الأربعاء 1 مايو / مايو 2024

تأثير إضافي لتغيّر المناخ.. الحرّ يزيد حالات طوارئ الصحة العقلية

تأثير إضافي لتغيّر المناخ.. الحرّ يزيد حالات طوارئ الصحة العقلية

Changed

يتحدث خبير الأرصاد الجوية لطقس العرب جمال الموسى عن آثار ارتفاع درجات الحرارة على حياة الانسان (الصورة: غيتي)
تسبب أزمة المناخ تكاليف خفية ضخمة على الصحة العقلية للناس في جميع أنحاء العالم، وفقًا لتقرير صدر في مايو/ أيار 2021.

وجدت دراسة أميركية حديثة أن درجات حرارة الصيف ترفع عدد الأشخاص الذين يعانون من حالات طوارئ تتعلق بالصحة العقلية.

فقد أظهر تحليل السجلات الطبية لملايين المواطنين الأميركيين ارتفاعًا في المتوسط بنسبة 8% في معدل زيارات الطوارئ للمستشفيات في الأيام التي كانت فيها درجة الحرارة في أعلى 5% من تلك المسجلة خلال الدراسة التي استمرت عقدًا من الزمان، بحسب صحيفة "الغارديان".

ولوحظ التأثير في جميع حالات الصحة العقلية تقريبًا، بما في ذلك التوتر واضطرابات المزاج والقلق والفصام وإيذاء النفس واضطرابات تعاطي المخدرات. 

أزمة المناخ

وتتسبب أزمة المناخ في زيادة تواتر درجات الحرارة القصوى، وقال الباحثون: "إن عملهم يمكن أن يساعد خدمات الصحة العقلية على التنبؤ والاستعداد لأوقات الحاجة الشديدة".

وقال البروفيسور غريغوري ويلينيوس، من كلية الصحة العامة بجامعة بوسطن في الولايات المتحدة وكبير مؤلفي البحث: "الناس على دراية بمخاطر الحرارة الشديدة من حيث الجفاف وضربة الشمس وما إلى ذلك".

وأوضح ويلينيوس أن "ما هو جديد حقًا هو أن هذه الدراسة تثبت على نطاق غير مسبوق أن أيام الحرارة الشديدة يمكن أن تؤثر أيضًا على الصحة العقلية للناس بطريقة جوهرية".

وأشار إلى أنّ هذا الأمر "لا يقتصر فقط على السكان المعرضين للخطر. هذا في كل فئة عمرية نظرنا إليها، لكل من الرجال والنساء، وفي كل منطقة من البلاد. الجميع في خطر". 

ولا تشمل قاعدة البيانات الطبية المستخدمة في التحليل الأشخاص الذين ليس لديهم تأمين صحي. وأضاف ويلينيوس: "نتوقع أن يكون [ارتفاع المخاطر بنسبة 8%] أقل من تقدير العبء الحقيقي للمرض المرتبط بالحرارة الشديدة، لأن الأفراد الأكثر ضعفًا هم أقل عرضة للتواجد في قاعدة البيانات هذه، وبصراحة، أقل عرضة للمعالجة". 

من جهته، اعتبر البروفيسور أمروتا نوري-سارما، من جامعة بوسطن أيضًا والمؤلف الأول للدراسة، أن زيارات الطوارئ إلى المستشفيات هي أكثر العروض التقديمية خطورة لاضطرابات الصحة العقلية. وقال: "حتى الزيادات الطفيفة في عدد زيارات قسم الطوارئ تمثل عبئًا كبيرًا على الأفراد والنظام". 

وأظهرت الدراسة أن أكبر زيادة في معدل زيارات الطوارئ كانت عبر شمال الولايات المتحدة، حيث ارتفعت إلى 12% في المنطقة الشمالية الغربية. واعتبر نوري سارما أن هذا قد يبدو غير منطقي، لأن درجات الحرارة في جنوب الولايات المتحدة أكثر سخونة. وقال: "لكننا نرى العكس".

وقد يكون السبب هو أن أولئك الذين يعيشون في الأماكن الأكثر سخونة هم بالفعل أكثر تكيفًا، مع إمكانية وصول أكبر إلى مكيفات الهواء، على سبيل المثال.

تكاليف خفية على الصحة العقلية

ووفقًا لتقرير صدر في مايو/ أيار 2021، تسبب أزمة المناخ تكاليف خفية ضخمة على الصحة العقلية للناس في جميع أنحاء العالم، مثل موجات الحر التي تزيد من معدلات الانتحار والفيضانات التي تصيب الضحايا بصدمات نفسية وفقدان الأمن الغذائي والمنازل وسبل العيش التي تسبب الإجهاد والاكتئاب.

وقد فحص البحث، نُشر في مجلة "جاما سايكياتري"، بيانات مجهولة المصدر عن 3.5 ملايين زيارة لمستشفيات الطوارئ لاضطرابات الصحة العقلية التي قام بها 2.2 مليون شخص في الفترة من 2010-2019. وركزت الدراسة على الأشهر الأكثر دفئًا ، من مايو/ أيار إلى سبتمبر/ أيلول، وغطت 2775 مقاطعة، والتي تمثل 98% من مواطني الولايات المتحدة. وأشار الباحثون إلى أن سبع سنوات من أحر السنوات المسجلة في الولايات المتحدة حدثت منذ 2014.

ووجد العلماء أن المخاطر المتزايدة كانت أعلى قليلاً بالنسبة للرجال مقارنة بالنساء، ربما لأن الرجال أقل عرضة لطلب المساعدة المبكرة، وبالتالي قد يحتاجون إلى رعاية الطوارئ بشكل متكرر أكثر. كانت الاضطرابات النفسية الرئيسية الوحيدة التي لم تؤد إلى زيادة زيارات الطوارئ في الأيام الحارة هي اضطرابات الشخصية والسلوكية، وهي نادرة نسبيًا وبالتالي كان لها عينة أصغر.

تغيّر المناخ "يهدد أجسادنا"

من جانبها، قالت الدكتورة إيما لورانس من إمبريال كوليدج لندن بالمملكة المتحدة: "من الواضح بشكل متزايد أن تغير المناخ يهدد أجسادنا وعقولنا".

وأضافت: "في حين أن التأثير ضئيل نسبيًا، إلا أن له آثارًا كبيرة على أنظمة الصحة العامة والرعاية الصحية حيث يؤدي تغير المناخ إلى زيادة عدد أيام الحرارة الشديدة؛ الأطفال الذين يولدون اليوم سوف يعانون من موجات الحر سبعة أضعاف مثل أجدادهم". 

وأوضحت: "لا يقتصر تأثير الحرارة على الأشخاص الذين يعانون من أعراض حادة من اعتلال الصحة العقلية - فالكثير منا يعاني من أعراض القلق والاكتئاب وتدني الحالة المزاجية في درجات الحرارة المرتفعة. ومع ذلك، فإن الآثار غير متكافئة، حيث غالبًا ما تكون المجتمعات الفقيرة أكثر تعرضًا للحرارة.

تهديد متزايد لسكان المعمورة

وتسبب موجات الحر في كل مكان تهديدا متزايدا، فالاحتباس الحراري يجعل الحياة اليومية لملايين الناس لا تطاق. ويشدد الخبراء على وجوب التصدي لتغيّر المناخ، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى الجفاف وحرائق الغابات والعواصف وحتى الفياضانات. وقال عالم المناخ روبرت فوتارد في حديث إلى "العربي": "يسبب الفيضان عشرات الوفيات لكننا نتحدث عن آلاف الوفيات في كل مرة لدينا موجة حرّ شديدة". 

وتعاني الأهوار في العراق من درجات الحرارة المرتفعة، فيما يحاول البدو في صحراء النفوذ الكبير التعايش مع الحرارة الخانقة. كذلك يعرف الفقراء في الهند أنهم وحدهم من سيدفعون ثمن التغير المناخي.

وضرب الحر كندا في الصيف الماضي، فيما سجّل وادي الموت في الولايات المتحدة أعلى درجة على الإطلاق. 

ولفت خبير الأرصاد الجوية لطقس العرب جمال الموسى إلى ارتفاع كبير ومتسارع في درجات الحرارة بسبب انبعاثات الغازات الدفيئة وقطع الغابات. 

وقال في حديث إلى "العربي" من عمّان: "ينتج عن هذا الارتفاع في الحرارة طقس متطرف وكوارث". 

واعتبر أن منطقة شبه الجزيرة العربية والكويت هي الأكثر سخونة في العالم، لكنها ستتأثر بالتغيّر المناخي ما قد يؤدي لارتفاع إضافي في درجات الحرارة.

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close