الأربعاء 1 مايو / مايو 2024

بعد كوفيد.. هل ستحسم لقاحات الحمض النووي الريبوزي المعركة مع السرطان؟

بعد كوفيد.. هل ستحسم لقاحات الحمض النووي الريبوزي المعركة مع السرطان؟

Changed

برنامج "شبابيك" يناقش احتمال استخدام تقنية لقاحات كورونا في الحرب على السرطان (الصورة: غيتي)
بدأ فريق من جامعة ديوك بولاية نورث كارولينا باختبار لقاحات للسرطان تستخدم تقنية "إم أر إن إيه" التي استخدمت في تطوير بعض اللقاحات المضادة لكوفيد-19.

يدرس العلماء إمكانية تطوير لقاح للسرطان باستخدام تقنية "إم أر إن إيه" (mRNA) التي استخدمت في تطوير بعض اللقاحات المضادة لفيروس كوفيد-19

فقد بدأ فريق من جامعة ديوك في دورهام بولاية نورث كارولينا في اختبار اللقاحات التي يمكنها تجنيد الجهاز المناعي للالتصاق بالخلايا التي تتكاثر بشكل لا يمكن السيطرة عليه وقتلها، مما يوقف المرض.

وتم إعلان لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال (messenger RNA) المحتملة على أنها "تغير قواعد اللعبة". ويمكن أن تساعد في التغلب على ثاني أكبر سبب للوفاة في أميركا.

ويأتي هذا البحث ضمن توجه أكبر لدمج تقنية "إم أر إن إيه" في المزيد من أشكال العلاج بعد ظهور التكنولوجيا غير المستخدمة لفترة طويلة أثناء الوباء بسبب سهولة تطويرها وتصنيعها.

يغيّر قواعد اللعبة

وفي هذا الإطار، قال زاكاري هارتمان، الأستاذ المساعد في علم المناعة في ديوك، في حديث صحفي: "إذا تمكنا من نشر هذا في عيادة السرطان فإننا نعتقد أنه يمكن أن يغير قواعد اللعبة".

وأثبتت لقطات "إم أر إن إيه"، التي تصنعها شركتا فايزر وموديرنا أنها من أكثر اللقطات التي تم تطويرها فعالية.

ورغم اكتشاف هذه التقنية منذ عقود، لم يتم استخدامها إلى حد كبير قبل أن يجعلها كوفيد في طليعة التقنيات المستخدمة لتطوير اللقاح.

وقال هارتمان عن لقاحات كوفيد تلك: "تذكر أن الناس كانوا يتوقعون أن اللقاح الناجح سيوفر مناعة وقائية لنحو 50% من المرضى، لكن أول لقاحين وفرا أكثر من 90% من الحماية، وهو إنجاز رائع". 

مرض يمكن التحكم به

ويعتقد هارتمان أن هذه التقنية قد تغير طريقة علاج السرطان. وقال لمحطة إخبارية محلية مقرها نورث كارولينا: "أعتقد أنه خلال حياتي سيصبح السرطان مرضًا يمكن التحكم فيه بشكل أكبر".

وأضاف: "لا أعتقد أننا سنكون قادرين على تخليص العالم من السرطان، لكن أعتقد أننا سنكون قادرين على منع الكثير من السرطانات ومن ثم الكثير من السرطانات التي سنتمكن من اكتشافها مبكرًا وعلاجها، سيكون لدينا علاجات فعالة للغاية". 

ويقوم علماء جامعة ديوك حاليًا باختبار لقاح "إم أر إن إيه" لسرطان الثدي، مما يؤدي إلى إنتاج الجسم للعديد من البروتينات وقد يؤدي إلى استجابة مناعية أقوى.

وهذا اللقاح هو حاليًا في المرحلة الثانية من التجارب، ويتم اختباره على 39 امرأة ويتوقع أن تظهر النتائج في وقت لاحق من هذا العام.

لقاحات السرطان

وطور العلماء لقاحات للوقاية من السرطان أو لعلاج المرض لدى المرضى الذين أصيبوا به بالفعل منذ سنوات.

وعلى عكس كوفيد، لا ينشأ السرطان عن طريق فيروس ولكن عندما تبدأ الخلايا في الانقسام بشكل لا يمكن السيطرة عليه بسبب الطفرات.

وقد تحتوي هذه الخلايا على بروتين فريد على سطحها مقارنة بالخلايا الأخرى السليمة.

ويقول العلماء إن حقنة ضد السرطان ستعمل من خلال تعريض جهاز المناعة في الجسم لهذا البروتين. ويأملون أن يؤدي ذلك إلى قيام دفاعات الجسم بمطاردة الخلايا السرطانية وقتلها، وإيقاف المرض.

لكن بعض العلماء يحذرون من أن لقاح السرطان قد لا يعمل أبدًا لأن نظام المناعة لدى المرضى ضعيف بشدة.

كما يحذرون من أنه في بعض الحالات قد لا تبدو الخلايا السرطانية مختلفة عن الخلايا السليمة في الجسم، مما يعني أنه لا يمكن استخدام لقاحات السرطان.

وتمت الموافقة على لقاح واحد فقط من لقاح السرطان -ضد سرطان البروستات- للاستخدام في الولايات المتحدة حتى الآن. ويتم تصنيعه عن طريق استخراج خلايا الدم البيضاء وخلطها مع البروتينات من خلايا سرطان البروستات. ثم يتم إعادة خلايا الدم البيضاء إلى الجسم.

وهذا العلاج متاح حاليًا فقط لمرضى السرطان في المراحل المتأخرة. ولم يثبت أنه يوقف المرض أو يؤدي إلى تقلص الأورام، ولكنه يمكن أن يطيل حياة المرضى لبضعة أشهر.

ولم يكشف العلماء بعد عن السرطان الذي يستهدفونه بجرعات اللقاح الجديد، أو ما إذا كان يستخدم للوقاية من السرطان أو علاجه.

ويعد السرطان ثاني أكبر قاتل في الولايات المتحدة، حيث يتسبب في وفاة أكثر من 600 ألف شخص كل عام.

كيف يختلف هذا اللقاح؟

عادةً ما تستخدم اللقاحات الكلاسيكية فيروسات معطلة أو ضعيفة، إذ يؤدي حقنها في الجسم إلى تحفيز استجابة مناعية من شأنها وقايته من مسببات الأمراض الحية لاحقًا، لكن عملية تطوير هذا النوع من اللقاحات يتطلب العديد من المواد الكيميائية وزراعة خلايا قد يستغرق إنتاجها وقتًا، ما يزيد احتمال حدوث تلوث فيها.

في المقابل، لا تحتوي لقاحات الحمض النووي الريبوزي على مثل هذه المشاكل، وتقوم على برمجة الخلايا البشرية لإنتاج نسخ من جزء من الفيروس بهدف تحفيز جهاز المناعة للهجوم في حال دخول الفيروس الحقيقي إلى الجسم.

الحمض النووي الريبوزي

يأخذ الحمض النووي الريبوزي المرسال التعليمات من الحمض النووي في نواة الخلية، حيث تنسخ امتدادات الجينوم (Genome)، ثم يحملها إلى "السيتوبلازم" (Cytoplasm)، حيث تستخدم مصانع خلوية صغيرة تسمى "الريبوسومات" (Ribosome) المعلومات لإنتاج البروتينات (Protein).

وفي السياق نفسه، اختصرت بيونتك ومودرنا هذه العملية عن طريق تخطي العمليات القائمة في النواة مع الحمض النووي. وبدلًا من ذلك، قام العلماء بتحديد نوع البروتين الذي يجب إنتاجه، ثم نظروا في تسلسل الأحماض التي تصنع هذا البروتين. ومن ذلك، تُستمد التعليمات الدقيقة التي يجب أن يعطيها الحمض النووي الريبوزي المرسال.

الوصول إلى التقنية

وارتأى الباحثون منذ السبعينيات استخدام هذه التقنية لمحاربة جميع أنواع الأمراض، لكنها كانت بحاجة لمبالغ ضخمة والكثير من الوقت والجهد، ما أدّى إلى تعطيل الفكرة. وبعد مضي عقد من الحماس الأكاديمي، فقد الحمض النووي الريبوزي المرسال شعبيته في التسعينيات، حيث ظهرت عقبة رئيسة تمثلت في أن حقنه في الحيوانات غالبًا ما تسبب بحدوث التهاب مميت.

لكن كاتالين كاريكو وهي عالمة مجرية تحملت العديد من المصاعب في تكريس حياتها المهنية بأكملها لأبحاث الحمض النووي الريبوزي المرسال وتحقيق إنجاز مهم للغاية. وفي العقد الأول من القرن 21، أدركت هي وشريكها البحثي أن استبدال "اليوريدين" (Uridine)، أحد "أحرف" الحمض النووي الريبوزي المرسال، يمنع الالتهابات من دون المساس بالشفرة، وبذلك بقيت الفئران المحقونة على قيد الحياة.

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close