الأربعاء 15 مايو / مايو 2024

تحذيرات من "معركة جديدة".. قوات الاحتلال تنسحب من المسجد الأقصى

تحذيرات من "معركة جديدة".. قوات الاحتلال تنسحب من المسجد الأقصى

Changed

متابعة "العربي" لآخر التطورات في المسجد الأقصى المبارك (الصورة: غيتي)
أكدت الرئاسة الفلسطينية لـ"العربي" أنّ إسرائيل تعبث بكل القوانين الدولية، فيما حمّلت فصائل المقاومة الاحتلال التبعات الخطيرة لتصعيده.

بعدما أمنت حراسة أمنية مشددة لاقتحامات المستوطنين واعتدت على الفلسطينيين صباح اليوم الأحد، انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي من المسجد الأقصى المبارك. 

وكان مراسل "العربي" قد أشار إلى مغادرة مجموعات من المستوطنين باحات المسجد الأقصى، بعد اقتحامه وسط انتشار كثيف لقوات الاحتلال فيها.

وبحسب المراسل، فإنّ قوات الاحتلال أطلقت القنابل الصوتية والرصاص المطاطي باتجاه المصلين في المسجد الأقصى، كما اعتدت على عدد من الفلسطينيين في باب حطة بالقدس، وهو أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك، وقامت باعتقال أحد الشبان الفلسطينيين بعد الاعتداء عليه.

وبينما منع الاحتلال دخول المصلين من كافة أبواب المسجد الأقصى باستثناء باب السلسلة، منع عددًا من الشبان الفلسطينيين من الدخول إلى باحات المسجد.

في غضون ذلك، اندلعت مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين في منطقة باب الأسباط، ما أدى إلى إصابة 9 متظاهرين.

ولاحقًا، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أنّ طواقمها تعاملت مع 17 إصابة خلال المواجهات المندلعة في محيط المسجد الأقصى، مشيرة إلى أنّه تمّ نقل 5 من الإصابات إلى المستشفى.

ومراسل "العربي" قال: إنّ قوات الاحتلال قطعت الكهرباء عن كل المصليات، كما أغلقت غرفة الصوتيات في المسجد الأقصى بعد إطلاق نداءات استغاثة.

وكان شبان فلسطينيون قد وجّهوا نداءات استغاثة من داخل المسجد ـ الذي اعتكف فيه عشرات المصلين في ساعات الليل ـ إثر استمرار اعتداءات قوات الاحتلال.

ويقتحم المستوطنون ساحات المسجد الأقصى، تحت حراسة الشرطة الإسرائيلية طوال أيام الأسبوع، عدا يومي الجمعة والسبت على فترتين صباحية ومسائية.

لكن اقتحام اليوم الأحد، يكتسب حساسية خاصة، نظرًا لتزامنه مع عيد الفصح اليهودي الذي بدأ مساء الجمعة الماضي، ويستمر أسبوعًا.

وقد أشار مراسل "العربي" إلى أنه من المتوقع أن يتكرّر مشهد اليوم على امتداد أيام الأسبوع، علمًا أنّ جماعات استيطانية دعت إلى تكثيف الاقتحامات خلال فترة عيد الفصح.

وفجر يوم الجمعة الماضي، اقتحمت شرطة الاحتلال المسجد، ما أدى إلى إصابة عشرات الفلسطينيين داخله واعتقال المئات.

الاحتلال يتحمل التداعيات

وفي ردود الفعل على التطورات، أكدت الرئاسة الفلسطينية لـ"العربي" أنّ إسرائيل تعبث بكل القوانين الدولية، مشيرة إلى أنّها "تتحمل مسؤولية الانفجار". وأوضحت أنّ القيادة الفلسطينية مجتمعة بشكل دائم منذ اندلاع الأحداث الأخيرة.

وأضافت: "نحن في حالة تواصل وتشاور واتصالات عربية ودولية ونحمّل الجميع مسؤولياتهم تجاه ما يحدث في القدس"، مشدّدة على أنّ "الموقف الفلسطيني الرسمي والشعب لن يتغير ولا يجوز لأحد أن يعبث بالقدس".

وأردفت: "ما دامت القدس والمقدسات في خطر، فإن العالم العربي كله في خطر".

واعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية أن ما يجري من جريمة في القدس والمسجد الأقصى جزء لا يتجزأ من مشروع أسرلة القدس وتهويدها. وأوضحت في تصريحات خاصة لـ"العربي"، أنّ ما يجري في القدس محاولة لتكريس التقسيم الزمني للمسجد الأقصى على طريق تقسيمه مكانيًا.

وأضافت أنّ "تكرار جريمة اقتحام الأقصى يعني استخفافًا إسرائيليًا بكل ردود الفعل العربية والدولية"، على حدّ وصفها.

هل تفجّر الاقتحامات "معركة جديدة"؟

من ناحيتها، حمّلت حركة حماس الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية اعتدائه على المعتكفين والمصلين داخل المسجد الأقصى.

وشدّدت على أنّ المسجد الأقصى خط أحمر، مشيرة إلى أنّ استمرار الاعتداء على المعتكفين وعلى قدسية الزمان والمكان، سيرتدّ على الاحتلال ومستوطنيه.

من جهته، أكد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية أنّ "الأقصى مسجدنا، ولنا وحدنا، ولا حق مطلقًا لليهود فيه، ومن حق شعبنا الوصول إليه والصلاة والاعتكاف فيه، ولن نخضع لكل إجراءات القمع والإرهاب الصهيوني".

ولفت إلى أن "القدس هي محور الصراع، وسنواصل الدفاع عنها في معركة مفتوحة مع المحتلين، وسوف نحسمها لصالحنا مهما طال الزمن".

واعتبر المتحدث باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع أنّ اقتحام المسجد الأقصى يدخل ضمن محاولات متكررة لتهويد القدس، مطالبًا بتحشيد الدعم لنصرة شعبنا في القدس.

وقال القانوع في حديث إلى "العربي"، من غزة، إنّ "ما قام به الاحتلال الصهيوني فجر اليوم من اعتداء همجي على المقدسيين وعلى المعتكفين والمصلين في باحات المسجد الأقصى هو سلوك وحشي وجريمة حقيقية يرتكبها الاحتلال في إطار الهجمة المستمرة من قطعان المستوطنين على المسجد المبارك".

وحذر المتحدث باسم حركة حماس من أنّ "استمرار هذه الاقتحامات سيفجّر معركة جديدة مع العدو الصهيوني"، مضيفًا أنّه "لا يمكن لشعبنا أن يقف صامتًا أو متفرّجًا بل سيواصل دفاعه المستميت عن الأقصى والقدس".

من ناحيتها، قالت حركة "الجهاد الإسلامي" في بيان: إن تجدد الاقتحامات والاعتداءات على المسجد الأقصى يكشف النوايا الحقيقية للاحتلال، الذي يمارس التضليل والخداع لتمرير مخططات "الإرهاب اليهودي".

ولفتت إلى أن الانتهاكات والاعتداءات الخطيرة تدفع نحو المواجهة الشاملة، داعية إلى استمرار الرباط في المسجد الأقصى.

وقالت: "لن نتخلى عن واجباتنا لحماية المسجد المبارك، والاحتلال يتحمل مسؤولية كل هذا العدوان والإرهاب الذي يمارسه على مرأى ومسمع العالم كله".

وختمت: "لا قيمة لأي وصاية على المسجد الأقصى إذا لم توفر حماية حقيقية للأقصى، ولا تقوم بالواجبات الأساسية لمنع تهويد الأقصى ووقف الانتهاكات".

من جانبها، أكدت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في بيان، أن الشعب الفلسطيني بقواه السياسية والمجتمعية حسم خياراته أن الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة، وأن العدوان ومشاريع الاحتلال ‏والاستيطان لا يمكن وقفهما أو التصدي لهما إلا بالمقاومة.

وأكدت أن حكومة نفتالي بينيت تعتمد "سياسة عدوانية متدحرجة ضد شعبنا الفلسطيني وأرضه وقدسه وحقوقه وكرامته الوطنية، ستشعل الحرائق ‏في فلسطين وخارجها، وهي من تتحمل المسؤولية الكاملة عن تلك الحرائق".

وخلصت إلى أنّ "شعبنا الفلسطيني لن يسمح باستمرار هذه السياسة العدوانية، والتي ستشعل حتمًا ثورة البركان الفلسطيني ولهيب الانتفاضة في ‏فلسطين، والتي ستمتد تداعياتها إلى خارج فلسطين".

بدوره، شدد المتحدث باسم حركة فتح حسين حمايل أنّ ما يجري في باحات المسجد الأقصى هو عبارة عن نهج إجرامي تقوم به حكومة الاحتلال وشرطة الاحتلال، بحماية المستوطنين في اقتحام المسجد الأقصى والاعتداء على الفلسطينيين.

وأشار في حديث إلى "العربي"، من رام الله، إلى أن قوات الاحتلال تدعي بأنها ستوفر حرية العبادة للجميع، لكنّها في الواقع تقوم بضرب المصلّين المسلمين في المسجد الأقصى.

وأعرب عن اعتقاده بأنّ الوضع مرشح لمزيد من التدهور، مشددًا على أن الفلسطينيين يدافعون عن أنفسهم. وأفاد بأن العديد من التحركات والمسيرات ستنطلق اليوم لتوجيه رسالة إلى الاحتلال بوجوب عدم الاستفراد بالمسجد الأقصى.

"تطور خطير واعتداء آثم"

إلى ذلك، اعتبر مدير مركز "مسار" نهاد أبو غوش، أن ما يجري في باحات المسجد الأقصى يؤشر إلى مسعى إسرائيلي لتكريس صورة ذهنية وقناعة بأن "حق اليهود" أن يزوروا ويصلّوا.

وأشار في حديث إلى "العربي" من رام الله، إلى أن خيارات القيادة الفلسطينية محدودة، مستبعدًا أن يصدر أكثر من بيان ومحاولة لطلب تدخل دولي و"تلويح" باللجوء إلى خيارات أخرى.

وشدّد على أنّ هذا لا يعني شيئًا، فإسرائيل لديها مخطط وهي ماضية في تنفيذه ببطء.

وأعرب عن اعتقاده بأنّ رد الفعل الشعبي ربما يكون العائق الوحيد أمام اندفاع إسرائيل نحو تنفيذ مخططاتها، لأنه ربما يستدرج ردات أوسع على شكل هبّة شاملة يشارك فيها الفلسطينيون في كل أماكن وجودهم كما جرى في شهر مايو/ أيار من العام الماضي.

من ناحيته، أكد رئيس "الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد" ناصر الهدمي، أنّ قوات الاحتلال تستغل موسم الأعياد ككلّ عام من أجل فرض أمر واقع ومن أجل إثبات أنها صاحبة الولاية في المكان.

وأشار الهدمي في حديث إلى "العربي" من القدس، إلى أنّ ما نراه هو تطور خطير واعتداء آثم من قبل سلطات الاحتلال، وهو دليل آخر على الوجه القبيح للاحتلال وانتهاكاته بحق حرية العبادة وحرية المسلمين في الوصول إلى مقدساتهم.

وحذر من أن هذه الاقتحامات ستؤدي إلى انفجار الأوضاع، وسيكون لها ردود أفعال ليس في مدينة القدس وحدها، وإنما في كل فلسطين المحتلة.

ومن جانبه، أكد الخبير في شؤون القدس مازن الجعبري، أنّ سلطات الاحتلال ما زالت مصمّمة على تنفيذ مخططاتها باقتحام المسجد الأقصى المبارك، وصولًا إلى تحويل هذا المكان بقوة الاحتلال العسكرية، من مكان مقدس للمسلمين إلى مكان مقدس للمسلمين واليهود.

وأشار الجعبري في حديث إلى "العربي"، إلى أنّ المسجد الأقصى هو قضية كل المسلمين وليس فقط الفلسطينيين الموجودين في مدينة القدس، علمًا أنّ هؤلاء منذ عام 2015 في موجات وهبّات جماهيرية أفشلوا العديد من المخططات تجاه المسجد، وهم يرابطون ويواجهون.

وشدّد على وجوب أن يكون هناك حراك جماهيري أوسع من الكلّ الفلسطيني لوقف هذه المخططات.

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close