلاح تنتهي بتبادل الاتهامات بين حركتي فتح وحماس.

لكنّ الحرب غير المسبوقة على غزة استدعتْ حديثًا أكثر قوة هذه المرة عن ضرورة الإصلاح القائم على مقاربة فلسطينية بحتة، وباعتباره إصلاحًا ملحًا في خضم مأساة غزة، وسط تساؤلات بشأن شكل الإصلاح وطبيعته، ومدى استعداد صناع القرار الفلسطينيين له أساسًا.

"الاستثمار السياسي للمعركة"

وفي هذا السياق، قال طاهر النونو، مستشار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، "من وجهة نظرنا نرى ضرورة إعادة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه سابقًا من إعادة بناء وصياغة النظام السياسي الفلسطيني وترتيب البيت الفلسطيني وفق صيغة واحدة على أسس من الشراكة".

وأضاف النونو في حديث إلى "العربي" من الدوحة، أن "المفهوم الغربي والأميركي والإسرائيلي للإصلاح الفلسطيني هو صياغة سلطة فلسطينية جديدة على أسس وقواعد أكثر التصاقًا بالمنهج الغربي وهو ما يقال عنه أحيانًا بالسلطة المتجددة، أي سلطة تندمج في إطار تسوية سياسية أو في مسار الرؤية الأميركية للحل وهو ليس المسار الذي نقصده نحن بالوحدة الوطنية".

واعتبر النونو: "أن الهدف الذي تتحدث عنه الولايات المتحدة وإسرائيل هو إبعاد أي مفهوم من مفاهيم المقاومة".

وأشار النونو إلى أن "الأولوية الآن هي لوقف حرب الإبادة على الفلسطينيين، ثم الاستثمار السياسي للمعركة من قبل كل أطياف الشعب الفلسطيني". 

"الخروج من العباءة التنظيمية"

بدوره، رأى الباحث السياسي سليمان بشارات أن "الظروف التي تمر بها القضية الفلسطينية تختلف عن كل الظروف وبالتالي يجب أن يكون هناك تعال على طبيعة الخطاب الفلسطيني الداخلي".

وأضاف بشارات في حديث لـ "العربي" من نابلس: "يجب الخروج من حالة أن السلطة الفلسطينية هي التي تمثل فقط بالسلطة الفلسطينية، وبالتالي يجب أن نعيد الاعتبار إلى الكل الفلسطيني بكل شرائحه".

ومضى يقول: "إن الشعب الفلسطيني الذي غيب على مدار سنوات من أن يكون شريكًا في كيفية إعادة هيكلة النظام السياسي الفلسطيني بمعنى يجب أن يعود إليه الخيار مرة أخرى لأن الشعب لن يسمح بعد هذه الحرب بأن يظل يتلقى خطابات من تنظيمات سياسية".

الحرب على قطاع غزة أعادت مقاربات داخلية للوحدة والإصلاح إلى الواجهة من جديد
الحرب على قطاع غزة أعادت مقاربات داخلية للوحدة والإصلاح إلى الواجهة من جديد - غيتي

واستدرك قائلًا: "على التنظيمات والفصائل الفلسطينية أن تخرج من تحت العباءة التنظيمية الضيقة إلى الخطاب الوطني الشمولي الذي يعبر عن هم المواطن الفلسطيني، ولا سيما أن واشنطن لن تكون حريصة على الوحدة الفلسطينية لأن لديها مقاربات تتعلق بحماية الكيان الإسرائيلي".

وراح يقول: "يجب على فتح وحماس أن يقودا عملية إعادة تجديد وتطوير الكل الفلسطيني في حالة فلسطينية متكاملة".

"مصلحة إستراتيجية"

من جانبه، اعتبر القيادي في حركة فتح محمد الحوراني: "السلطة الفلسطينية تقدمت بمجموعة من الأفكار تتعلق بالإصلاحات على المستوى القضائي وغيره، وهذا يتطلب إيجاد طريق لاستعادة وحدة المجتمع الفلسطيني في إطار منظمة التحرير".

وأضاف الحوراني في حديث لـ "العربي" من رام الله: "الأولوية القصوى الآن هي لوقف العدوان الإسرائيلي القاتل على غزة، وتشكيل حكومة وفاق وطني يشارك في الحوار حولها كل الأطراف بما فيها حماس وتكون مقبولة من العالم لمساعدة غزة وإعادة إعمارها ثم التحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية".

ومضى يقول: "حكومة التوافق هي الخطوة الأولى والمهمة باتجاه خلق حكومة تعبر عن كل الأطراف التي شاركت في الحوار حولها، وهي الخطوة الإستراتيجية التي تعيد تركيب النظام السياسي الفلسطيني".

وأردف قائلًا: "هذه الطريقة تجنب الفلسطينيين التدخلات الخارجية، لأن الخارج يريد إبعاد الحالة الرسمية الفلسطينية بإرثها الوطني بحق تقرير المصير".

وذهب الحوراني للقول: "إن مأساة الشعب الفلسطيني الراهنة يجب أن تكون الدافع للوحدة وعلى كل الأطراف بما فيها فتح وحماس والفصائل لتحقيق وحدة الشعب الفلسطيني كونها مصلحة إستراتيجية عليا وخاصة أن حكومة نتنياهو استغلت الانقسام الفلسطيني لدفن أي مسار سياسي ولذلك يجب استعادة الوحدة".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close