الثلاثاء 30 أبريل / أبريل 2024

الواحة السوداء.. الأردن يسعى إلى إدراج "أم الجِمال" على قائمة التراث العالمي

الواحة السوداء.. الأردن يسعى إلى إدراج "أم الجِمال" على قائمة التراث العالمي

Changed

تقرير لـ"العربي" حول منطقة أم الجِمال التي يسعى الأردن إلى إدراجها على قائمة التراث العالمي (الصورة: غيتي)
تلقب أم الجمال بـ"الواحة السوداء" بسبب ما تحتويه من الأحجار البركانية السوداء، وهي مدينة رومانية أثرية تقع على بعد 86 كلم من العاصمة عمّان.

يسعى الأردن منذ نحو 4 أعوام إلى إدراج الموقع الأثري أم الجِمال الواقع في صحراء شرق المملكة ضمن قائمة التراث العالمي باستكمال خطط ترميمه.

وأم الجِمال مدينة رومانية أثرية تقع على بعد 86 كيلومترًا من العاصمة عمّان بالقرب من مدينة المفرق على مقربة من الحدود السورية في أقصى الشمال الأردني، وتتميز ببواباتها الحجرية وهي تعرف باسم "الواحة السوداء" إذ تحوي أعدادًا كبيرة من الأحجار البركانية السوداء.

وتعد مدينة أم الجمال الأثرية في الأردن، واحدة من أهم المواقع السياحية في البلاد التي تجذب الآلاف من السائحين سنويًا في المملكة.

وتبلغ مساحة المدينة نحو 5 كيلومترات مربعة، وتعد واحدة من أقدم المواقع التاريخية في البلاد. واشتهرت المدينة في حقبات سابقة كونها ربطت بين فلسطين والأردن من جهة وسوريا والعراق من جهة أخرى.

وتشير دراسات تاريخية إلى تعرض تلك المدينة لزلزال مدمر أدى إلى هدم بعض أبنيتها، لكن الأمويين أعادوا بناء أجزاء واسعة منها، ولا يزال يلاحظ وجود أعمال ترميم حتى الآن، والتي تساعد على إظهار النقوش النبطية واليونانية، واللاتينية والعربية.

وفي هذا الإطار، يقول فادي بلعاوي مدير دائرة الآثار العامة: "يستحق الموقع أن يكون على قائمة التراث العالمي، رغم أننا تأخرنا في عملية إدراجه، ولكن كان ذلك بسبب العمل على الموقع الأثري وترميمه وصيانته وتحضير خطة إدارته والمحافظة عليه".

وأشار بلعاوي إلى أنه يحق للدول ترشيح موقع أثري كل عام لإدراجه ضمن القائمة، مضيفًا: "ونحن اخترنا أم الجِمال لاستكمالها شروط كيفية تأثير الإنسان فيها، واستخدام حجر مميز في العمارة هناك، ووجود المجتمع المحلي وتفاعله مع الموقع".

أم الجِمال مدينة رومانية أثرية تقع على بعد 86 كيلو مترا من العاصمة ع
أم الجِمال مدينة رومانية أثرية تقع على بعد 86 كيلو مترا من العاصمة عمان - غيتي

ويبلغ عدد المواقع الأثرية الأردنية المدرجة في قائمة التراث العالمي ستة مواقع، منها البتراء ومحمية وادي رم.

ويقول بلعاوي: إن ما يميز موقع أم الجِمال هو "الحجز البازلتي الأسود الذي بني به، كما أن وجوده في منطقة نائية شكل نقطة مهمة جدًا ودليلًا على تغيير في الحضارات ومحاولة توفير العناصر الأساسية للحياة".

ويضيف أن "عمارة الموقع تدل على كيف عاش الإنسان في المنطقة وتأقلم معها وكيف طوع البيئة وحولها من منطقة صحراوية نائية إلى نقطة جذب للحضارات استمرت عدة قرون".

ويرى بلعاوي أن بناء الموقع، الذي سكنه الأنباط وتوالت عليه الحضارات وصولًا إلى الحضارة الأموية الإسلامية، بحجر البازلت وهو حجر شديد القسوة "وعملية التعامل معه صعبة وتحتاج إلى إمكانيات معمارية وهندسية كبيرة وبنية جسدية قوية" يزيد من أهمية الموقع الأثري.

ويوصف موقع أم الجِمال بأنه متحف جيولوجي أثري تاريخي ويضم أحواضًا مائية مسقوفة أو مكشوفة و150 تجمعًا سكنيًا وأكثر من 17 كنيسة ومقابر وثكنات عسكرية وبقايا حصون.

تلقب أم الجمال بـ"الواحة السوداء" بسبب ما تحتويه من الأحجار البركانية السوداء،
تلقب أم الجمال بـ"الواحة السوداء" بسبب ما تحتويه من الأحجار البركانية السوداء - غيتي

ويؤكد بلعاوي أن تفاعل المجتمع المحلي مع الموقع من حيث المحافظة عليه وصيانته يميزه وبخاصة أن أهل المنطقة لديهم خبرات يتوارثونها جيلًا بعد جيل بتقديم خدمات متميزة يحتاجها السائح.

ويضيف "أن خطتنا المستقبلية لأم الجِمال هي تفسير وتقديم الموقع بعدة طرق وليس كمنظر فقط للزيارة وإنما تقديم التجربة في الموقع للسائح والتفاعل معه ومع المجتمع المحلي".

وارتفع الدخل السياحي بالأردن 243% في النصف الأول من العام الحالي، ليصل إلى 2.19 مليار دولار مقارنة مع 641 مليون دولار في الفترة نفسها من 2021.

ويعود ذلك إلى زيادة أعداد السياح في النصف الأول إلى 1.9 مليون سائح مقارنة مع 500 ألف في الفترة نفسها من العام الماضي.

بدورها تقول سمر عرمان، والتي تعمل كدليل سياحي من أبناء المنطقة: إن "المجتمع المحلي متفاعل مع الموقع ويشتغل مع دائرة الآثار في خطة إدراجه، وجزء من واجب المجتمع الحفاظ على الموقع وزيادة الوعي مهم لجميع فئاته".

وتبين عرمان (32 عامًا) أن الرابط بين المجتمع المحلي والموقع الأثري يعود لزمن بعيد "ولكن في عام 1970 كانت آخر عائلة أردنية تسكن داخله، ومن ثم خرجت وبنت بيوتًا على أطراف الموقع وعاشت فيها".

وتؤكد على أن "دورنا كمجتمع محلي أن نرحب بالضيوف ونوفر المبيت لهم ونقدم لهم تجربة تذوق الطعام المحلي وكيفية نحت حجز البازلت".

وتشير إلى أن استفادة المجتمع المحلي تعتمد على عدد الزوار الذين يأتون إلى هذا المكان، وإدراجه على قائمة التراث العالمي خطوة مهمة وكبيرة.

من جانبها تقول سميحة المساعيد رئيسة جمعية أم الجِمال للمحافظة على التراث، إنّ إدراج الموقع على قائمة التراث العالمي سيزيد من عدد السياح وبالتالي فسينتعش نشاط الجمعية.

وتؤكد المساعيد، التي تعمل مع الفتيات في الجمعية على نحت حجر البازلت الأسود، أن الاستفادة من إدراج أم الجِمال على القائمة سيعم بالفائدة على العاملات في الجمعية والمجتمع المحلي.

وفي حديث سابق لـ"العربي"، قالت نجد مزاهرة، المشرفة التابعة لدائرة الآثار العامة في الأردن: إن أم الجِمال باتت مقصد السياح بسبب تميزها بلون الأحجار السوداء، وهي كانت ملجأ للمسيحيين الذين قدموا إلى الأردن في الفترة البيزنطية.

وأوضحت مزاهرة أن الموقع الأثري يضم ثكنة عسكرية، و17 كنيسة تعود للعصر البيزنطي، إضافة إلى خزان مائي و33 بركة مائية تعود إلى العصور الرومانية. وكذلك يضم 150 وحدة سكنية ومبنى محكمة مع الأسوار التي كانت تحد المدينة وكذلك البوابة الرئيسة لها.

وقالت المشرفة التابعة لدائرة الآثار العامة: إن المدينة تحتوي على موقعين للنقوش العربية، تعود لحقبة ما قبل الإسلام، الأول يعود لقائد يدعى فهرو بن سلي، وقد احتوى عبارة: "إن هذا الحجر، هو ذكرى لفهرو بن سلي الذي كان مدرسًا للملك جذيمة".

والعام الماضي، وافقت لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، خلال دورتها الـ44، على إدراج مدينة السلط الأردنية على قائمة التراث العالمي.

المصادر:
العربي - رويترز

شارك القصة

تابع القراءة
Close