الأحد 12 مايو / مايو 2024

حرب أوكرانيا.. واشنطن تحذر من حصيلة "مروّعة" للضحايا المدنيين

حرب أوكرانيا.. واشنطن تحذر من حصيلة "مروّعة" للضحايا المدنيين

Changed

نافذة تحليلية إخبارية تسلط الضوء على تداعيات العقوبات الغربية على الاقتصاد الروسي (الصورة: غيتي)
اعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنّ التكلفة البشرية للهجوم "غير مبررة ومجانية"، فيما فتح المدعي العام للمحكمة الجنائية تحقيقًا في "جرائم حرب".

حذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس الأربعاء، من أنّ الحصيلة "المروّعة" للضحايا المدنيين الذين سقطوا في أوكرانيا منذ بدأت القوات الروسية هجومها على هذا البلد قبل أسبوع ستواصل الارتفاع.

وجاءت تصريحات الوزير الأميركي بعيد تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة قرارًا غير ملزم "يطالب روسيا بالتوقف فورًا عن استخدام القوة ضد أوكرانيا"، كما أنها أتت في وقت فتح فيه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية تحقيقًا بشأن الوضع الأوكراني.

ودخل الهجوم الروسي على أوكرانيا يومه الثامن فيما لا تزال المعارك الضارية جارية في أكثر من مدينة أوكرانية، حيث استولى الجيش الروسي على خيرسون المدينة الكبيرة جنوب أوكرانيا.

تكلفة بشرية "غير مبررة"

وفي التفاصيل، قال وزير الخارجية الأميركي خلال مؤتمر صحافي: إنّ "التكلفة البشرية للحرب غير المبرّرة والمجّانية التي يشنّها الكرملين مروّعة. هناك مئات إن لم يكن آلاف المدنيين قتلوا وجرحوا".

وأضاف أنّ "عدد القتلى والجرحى المدنيين والعواقب الإنسانية لن تنفكّ تزداد سوءًا في الأيام المقبلة".

وشدّد بلينكن على أنّ البنى التحتية التي دمّرتها الضربات الروسية "ليست أهدافًا عسكرية. إنّها أماكن يعمل فيها مدنيون وتعيش فيها أسر". لكنّ الوزير الأميركي امتنع عن اتّهام موسكو باستهداف المدنيين عمدًا، مكتفيًا بالقول إنّ واشنطن تدرس الوضع عن كثب.

التحول إلى استخدام "المدفعية"

من جهته، قال مسؤول كبير في البنتاغون إنّه يخشى ارتفاعًا كبيرًا في حصيلة الضحايا المدنيين في أوكرانيا في الأيام المقبلة لأنّ الجيش الروسي عازم على ما يبدو على قصف المدن الكبرى لإجبار الأوكرانيين على الاستسلام.

وبحسب وكالة "فرانس برس"، قال المسؤول للصحافيين، طالبًا عدم نشر اسمه: "نتوقّع استخدامًا مضطردًا للمدفعية عندما سيقتربون من المراكز الحضرية وعندما سيحاولون تطويقها".

وأضاف: "هذا نموذجي لتنفيذ حصار: عندما تريد تطويق مركز حضري وإخضاعه، وإجباره على الاستسلام، تصبح المدفعية سلاحًا مفيدًا للغاية".

وحذّر المسؤول في البنتاغون من أنّ "ما يُقلقنا هو أنّه عندما يصبحون (الروس) أكثر عدوانية، يصبحون أقلّ دقّة وأقلّ انتقائية" في قصفهم المدفعي.

تحذير من استخدام "أسلحة محظورة"

وأمس الأربعاء، دقّت واشنطن ناقوس الخطر إزاء خطوة أخرى قد تُقدم عليها القوات الروسية: اللجوء إلى أسلحة محظورة بموجب اتفاقية جنيف.

وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: "يبدو أنّ روسيا تستعد لتصعيد وحشية حملتها ضدّ أوكرانيا".

وأضافت: "لقد شاهدنا مقاطع فيديو لقوات روسية وهي تنقل لأوكرانيا أسلحة فتّاكة بشكل استثنائي لا مكان لها في ساحة معركة".

وأوضحت أنّ هذه الأسلحة تشمل ذخائر عنقودية وقنابل فراغية، وهي ذخائر "محظورة بموجب اتفاقية جنيف".

وردّاً على سؤال عن هذا الوضع، قال بلينكن إنّ الحوار لا يزال ممكنًا لكنّه غير مؤكد. وقال: "نُبقي الباب مفتوحًا للتوصّل لمخرج دبلوماسي" للنزاع، لكنّ "تحقيق هذا الأمر يصبح أصعب بكثير عندما تقصف المدافع وتتقدّم الدبابات".

وقبيل انطلاق جولة جديدة من المحادثات الروسية-الأوكرانية التي يفترض أن تتمحور، وفقًا لموسكو، حول التوصّل لاتفاق على وقف إطلاق النار، قال بلينكن إنّه مستعدّ "لدعم الجهود الدبلوماسية" التي تبذلها كييف لإرساء مثل هذه الهدنة. ويفترض أن تعقد مباحثات صباح اليوم الخميس بشأن وقف إطلاق النار بين المفاوضين الروس والأوكرانيين.

قراءة أميركية للتطورات الميدانية

ووفقًا للمسؤول في البنتاغون، فإنّ حوالي 82% من القوات العسكرية التي حشدتها موسكو على مدى أسابيع عديدة على حدود أوكرانيا أصبحت الآن داخل أوكرانيا.

ولفت المسؤول إلى عدم وجود "أيّ تحرّك ملحوظ" للقوات الروسية تجاه كييف أو خاركيف مقارنة باليومين أو الأيام الثلاثة الماضية، مشيرًا إلى أنّ مدينة خيرسون (جنوب) التي أعلنت القوات الروسية "سيطرتها الكاملة" عليها، أمس الأربعاء، لا تزال في الواقع مدينة "متنازعًا عليها بشدّة".

لكن ليل الأربعاء-الخميس أكّد مسؤولون أوكرانيون أنّ الجيش الروسي سيطر على خيرسون، لتصبح بذلك أكبر مدينة تسقط في قبضة القوات الروسية منذ بدء غزوها لأوكرانيا.

وجدّد المسؤول الدفاعي الأميركي التأكيد على أنّ القوات الروسية لم تتمكّن حتى اليوم من السطرة بشكل كامل على المجال الجوي الأوكراني، كما أنّها ما زالت تعاني من مشاكل لوجستية، بما في ذلك نقص الوقود والغذاء.

وأوضح أن القوات الروسية "متأخّرة بالنسبة لمخطّطاتها"، لكن "ما زالت لديها قوة قتالية ضخمة تحت تصرّفها وستتغلّب على الصعوبات التي تواجهها".

ولفت المسؤول إلى أنّ الولايات المتحدة تواصل تقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا، مشيرًا إلى أنّ آخر عملية تسليم لهذه المساعدات تمّت قبل أقلّ من 24 ساعة.

"عزلة" روسيا

وفي نيويورك، تبنت الجمعية العامة للأمم المتّحدة بأغلبية ساحقة قرارًا غير ملزم "يطالب روسيا بالتوقّف فوراً عن استخدام القوة ضدّ أوكرانيا".

ومن أصل 193 دولة يحقّ لها التصويت في الجمعية العامة صوّتت 141 دولة لصالح القرار، فيما عارضته 5 دول فقط (روسيا وبيلاروسيا وسوريا وكوريا الشمالية وإريتريا) وامتنعت 35 دولة عن التصويت من بينها الصين. وقوبل القرار بعاصفة من التصفيق.

وفي واشنطن، علّق الرئيس الأميركي جو بايدن على نتيجة هذا التصويت بالقول إنّها "كشفت عزلة" نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

وقال بايدن في بيان: إنّ "الغالبية العظمى من الدول حول العالم تدين حرب بوتين. الغالبية العظمى من الدول تدرك أنّ بوتين لا يهاجم أوكرانيا فحسب، بل يهاجم ركائز السلم والأمن العالميين وكلّ ما تمثّله الأمم المتحدة".

وأضاف أنّ "غالبية عظمى من العالم تدرك أنّنا إذا لم نتصدَّ لروسيا بوتين فإنّها لن تتسبّب سوى بمزيد من الفوضى والعدوان في العالم".

وشدّد الرئيس الأميركي على أنّه في هذا التصويت "وقفت روسيا معزولة، لا تدعمها سوى أربع دول وحشية ومستبدّة".

الجنائية الدولية تحقق في "جرائم حرب"

أما المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، فقد أعلن، أمس الأربعاء، أنّه فتح تحقيقاً بشأن الوضع في أوكرانيا للتحقّق مما إذا كانت هناك جرائم حرب قد ارتكبت في هذا البلد، وذلك بعد أن حصل على دعم 39 من الدول الأطراف في المحكمة.

وقال خان في بيان: "لقد أبلغت لتوّي رئاسة المحكمة الجنائية الدولية بأنني سأفتح فورًا تحقيقًا حول الوضع" في أوكرانيا، مؤكّدًا أنّ "عملنا في جمع الأدلّة قد بدأ".

ومن أبرز الدول التي أيّدت هذه الخطوة بلدان الاتحاد الأوروبي بأسره وأستراليا وكندا ونيوزيلندا وسويسرا، بالإضافة إلى دول من أميركا اللاتينية مثل كولومبيا وكوساريكا.

وأكّد المحامي البريطاني في بيانه أنّ هناك "أساسًا معقولاً" -المعيار الذي يُمكن بموجبه فتح تحقيق في المحكمة الجنائية الدولية- للاعتقاد بأنّ جرائم تدخل في نطاق اختصاص المحكمة قد ارتُكبت في أوكرانيا.

وأوضح أنّ التحقيق سيغطي جميع الأعمال التي ارتُكبت في أوكرانيا "منذ 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013".

ولفت المدّعي العام إلى أنّ تحقيقه يشمل "كلّ المزاعم، السابقة والحالية، بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضدّ الإنسانية أو إبادة جماعية في أيّ جزء من أراضي أوكرانيا من قبل أيّ شخص كان".

وطمأن خان إلى أنّ تحقيقه سيُجرى "بطريقة موضوعية ومستقلّة" وسيهدف إلى "ضمان المساءلة عن الجرائم التي تدخل في نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية".

والمحكمة الجنائية الدولية ومقرّها في لاهاي أنشئت في 2002 وهي محكمة دولية مستقلّة مهمّتها محاكمة الأفراد المتّهمين بارتكاب جرائم إبادة جماعية أو جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close