في سابقة مثيرة للانتباه، صوّت مجلس النواب الجزائري بالغالبية على تجريد نائب من ولايته؛ عقب اكتشاف عمله السابق كممرض عسكري في الفيلق الأجنبي للجيش الفرنسي، وذلك بناء على طلب تقدم به وزير العدل حول القضية.
ونشر موقع المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، اليوم الخميس، قرار "جلسة مغلقة" عقدها، أمس الأربعاء، بإسقاط عضوية النائب بَخضرة محمد ممثل الجزائريين في الدائرة الانتخابية فرنسا-2 "بأغلبية أعضائه".
وجاء التصويت بعد تقرير للجنة القانونية في المجلس، اعتبرت فيه أن النائب بخضرة محمد "لم يكن يملك الأهلية للترشح" وأن قانون الانتخابات ينص على أن النائب يفقد مقعده بفقدان هذه الأهلية.
وقد اعترف النائب بعمله في جيش أجنبي برتبة عريف، وهذا الأمر اعتبره التقرير يجعل "ولاءه لدولة أجنبية"، هي المستعمر السابق وليس لوطنه.
كيف برّر النائب المعزول؟
وكان النائب ردّ على هذه الاتهامات في فيديو نشره على صفحته على موقع فيسبوك قال فيه: "لا يمكن إسقاط ولايتي بمجرد أني عملت سابقًا كممرض عسكري في جيش أجنبي بعقد قصير وسبق لي أن طويت هذه الصفحة منذ 15 سنة، وأنا لم أخن بلادي بحيث لا يوجد أي قانون يمنع ذلك".
وأضاف: "كان عمري 29 سنة واليوم 50 سنة، وعملت في الجيش الفرنسي لحاجة ماسة حتى لا يتم طردي بسبب الهجرة غير الشرعية" و"إنهاء أحلامي في إتمام دراستي".
وأكد بخضرة أنه "لم يخف هذا الموضوع عن السلطات الجزائرية".
والفيلق الأجنبي وحدة من قوات النخبة في الجيش الفرنسي، تضم أكثر من 9000 رجل، يمكن أن ينضم إليها مجندون تراوح أعمارهم بين 17 و39 عامًا من جميع أنحاء العالم. وبعد عدة سنوات أو باسم "التضحية بالدم" في القتال، يمكن أن يحصل المجنّد على الجنسية الفرنسية.
وينتمي محمد بخضرة لحزب الجبهة الوطنية الجزائرية، وهو النائب الوحيد عن هذا الحزب بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في يونيو/ حزيران 2021، وبإسقاط عضويته يصبح الحزب غير ممثل في البرلمان.
ويرأس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي، وهو "ابن شهيد" أي أن والده قتل خلال حرب تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي (1954-1962).
مجازر فرنسا "لا يطويها النسيان"
وتستعد الجزائر للاحتفال بالذكرى الستين للاستقلال في 5 يوليو/ تموز.
وقبل أسابيع، أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن "المجازر البشعة" التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في بلاده "لا يمكن أن يطويها النسيان"، وذلك في رسالة وجهها للشعب الجزائري بمناسبة الذكرى الـ77 لمجازر 8 مايو/ أيار 1945. التي ارتكبها جيش الاستعمار الفرنسي بحق متظاهرين جزائريين، راح ضحيتها حسب تقديرات رسمية 45 ألف شهيد، خرجوا بمظاهرات للمطالبة باستقلال بلادهم.
وتطالب الجزائر منذ سنوات فرنسا بالاعتراف والاعتذار والتعويض عن جرائمها الاستعمارية، لكن باريس تطالب في كل مرة بطي صفحة الماضي والتوجه نحو المستقبل.
وتتفاوض الجزائر وفرنسا حول 4 ملفات تاريخية عالقة؛ أولها الأرشيف الجزائري الذي ترفض السلطات الفرنسية تسليمه، وثانيها استرجاع جماجم قادة الثورات الشعبية.
أما الملف الثالث، فهو تعويض ضحايا التجارب النووية، التي أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية بين عامَي (1960 و1966)، والرابع يخص استجلاء مصير المفقودين خلال ثورة التحرير (1954-1962) وعددهم ألفان و200، حسب السلطات الجزائرية.