الإثنين 6 مايو / مايو 2024

تحذيرات من كارثة بالسودان.. مسؤول أممي: طرفا النزاع يتفقان على التفاوض

تحذيرات من كارثة بالسودان.. مسؤول أممي: طرفا النزاع يتفقان على التفاوض

Changed

نبذة عبر "العربي" عن الهدنات المعلنة في السودان حتى الآن (الصورة: غيتي)
أفاد رئيس بعثة الأمم المتحدة بالسودان بأن الجنرالين المتحاربين اتفقا على إرسال ممثلين للتفاوض، لافتًا إلى أن المفاوضات يُحتمل أن تحصل في السعودية.

كشف رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس، عن اتفاق أطراف الصراع في البلد الإفريقي، الجيش وقوات "الدعم السريع"، على إرسال ممثلين عنهم للتفاوض.

وقال بيرتس لوكالة أسوشييتد برس: إن الجنرالين المتحاربين في السودان (رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وقائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو "حميدتي") اتفقا على إرسال ممثلين للتفاوض، لافتًا إلى أن المفاوضات يُحتمل أن تحصل في السعودية.

وأوضح المسؤول الأممي أن المحادثات المتوقعة ستركز في البداية على فرض وقف إطلاق نار "ثابت وموثوق" يتابعه مراقبون "وطنيون ودوليون".

ولفت بيرتس إلى أن الأعمال التحضيرية للمفاوضات لا تزال قيد الإعداد.

وأشار المسؤول الأممي إلى التحديات التي يواجهونها في دفع كلا الطرفين للالتزام بالهدن الإنسانية التي يعلنانها.

وقال: "من المهم التواصل مع كلا الطرفين، وجعلهما يلتزمان بوقف إطلاق النار حتى يتضح أن القتال والمضي قدمًا ومحاولة تحقيق انتصارات على الأرض هي في الواقع انتهاك لوقف إطلاق النار".

وأضاف أن أحد الاحتمالات هو إنشاء آلية لمراقبة وقف إطلاق النار تضم مراقبين سودانيين وأجانب، "لكن يجب التفاوض على ذلك".

وتابع بيرتس أن المحادثات بشأن ترسيخ وقف إطلاق النار يمكن أن تتم في السعودية أو جنوب السودان، مضيفًا أن إجراءها في الرياض قد يكون "أسهل من الناحية اللوجستية لأنه تربطها علاقات وثيقة بالجانبين".

واستدرك قائلًا: "حتى المحادثات في السعودية تنطوي على تحديات، لأن كل جانب يحتاج إلى ممر آمن عبر أراضي الطرف الآخر للوصول إلى المحادثات. وهذا صعب للغاية في حالة انعدام الثقة".

ارتفاع عدد ضحايا الاشتباكات

في غضون ذلك، أعلنت نقابة أطباء السودان، الإثنين، ارتفاع عدد القتلى المدنيين إلى 436 منذ بداية الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/ نيسان المنصرم.

وذكرت النقابة الطبية (غير حكومية) في بيان، أن "عدد الوفيات ارتفع إلى 436 حالة و2175 إصابة بين المدنيين، منذ بداية الاشتباكات".

وكانت آخر حصيلة أعلنت عنها النقابة الأحد، هي 425 قتيلًا و2091 حالة إصابة منذ بداية الاشتباكات.

وأوضحت النقابة أن "الاشتباكات ما زالت جارية بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة لليوم السادس عشر على التوالي والتي أسفرت عن مزيد من الضحايا يجري حصرهم حتى لحظة إصدار التقرير في العاصمة والأقاليم".

وأضافت: "ما زالت جميع المستشفيات والمرافق الصحية متوقفة في مدينة الجنينة (بولاية غرب دارفور) حتى اللحظة".

وتابعت: "ما زال الحصر جاريًا لضحايا الاقتتال الأخير في مدينة الجنينة الذي سقط فيه عشرات القتلى ومئات الإصابات منذ 20 أبريل/ نيسان الماضي".

وتم حتى اليوم، إحصاء 94 وفاة في الجنينة فيما لا يوجد حصر دقيق لعدد الإصابات، كما أن جميع المستشفيات بالمدينة خارج الخدمة، وفق البيان.

"كارثة بكل معنى الكلمة"

وتحولت الأزمة الصحية التي كان السودان يعانيها إلى "كارثة بكل معنى الكلمة"، جراء تواصل المعارك منذ أكثر من أسبوعين، في ظل نقص العاملين والمستلزمات الطبية وانتشار الأوبئة، وفق ما أفاد المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية وكالة فرانس برس.

وقال المدير الإقليمي لشرق المتوسط أحمد المنظري خلال حوار في مقره بالقاهرة: "إنها كارثة بكل معنى الكلمة".

وتعرضت المستشفيات والمراكز الصحية في السودان، أحد أفقر بلدان العالم، إلى قصف متكرر واحتل بعضها مقاتلون من طرفي النزاع، أو باتت خالية من العاملين أو الأدوية والمستلزمات الطبية، بحسب ما قال مرارًا الأطباء السودانيون منذ 15 أبريل/ نيسان.

وأوضح المنظري أنه قبل المعارك الأخيرة "مرّ النظام الصحي في السودان كما هو معروف بسنوات من الأزمات المختلفة، مما عرّضه للكثير من الهشاشة والضعف الحقيقي، ضعف بكل ما تعنيه الكلمة من حيث البنى التحتية، أي المستشفيات أو مراكز رعاية صحية أولية بمختلف مستوياتها في عموم السودان".

وتابع: "هناك فعلًا نقص حقيقي في الكادر الطبي، وخصوصًا بعد ظهور هذه الأزمة خلال الأسبوعين الماضيين، وخصوصًا الكادر الطبي المتخصص على سبيل المثال في الجراحة والتخدير".

هجمات على المستشفيات

وحلّ هذا النقص في توقيت سيئ للغاية، بحسب المسؤول في المنظمة التابعة للأمم المتحدة، خصوصًا وأن الملاريا الموجودة في البلاد قد تنتشر مع اقتراب موسم الأمطار، والكوليرا يمكن أن تتفشى بسبب نقص مياه الشرب.

وبسبب الهجمات المباشرة أحيانًا، بات الوصول إلى المستشفيات صعبًا، وتوقف العديد منها عن العمل تمامًا.

وقال المنظري: "بلغة الأرقام هناك ما يقارب من حوالي 61% من المؤسسات الصحية العاملة في الخرطوم توقفت عن العمل، بالإضافة إلى الهجمات العسكرية المباشرة والاحتلال العسكري لهذه المؤسسات وطرد العاملين منها".

وأشار إلى أن "23% من المستشفيات في الخرطوم تعمل بشكل جزئي، في حين تعمل 16% فقط بكامل طاقتها".

وفيما تسوء الأزمة الإنسانية في السودان، علقت منظمات الأمم المتحدة أنشطتها في السودان بعد مقتل خمسة من موظفيها في الأيام الأولى للمعارك.

وأوقفت منظمة أطباء بلا حدود كل نشاطها تقريبًا في دارفور، بسبب أعمال العنف في هذا الإقليم الغربي الذي سبق أن شهد نزاعًا داميًا في بداية الألفية الثالثة أوقع 300 ألف قتيل، وتسبب بنزوح 2,5 مليون شخص.

وكان المجتمع الدولي قرر في العام 2021، بعد انقلاب البرهان ودقلو الذي أطاح المدنيين من السلطة، تعليق كل مساعداته للسودان البالغة ملياري دولار والتي كانت تشكل 40% من موازنة الدولة، ما أدى إلى انتشار الجوع.

في 2022، كانت أرقام الأمم المتحدة تدل على الوضع الصحي المتأزم.

فقد كان واحد من كل ثلاثة سودانيين يضطر للمشي أكثر من ساعة لبلوغ مركز صحي حيث كانت 70% من الأدوية الأساسية مفقودة.

نقص تغذية حاد

ووفق المنظري هناك كذلك "ما يقارب من 4 ملايين امرأة مرضى أو حامل وطفل يعانون نقص تغذية حادًا، وبالأخص 50 ألف طفل يعانون من نقص حاد في التغذية يحتاجون إلى عناية على مدار الساعة، وللأسف هذا سوف يتوقف".

وتشير منظمة الصحة إلى أن ثلاثة ملايين سيدة وفتاة تعرضوا لعنف جنسي وذكوري.

وبحسب الأمم المتحدة فإن الأطفال خصوصًا كانوا ضحايا "معاناة نفسية"، بسبب النزوح وانعدام الأمن والمعارك.

وأكد المنظري أن النظام الصحي في السودان كان يحتاج قبل المعارك "إلى مئات الملايين من الدولارات"، وأن الأمم المتحدة كانت وجهت "نداء لدعم السودان في العام 2023 في الجانب الإنساني، والذي يشمل الجانب الصحي، بما يقارب من 1،7 مليار دولار".

ولكن "للأسف لم نتمكن من الحصول إلا على فقط ما يقارب 13% من هذه المساعدات" وفقًا للمسؤول ذاته.

وفيما تعاني البلاد من نقص في كل شيء تقريبًا، انضم العديد من الأطباء إلى عشرات الآلاف من السودانيين الذين يهاجرون هربًا من الأوضاع المتردية.

وأجلت بريطانيا أخيرًا أطباء سودانيين يعملون في مستشفيات حكومية بريطانية، وهو الاستثناء الوحيد لقرارها بإجلاء الرعايا البريطانيين فقط.

وأكد المنظري أن هناك حاليًا "فرار للكثير من العقول العاملة والمدرّبة في النظام الصحي إلى خارج السودان".

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة