السبت 11 مايو / مايو 2024

بنيران "خاطئة".. الاحتلال يقدم رواية "متناقضة" حول استشهاد أبو عاقلة

بنيران "خاطئة".. الاحتلال يقدم رواية "متناقضة" حول استشهاد أبو عاقلة

Changed

مراسل "العربي" يتحدث حول إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي تقريره النهائي بشأن اغتيال الصحافية شرين أبو عاقلة (الصورة: غيتي)
قررت المدعية العسكرية العامة عدم فتح تحقيق جنائي لدى الشرطة العسكرية حيث اعتبرت أنه لا يوجد اشتباه في ارتكاب مخالفة جنائية يبرر فتح التحقيق.

رجّح جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الإثنين، أن تكون الصحافية الفلسطينية-الأميركية شيرين أبو عاقلة قد قُتلت بنيران "خاطئة"، أطلقها جندي إسرائيلي.

وجاء في بيان تضمن الاستنتاجات النهائية للتحقيق الذي أجراه الجيش: "بعد سلسلة التحقيقات التي أجراها فريق مهني متخصص، لا يمكن تحديد، بصورة جازمة، من كان وراء مقتل (الصحافية) شيرين أبو عاقلة، رغم وجود احتمال كبير في أن تكون الصحافية قد قتلت بنيران خاطئة للجيش أثناء إطلاق النار على من تم تشخيصهم كمسلحين فلسطينيين خلال معركة تعرضت فيها القوات الاسرائيلية إلى وابل من الرصاص الكثيف والعشوائي بشكل عرض حياة الجنود للخطر".

احتمال مقتل أبو عاقلة بنيران فلسطينية "قائمًا"

لكن بيان جيش الاحتلال زعم أنّ احتمال أن تكون الشهيدة شيرين أبو عاقلة قُتلت بنيران لمسلحين فلسطينيين "لا يزال قائمًا".

ولفت جيش الاحتلال إلى أن قائد المنطقة الوسطى يهودا فوكس "عرض على رئيس الأركان العامة أفيف كوخافي مؤخرًا الاستنتاجات النهائية للتحقيق في حوادث إطلاق النار التي أدت إلى مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة".

وأكمل: "في إطار التحقيقات، تم استجواب قوة الجيش التي كانت حاضرة في الحادث، كما تم إجراء تحليل دقيق لمسار الأحداث، مع تحليل وفحص الصوت من مكان الحادث مباشرة، إضافة إلى تحليل مُفصّل لمنطقة المساحة وبخاصة مساحة إطلاق النار، والتي تضمنت محاكاة مُفصّلة لما حصل حينها في المنطقة"، حسب مزاعمه.

كما أجريت "فحوصات بالستية، وفحوصات للطب الشرعي من مكان الحادث، كما قام المحققون بفحص معلومات إضافية تم نشرها عن الحادثة، بما فيها معلومات عُرضت من قبل وسائل إعلامية دولية، بما فيها توثيق مصور وصوتي".

صعوبة التشخيص

وأضاف البيان: "في أعقاب مطالبات متكررة، تم نقل الرصاصة (التي تسببت في مقتلها) للفحص في 2 يوليو/ تموز وخضعت لفحص بالستي في مختبر الطب الشرعي من قبل هيئات مهنية إسرائيلية حضرها ممثلون أميركيون مختصون من قبل منسق الأمن الأميركي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية".

وتابع: "في الفحص تحدد، أنه ونظرًا لوضع الرصاصة ونوعية العلامات التي كانت عليها فهناك صعوبة حقيقية بعملية التشخيص حيث لم يستطع الجزم فيما إذا أطلقت أو لم تُطلق الرصاصة من سلاح الجيش الإسرائيلي".

وأردف الجيش الإسرائيلي: "وفقًا لكافة النتائج، تبين أنه لا يمكن تحديد، بشكل جازم، على يد مَن قُتلت شيرين أبو عاقلة، إلا أنه يبدو أن هناك احتمالًا أكبر أن تكون قد أُصيبت عن طريق الخطأ بنيران الجيش الإسرائيلي التي وجّهت نحو من تم تشخيصهم كمسلحين فلسطينيين، خلال معركة تم فيها إطلاق وابل من الرصاص الكثيف والعشوائي، تجاه قوات الجيش، مشكلًا خطرًا على حياتهم".

وقال: "إن نيران جنود الجيش صوبت تجاه المسلحين الذين أطلقوا النار على قواتنا، واحتمال آخر، لا يزال قائمًا، أن تكون أبو عاقلة قد قُتلت بنيران المسلحين الفلسطينيين صوبت نحو المكان الذي تواجدت فيه". وأضاف: "تم فحص آليات وقواعد إطلاق النار وتنفيذه، ولم يرد أي خرق لها".

وكانت السلطة الفلسطينية قد وافقت على إجراء فريق خبراء أميركي فحصًا جنائيًا على الرصاصة في السفارة الأميركية بالقدس المحتلة، وأعلن جيش الاحتلال من جانبه أنه سيفحص الرصاصة بحضور أميركي.

لحظة استهداف الشهيدة شيرين أبو عاقلة كما وثقها الصحافيون الموجودون في المكان - غيتي
لحظة استهداف الشهيدة شيرين أبو عاقلة كما وثقها الصحافيون الموجودون في المكان - غيتي

اعتراف

وقد اعتبر مراسل "العربي" في القدس أحمد دراوشة أن التقرير هو أقرب إلى اعتراف بأن جندي إسرائيلي هو من أطلق النار ما أدى لاستشهاد أبو عاقلة.

كما أشار دراوشة إلى أن تقرير الاحتلال لا يزال يتهرب من بعض النقاط ومنها لماذا استمر إطلاق النار لفترة طويلة جدًا بعد استشهاد الصحافية، حيث تتحدث مصادر فلسطينية عن استمرار إطلاق النار لمدة ربع ساعة رغم صراخ زميلة أبو عاقلة. 

كما لفت المراسل إلى تناقض في التصريحات الإسرائيلية، حيث قال ضابط رفيع في الحيش الإسرائيلي إنه لا يمكن للجنود في المدرعة رؤية الصحافية، بينما قالت تصريحات إسرائيلية سابقة إن الجنود الإسرائيليين يرون كل ما يجري حولهم وإن الرصاص لا يطلق بشكل عشوائي.

لا تحقيق جنائي في الحادث

ولفت بيان الجيش الإسرائيلي إلى أن رئيس أركان الجيش "قَبِل استنتاجات التحقيق، وخَلُص إلى أنه كان عميقًا وشاملًا، وأن فِرَق التحقيق حاولت فعل كل ما بوسعها وبأدق التفاصيل للوصول إلى الحقيقة".

وقال: "بالإضافة إلى ذلك، أكد رئيس هيئة الأركان، وفقًا لنتائج التحقيق، أنه لم يتم تشخيص أبو عاقلة كصحفية، وبالتالي لم يكن هناك إطلاق نار متعمد من قبل مقاتلي جيش الدفاع لاستهداف الصحافية".

وأضاف: "مع انتهاء التحقيق، تم نقل كافة المعطيات إلى فحص النيابة العامة العسكرية، حيث تم عرض تحليل مفصل للبيانات التي تم جمعها، وإعطاء استجابة للأسئلة التوضيحية التي وجهت إلى فريق التحقيق".

وذكر البيان أن المدعية العسكرية العامة للجيش لن تفتح تحقيقًا جنائيًا في الحادث.

وأضاف: "بعد دراسة وفحص شامل للحادثة، واستنادًا إلى كافة المعطيات المتوفرة، وجدت المدعية العسكرية العامة أنه ووفقًا لظروف الحادثة، لا يوجد اشتباه في ارتكاب مخالفة جنائية يبرر فتح تحقيق جنائي لدى الشرطة العسكرية".

من جهته، أعرب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي عن أسفه لمقتل الصحافية أبو عاقلة. وقال في البيان نفسه: "مقتل شيرين أبو عاقلة هو حدث مؤسف".

وأضاف كوخافي: "تواجدت المراسلة في ساحة مهددة بالخطر، وفي ذروة معركة استمرت إلى ما يقارب الساعة، خلالها عَمد مسلحون فلسطينيون إلى إطلاق النار بشكل مكثف تجاه جنود الجيش، معرضين حياتهم للخطر، إطلاق نار عشوائي وفي كل الاتجاهات"، حسب زعمه.

تحقيقات متعددة ونتيجة واحدة

واستشهدت أبو عاقلة التي كانت تعمل مراسلة لقناة "الجزيرة" القطرية، أثناء تغطيتها اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي لمدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة، في 11 مايو/ أيار 2022، وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إنها أُصيبت برصاص الجيش الإسرائيلي في الرأس أثناء تغطيتها اقتحامه لمدينة جنين شمالي الضفة الغربية.

وأعلن النائب العام الفلسطيني أكرم الخطيب، عن نتائج تحقيقات النيابة العامة الفلسطينية في 26 مايو/ أيار الماضي. وخلصت إلى أن أبو عاقلة قتلت برصاص قناص إسرائيلي "من دون تحذير مسبق".

كما خلصت تحقيقات أجرتها مؤسسات صحافية أميركية رائدة، مثل قناة "CNN"، ووكالة "أسوشيتد برس"، وصحيفتا "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز"، إلى أن أبو عاقلة قُتلت برصاص إسرائيلي. وأجرت قناة "الجزيرة" حيث كانت تعمل أبو عاقلة تحقيقًا توصّل إلى النتيجة ذاتها.

وفي أواخر يوليو/ تموز الفائت، أعلن برلمانيون أميركيون منتخبون من الجناح اليساري بالحزب الديمقراطي تقديم مشروع قانون يهدف لدفع الولايات المتحدة لإجراء تحقيقها الخاص في عملية اغتيال الصحافية وتحديد مصدر مطلق النار عليها، وهي خطوة لم يُعط الرئيس الأميركي جو بايدن أي وعود في شأنها حتى الآن.

وكانت عائلة أبو عاقلة قد اجتمعت بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في واشنطن في يوليو الفائت لتطلب منه محاسبة إسرائيل، لكنّ الأخير لم يلتزم بفتح تحقيق مستقلّ.

كما حددت الخارجية الأميركية في 3 يوليو/ تموز الفائت استنادًا إلى تحقيقات إسرائيلية وفلسطينية، أنّ أبو عاقلة قُتلت "على الأرجح" بنيران من موقع إسرائيليّ من دون وجود سبب للاعتقاد بأنّ مقتلها كان متعمدًا، وأشارت إلى أنّ الرصاصة التي قُتلت بها أبو عاقلة كانت "متضررة" ولم يتمكن الخبراء من تحديد مصدرها.

وترى عائلة شيرين أنّ تحقيق الإدارة الأميركية تجنّب تحميل إسرائيل مسؤولية مقتل ابنتها وهو ما اعتبرته العائلة تقويضًا للعدالة وضربًا لتحقيقات الأمم المتحدة وعدد من وسائل الإعلام الدولية التي أثبتت أن الجيش الإسرائيلي هو من قتلها.

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة