يربط معظم الناس بصمات الأصابع بالقدرة على حل الجرائم والتحقيقات الجنائية، وتمييز البشر بعضهم عن بعض وفتح الهواتف الذكية، لكن خصائصها ومميزاتها تتعدى ذلك إلى حدّ بعيد.
مع ذلك، فإنّ بصمات الأصابع تشكّل لغزًا علميًا بحدّ ذاته، كما يقول دينيس هيدون، عالم الأحياء وكبير الباحثين في جامعة إدنبره البريطانية، الذي يشير إلى سؤال جوهري يبقى بلا إجابة واضحة، وهو: "كيف ولماذا تتشكّل بصمات الأصابع؟".
وعلى الرغم من أن هناك العديد من النظريات والأساطير حول البصمة، إلا أن الأبحاث الحديثة تقدم اليوم من بعض الإجابات وإن كانت غير كاملة.
ما هي بصمات الأصابع؟
بشكل عام، بصمات الأصابع عبارة عن نتوءات صغيرة في الجلد، تشكل طبعات صغيرة تتركها خلفك بعد لمس شيء ما.
هذه النتوءات الموجودة على أطراف أصابعنا وتتشكل قبل أن نولد حتى، هي نمط فريد على شكل تلال وأخاديد على سطح الإصبع.
وتتكون هذه التلال والأخاديد من طبقتين من الجلد: الطبقة الخارجية (البشرة)، والطبقة الداخلية (الأدمة).
وتتميز بصمات الأصابع بأنها فريدة من نوعها، إذ لا تتشابه بصمات أي شخصين على وجه الأرض حتى بين التوائم المتطابقين، كما أنها دائمة بحيث تبقى ثابتة طوال الحياة، إلا في بعض الحالات الاستثنائية مثل الحروق الشديدة أو الجروح العميقة.
من جهة ثانية، تلعب الجينات دورًا رئيسيًا في تحديد شكل بصمة الإصبع، لكن العوامل البيئية تلعب أيضًا دورًا، وفق موقع "الإنتربول".
معلومات مثيرة عن بصمات الأصابع
وفي ما يلي بعض المعلومات التي قد تبدو مثيرة للدهشة عن بصمات الأصابع:
بصمات الأصابع تتكون قبل الولادة
تتكوّن بصمات الأصابع قبل الولادة وتحديدًا ما بين الأسبوع الـ13 والـ19 لنمو الجنين داخل رحم والدته. وتحديدًا بحلول الوقت الذي يبلغ فيه الجنين حوالي 17 أسبوعًا، تتشكل هذه الأنماط الغريبة والعشوائية والفريدة تمامًا.
فعملية تكوين بصمات الأصابع تبدأ عندما تنمو الطبقة الخارجية من جلد الجنين (البشرة) بشكل أسرع من الطبقة الداخلية (الأدمة)، ما يؤدي إلى تكوين تلال وأخاديد على سطح الأصابع وفق "ريديرز دايجست".
للبصمات دور رئيسي في حاسة اللمس
تلعب بصمات الأصابع دورًا مهمًا في حاسة اللمس لدى الإنسان، وذلك من خلال تحسين الإمساك وتعزيز الإحساس باللمس ونقل المعلومات الحسية إلى الدماغ وحماية أطراف الأصابع.
فالتلال والأخاديد على سطح الأصابع تزيد من الاحتكاك بين الأصابع والأشياء، مما يساعدنا على الإمساك بالأشياء بشكل أفضل وخاصة الأشياء الصغيرة أو الملساء.
في هذا الصدد يشرح العالم هيدون أن "نتوءات بصمات الأصابع لدينا مفيدة جدًا في تحديد نسيج الأشياء، مثل الفرق بين المخمل وورق الصنفرة". ويضيف: "عندما نحرك أطراف أصابعنا عبر السطح، تحتك النتوءات وتنقل الاهتزازات إلى خلايا متخصصة داخل كل نتوء حساسة للمحفزات الميكانيكية".
ويردف مؤكدًا أنه بدون بصمات الأصابع، سيكون من الصعب جدًا على الإنسان التفاعل مع ما يحمله أو يلمسه.
وكما جاء في دراسة أجريت عام 2020 ونشرت في مجلة "بي إن آي إس"، فإن الباحثين استخدموا تقنية التصوير بالليزر لمراقبة الأشخاص الذين يمسكون ويلتقطون عبوة زجاجية جافة أو مبللة.
وبعد قياس الرطوبة في أيدي المشاركين وأطراف أصابعهم وتحليل الصور، وجد العلماء أن النتوءات لعبت دورًا مهمًا لمساعدة قبضة اليد والدقة في الحمل من خلال تنظيم مستويات الرطوبة سواء من المصادر الخارجية ومن مسام العرق في الأصابع.
البصمات تتكوّن مثل بصيلات الشعر
وفقًا لبحث هيدون، تبدأ بصمات الأصابع في الظهور بنفس الطريقة التي تتشكل فيها الخلايا التي ستصبح بصيلات الشعر.
ولكن بدلاً من التحول إلى بصيلات شعر، تشكل هذه الخلايا نتوءات منقوشة على شكل دوامات وحلقات بفضل الاختلافات الصغيرة في الجينات المسؤولة عن تكوين هياكل الجلد.
بعض الناس يولدون بدون بصمات
في بعض الحالات النادرة، يولد بعض البشر بدون بصمات ويسمى هذا الاضطراب الوراثي باسم adermatoglyphia، وهو نادر للغاية ويسبب فشل تكوينات التلال قبل الولادة.
فتكون وسادات أصابع الأشخاص الذين يعانون من مرض "الأدماتوغليفيا" مسطحة تمامًا، إنما الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة يتمتعون بصحة جيدة.
ويقول هيدون إنه لم يتم العثور على هذا الاضطراب الوراثي إلا في عدد قليل من العائلات، وهو ليس مفهومًا تمامًا بعد.
حيوانات لديها بصمات أصابع
بالإضافة إلى البشر، تمتلك العديد من الحيوانات بصمات أصابع، لكنها تختلف عن بصمات الإنسان في الشكل والوظيفة.
فلدى القرود والغوريلا والشمبانزي والبابون بصمات أصابع تعمل بشكل مشابه للبشر، بالإضافة إلى حيوان الكوالا وهو الوحيد الذي لديه بصمات أصابع تتشابه بشكل الكبير مع بصمات الإنسان
البصمات لا تتغير مع التقدم في السن
مع تقدمنا في السن، من الطبيعي أن تتغير بشرتنا وتتكون التجاعيد.
لكن الأمر اللافت، هو أن التجاعيد لا تتكون على أطراف الأصابع، مما يعني أن بصمات أصابعنا تبقى على حالها تمامًا مثل يوم تشكلها.
هناك 3 أنماط رئيسية لبصمات الأصابع
بحسب الموقع الرسمي لـ"الإنتربول"، تصنف بصمات الأصابع بشكل عام إلى 3 أنماط رئيسية بناءً على شكل التلال والأخاديد على سطح الإصبع.
فيقسم العلماء أنماط بصمات الأصابع إلى 3 أنواع رئيسية، هي الدوامات والأقواس والحلقات.
و ترتيب هذه الأنماط وموقعها هو ما يجعل بصمات أصابعنا فريدًة لكل شخص، ويرجع تشكل هذه الأنماط جميعها إلى الجينات، على غرار تشكل لون العين.