الثلاثاء 7 مايو / مايو 2024

تهافت دولي لإجلاء الرعايا لا إغاثة السودانيين.. ما أسباب ازدواجية المعايير؟

تهافت دولي لإجلاء الرعايا لا إغاثة السودانيين.. ما أسباب ازدواجية المعايير؟

Changed

حلقة من برنامج "للخبر بقية" تتساءل عن أسباب الازدواجية الغربية تجاه المشهد في السودان ومدى استعداد دول العالم لتقديم المساعدة الفعلية لإغاثة الشعب السوداني (الصورة: غيتي)
يرى السودانيون أن الدعوات من قبل الجهات الدولية والأممية لتقديم المساعدات العاجلة، ليست كافية لتبرئتهم من المسؤولية، ويطالبون بتحرك فعلي على الأرض.

تسابقت دول العالم لإجلاء مواطنيها من السودان الذي يشهد قتالًا مستعرًا منذ أسبوعين، بينما غابت الجهود الفعلية الرامية إلى تقديم مساعدات عاجلة للسودانيين، رغم ما يواجهونه من واقع إنساني معقد، في مشهد متناقض يكشف ازدواجية في تعامل الغرب مع الأزمات بمنظور السودانيين.

ففي حين تسهل كافة الأمور اللوجستية لإجلاء الجاليات، يجد العالم في الجوانب اللوجستية مبررًا له لعدم تقديم المساعدات.

وحتى الهدنات التي أعلنت في الأيام الماضية، بدت الغاية منها إجلاء الأجانب، وليس تقديم مساعدات للسودانيين الذين يبدو أنهم يواجهون وحدهم مصيرًا مجهولًا.

وجاء أحدث تقرير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ليؤكد هذا الاستنتاج، فقد ذكر التقرير أن الوضع الأمني السائد اضطر المفوضية إلى إيقاف معظم أنشطتها المنقذة للأرواح مؤقتًا في الخرطوم، ودارفور وشمال كردفان، نظرًا لخطورة العمل الإغاثي فيها.

إذًا هو اعتراف أممي، يؤكد أن المساعدات الإنسانية والإغاثية للسودانيين تكاد تكون معدومة، الأمر الذي يعقد أوضاع السودان الإنسانية المركبة.

لكن الازدواجية تجاه أوضاع السودان الإنسانية لم تمنع أصواتًا غربية من الدعوة لضرورة التحرك العاجل. فبعد أيام من تحذير أطلقته وزيرة التربية الألمانية من تبعات وخيمة لإجلاء عمال الإغاثة من السودان، قال سفير النرويج في الخرطوم: إن البلد يمر بأزمة عميقة تستوجب وقفًا فوريًا لإطلاق النار، بغية إفساح المجال أمام وصول المساعدات.

كما دعت المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين طرفي الصراع الجيش وقوات الدعم السريع إلى وقف القتال بشكل عاجل، للسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين إليها، فضلًا عن تمكين الأشخاص الذين يحاولون الفرار من الحرب بالقيام بذلك بأمان.

لكن السودانيين يرون أن الدعوات اللفظية من قبل الجهات الدولية والأممية لتقديم المساعدات العاجلة لهم، ليست كافية لتبرئتهم من المسؤولية، بل إن المطلوب تحرك فعلي على الأرض.

ومما يزيد المخاوف هو أن تعليق بعض البرامج الإنسانية من شأنه أن يفاقم مخاطر الحماية التي يواجهها أولئك الذين يعتمدون على المساعدة الإنسانية أصلًا للبقاء على قيد الحياة، هذا إذ علمنا أن السودان يستضيف أكثر من مليون لاجئ، كثيرون منهم فروا من صراعات في بلدان مجاورة مثل جنوب السودان.

وفضلًا عن ذلك تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن عمليات النزوح الداخلي في السودان شملت نحو 3,7 مليون شخص، وهي أرقام تدلل على عمق الأزمة الإنسانية والواقع المتردي للسودانيين.

ما دور برنامج الأغذية العالمي في السودان؟

وفي حين يعاني 15 مليون سوداني من انعدام الأمن الغذائي، و46 مليونًا يعتمدون على المعونة الدولية حتى قبل بدء الاشتباكات، في ظل وقف المنظمات الدولية عملياتها، توضح المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في السودان ليني كينزل، أن النتائج الإنسانية هائلة لهذا الأمر، الذي سوف يزيد من الوضع سوءًا، ويزيد من الجوع.

وتضيف في حديث إلى "العربي" من بافاريا، أن برنامج الغذاء العالمي يستمر بالإصرار على استكمال العمليات عندما تتاح له الفرصة، لكنه الآن بحاجة لوقف إطلاق النار للسماح له بتسليم المساعدات الإنسانية بطريقة آمنة.

وتوضح كينزل، أن برنامج الأغذية العالمي لم يترك السودان، بل أُجبر على تغيير مواقعه، وأنشأ مركزًا في بورتسودان، على أمل أن يستكمل عملياته منه في أقرب فرصة ممكنة.

وتشرح أن طبيعة عمل برنامج الأغذية في السودان، تتمثل في تأمين المساعدات الغذائية إن كان نقدًا، أو من خلال تأمين الأغذية بحد ذاتها، مشيرة إلى أنه يعمل على الوقاية من سوء التغذية للأطفال والنساء والحوامل، بالإضافة إلى دعم المزارعين، لكنها لفتت إلى أن هذه البرامج معلقة الآن، بسبب القتال.

وتشدد كينزل على أن برنامج الأغذية العالمية يخطط على الأرض لاستكمال تأمين المساعدات الغذائية في المناطق التي يمكنه الوصول إليها، وحيث يسمح الوضع الأمني القيام بهذا الأمر.

ازداوجية المعايير تجاه السودان

من جهته، يشير أستاذ الدراسات الأوروبية بجامعة ستانفورد في برلين أورليك بروكنر، إلى أن ما يحدث في السودان مماثل للنزاع في أوكرانيا، لكن أكد أن الإطار الجيوسياسي مختلف جدًا، "إذ إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتاح أوكرانيا، وهذا لم يكن نزاعًا لسرقة أرض من دولة مجاورة، بل تهديدًا للغرب، وما تقوم به كييف هو الدفاع عن القيم والمبادئ الغربية، لأنها تريد أن تكون جزءًا من حلف الشمال الأطلسي والاتحاد الأوربي".

ويضيف في حديث إلى "العربي" من برلين، أن الاتحاد الأوروبي يشعر أنه مُستهدف بطريقة مباشرة، نتيجة الحرب في أوكرانيا، أما الوضع في السودان فيبدو لكثير من الأشخاص على أنه نزاع بين رأسي حرب في دولة من غير المعروف من يدعمهما، الأمر الذي يسبب أزمة إنسانية كبيرة، كما أنه ليس هناك من رابط مباشر بين السودان والاتحاد الأوروبي.

ويردف أنه من مصلحة الاتحاد الأوروبي تفادي تحرك عدد كبير من اللاجئين نحوه، ويرى أن اللجوء إلى دول أخرى ليس الحل، داعيًا الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه هذا الأمر.

وضع القطاع الطبي في السودان

ووسط تحذيرات من انهيار الوضع الطبي في السودان، توضح عضو الهيئة النقابية للأطباء السودانيين منال مهدي، أن المشهد في السودان متدهور ويزداد سوءًا كل لحظة، حيث توقفت أغلب المستشفيات عن تقديم الخدمات، بالإضافة إلى عدم وجود ممرات آمنة للوصول إلى المستشفيات، فضلًا عن عدم وجود الأدوية اللازمة وأبسط العلاجات الأولية.

وفي حديث إلى "العربي" من بلفاست، تضيف مهدي أن حياة السودانيين معرضة للخطر، من خلال الجوع والمرض، أو في طريق نزوحهم إلى المناطق المجاورة، مشيرة إلى أن السودانيين يواجهون أبشع أنواع الجرائم التي ترتكب بحق الإنسانية والبشرية.

وتردف أن كل من نجا من السودانيين، وعبر إلى البلدان المجاورة، يعاني أيضًا من نقص في المال والغذاء والدواء والمعاملة الإنسانية.

وتقول مهدي: إن "السودان ينادي بعدم الازدواجية في المعاملة، ويجب على الدول أن تعامل السودانيين معاملة كل الدول التي في حالة حرب أو نزاع مثل أوكرانيا".

وتشدد على ضرورة حماية الكادر الصحي في السودان، ووقف استهداف المركز الطبية، وإيصال المعونات الطبية بصورة عاجلة.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close