Skip to main content

بين تسويات إيران وأزمات إسرائيل.. ما وراء الضربات داخل سوريا؟

السبت 8 أبريل 2023

تصاعدت وتيرة الاستهداف الإسرائيلي وتوسعت دائرة الضربات الجوية ضد القواعد العسكرية لقوات النظام السوري وتلك التي ينتشر فيها عناصر تابعة لإيران وحزب الله على الأراضي السورية.

ويلاحظ أن الأهداف الإسرائيلية لم تقتصر على المواقع العسكرية فحسب بل طالت المواقع المدنية أيضًا وخصوصًا المطارات، وذلك بالنظر إلى الضربات السابقة.

ما هو بنك الأهداف الذي تضعه إسرائيل؟

مع التدخل الإيراني في الحرب السورية طاردت إسرائيل الشحنات العسكرية التي كانت تنقل إلى حزب الله، وذلك قبل أن تتطور العمليات العسكرية إلى ضرب مواقع عسكرية أكبر.

وبدأت العمليات العسكرية مع مطلع عام 2013 حيث توسعت لتشمل مرابض الصواريخ في مدينة اللاذقية والدفاعات العسكرية للنظام السوري في هضبة الجولان.

وكانت ضمن بنك الأهداف الإسرائيلية مراكز البحوث العلمية في منطقة مصياف وجمراية والتي ضُربت في مناسبات عدة للاشتباه بتطويرها أسلحة غير تقليدية.

أمّا معسكرات الحرس الثوري والميليشيات التابعة لإيران وحزب الله فكانت عرضة للضربات الإسرائيلية بشكل متكرر في مناطق السيدة زينب والحسينية والكسوة جنوبي دمشق.

ولم يستثن بنك الأهداف الإسرائيلية الشخصيات التي يعتقد أنها تشكل خطرًا على الأمن الإسرائيلي، حيث جرت عدة اغتيالات لشخصيات عسكرية إيرانية ولبنانية ناشطة على الأراضي السورية.

وكانت أبرز عمليات الاغتيال تلك التي وقعت في مايو/ أيام عام 2015 عندما استهدفت غارة إسرائيلية سمير القنطار في منطقة جرامانا جنوبي شرق دمشق.

الأهداف الإسرائيلية لم تقتصر على المواقع العسكرية داخل سوريا - غيتي

"إجراء وقائي" ضد إيران

مع تطور الحرب السورية وانكشاف الوجود الإيراني الكبير في سوريا، تتبعت إسرائيل خطوط الإمداد العسكري المتمثلة بالقواعد الجوية بشكل رئيسي، واعتمدت ضرباتها الإستراتيجية على شلّ المطارات دون أن تستثني المطارات المدنية أيضًا.

وتعرض مطار دمشق الدولي لعدة ضربات في مناسبات مختلفة، حيث استهدفت هذه الضربات المخازن الموجودة في محيطه، ولعل الضربات الموجعة كانت عندما أخُرج المطار عن الخدمة في يونيو/ حزيران 2022 ويناير/ كانون الثاني من هذا العام.

كما تعرض مطار حلب الدولي للاستهداف بصواريخ إسرائيلية أخرجته عن الخدمة في مارس/ آذار الماضي. وكان أول استهداف له بعد الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا.

وضع بنك الأهداف الإسرائيلي المطارات العسكرية على رأس قائمة الاستهدافات، إذ طالت الغارات مطارات الضبعة والتيفور الذي تلقى العدد الأكبر من الضربات الإسرائيلية من بين المطارات الأخرى.

كما كان مطار الشعيرات عرضة للغارات الإسرائيلية والذي أخرجته عن الخدمة بالكامل في مارس من عام 2020. وكذلك ضم بنك الأهداف مطار المزة غربي العاصمة والذي تعرض لضربات متفرقة منذ عام 2013.

وتعتبر إسرائيل ضرب هذه الأهداف بمثابة "إجراء وقائي" يهدف إلى منع تمركز العناصر الإيرانية وترسيخ وجودها الميداني، بالإضافة إلى قطع طرق الإمداد التي تشكل الشريان الرئيسي للتواجد على الأراضي السورية.

"مناخ تصالحي" مع إيران والنظام

كثفت إسرائيل ضرباتها الجوية في سوريا، إذ شنت تسع هجمات منذ بدء العام الحالي على مواقع عسكرية يعتقد أنها تدار من قبل إيران والميليشيات المرتبطة بها، بينما تختار إيران إستراتيجية الاحتفاظ بالردّ وتلوح بالانتقام في الوقت الذي تراه مناسبًا.

فالضربات الجوية التي نفذتها إسرائيل الأسبوع الماضي في عدة مواقع سورية أخرجت مطار حلب عن الخدمة وأسفرت عن مقتل اثنين من أفراد الحرس الثوري، بالإضافة إلى عدد من جنود النظام السوري.

وتأتي هذه الضربات التصعيدية من قبل إسرائيل في مناخ إقليمي متصالح مع إيران والنظام السوري، لذا تذهب معظم التقديرات إلى أن طهران ستؤجل أيّ ردّ غير محسوب من وجهة نظرها على هذه الضربات.

فإيران التي انخرطت في عملية تسوية مع جيرانها العرب والدول الأساسية فيها تعلم أنها بذلك قد شقت محورًا معاديًا لها تشكل على مدار العقود الماضية ضدها، وهي بهذا المعنى حريصة على استكمال جولتها الدبلوماسية مع السعودية التي اتفقت معها على استئناف العلاقات بوساطة صينية.

وشمل المناخ المتصالح مع إيران حليفها السوري الذي يدخل مرحلة جديدة من "التأهيل العربي" وطي صفحة العقد الماضي بكل جروحه وآلامه، وذلك مع انفتاح العواصم العربية على دمشق والإشارات التي تشي بعودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية والانخراط في عملية الإعمار ما بعد الحرب.

في هذه الأثناء، يبقى التصعيد عنوان العلاقة بين طهران وتل أبيب، فطهران تعتقد أن الضربات الأخيرة مرتبطة بفشل إسرائيل إبقاء إيران في موقع التهديد الإقليمي مع نجاح الجهود الدبلوماسية بينها وبين جيرانها العرب، مما يرجح أن تقف إيران عند نقطة استيعاب الضربات دون رد قد يشوش على هذه الجهود.

كثفت إسرائيل ضرباتها الجوية في سوريا منذ بداية هذا العام - غيتي

أزمات داخلية إسرائيلية

ويتزامن التصعيد الإسرائيلي مع حزمة أزمات تعاني منها الحكومة الإسرائيلية في الداخل على وقع الاحتجاجات المناهضة للتعديلات القضائية والتصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

فكثافة الهجمات وزخمها في وقت قصير يعكس رغبة حكومة بنيامين نتنياهو في صرف النظر باتجاه التحدي الخارجي القادم من الحدود الشمالية.

يضاف إلى ذلك فشل الإسرائيليين في إقناع الأميركيين بتحييد الملف النووي من خلال سيناريوهات عسكرية، حيث لم تجد تلك المساعي آذانًا مصغية في واشنطن ليبقى الوجود العسكري الأميركي في سوريا هو خط التماس الوحيد مع الإيرانيين.

فرغم اتهام واشنطن لميليشيات إيرانية بالوقوف وراء استهداف القاعدة الأميركية شمال سوريا، فإن جميع تصريحات المسؤولين الأميركيين أفادت بعدم رغبة الولايات المتحدة في تصعيد المواجهة مع إيران في سوريا.

وجراء ذلك بقت إسرائيل وحيدة تقريبًا في مواجهتها مع إيران وحلفائها تناوشها وتحد من حركتها في الميدان السوري على أمل إسرائيلي في أن تفشل عمليات التسوية في المنطقة وتعود عقارب الساعة إلى الوراء لتضبطها على توقيت المواجهة مع طهران مرة أخرى.

الضربات التصعيدية الإسرائيلية تأتي في مناخ إقليمي متصالح مع إيران والنظام - غيتي

خلفيات التصعيد داخل سوريا

وتعليقًا على هذه التطورات في الملف السوري، يرى رئيس تحرير موقع "عرب 48" رامي منصور، أن التصعيد الإسرائيلي داخل سوريا وتكرار عمليات القصف المدني والجوي جاء في أعقاب عملية مجدو وربطها بحزب الله اللبناني.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من مدينة حيفا، إلى أنّ إسرائيل بدت من وراء ضرباتها داخل سوريا كأنها "ترد بشكل غير مباشر على عملية مجدو" عبر استهداف مواقع لميليشيات وعناصر تابعة لإيران.

كما يبين أن إسرائيل "لا تريد الرد داخل لبنان لأنها غير متأكدة من وقوف حزب الله وراء تلك العملية"، بالإضافة إلى وجود انقسامات داخلية إسرائيلية حول هذا الأمر.

لكنه يلفت إلى أن الردود الإسرائيلية على حزب الله وإيران كانت داخل الأراضي السورية وليس في لبنان، مذكّرًا بحادثة إرسال إيران لطائرة مسيّرة أسقطها سلاح الجو الإسرائيلي قبل موجة التصعيد الأخيرة.

وبشأن الاستهداف الإسرائيلي لمواقع مدنية داخل الأراضي السورية، يشدد رامي منصور على أن هذا الأمر تم ذكره من قبل وسائل إعلام تابعة للنظام، حيث لم تتبن إسرائيل استهداف هذه المواقع. ويذكّر كذلك بأنّ إسرائيل لم تعلن عن استهداف شحنات أسلحة لحزب الله.

ويوضح أنّ الضربات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية جاءت كرد فعل انتقامي إسرائيلي على عملية مجدو، مشيرًا إلى أنّ تل أبيب تعمل على منع تمكين إيران من إقامة منشآت عسكرية جديدة.

ويخلص إلى أنّ إسرائيل تعمل من وراء ضرباتها داخل الأراضي السورية على منع تزويد إيران لحزب الله بأدوات تمكنه من تطوير دقة صواريخه في سوريا أو لبنان، كما تدعّي إسرائيل.

المصادر:
العربي
شارك القصة