الإثنين 6 مايو / مايو 2024

دعوات متزايدة إلى مقاطعة الاستفتاء في تونس.. ما دلالات استقالة الصادق بلعيد؟

دعوات متزايدة إلى مقاطعة الاستفتاء في تونس.. ما دلالات استقالة الصادق بلعيد؟

Changed

نافذة إخبارية لـ"العربي" ترصد ردود فعل الأحزاب التونسية الرافضة للاستفتاء على الدستور (الصورة: رويترز)
أعلن الصادق بلعيد في حديث إلى "العربي"، استقالته من رئاسة اللجنة التي شكّلها الرئيس التونسي قيس سعيّد، بسبب رفضه مشروع الدستور الذي نشره.

تواصلت ردود الفعل في تونس الرافضة لمشروع الدستور الجديد، بعدما دعا الرئيس قيس سعيّد اليوم الثلاثاء، المواطنين إلى التصويت لصالح الدستور في الاستفتاء المقرر في 25 يوليو/ تموز الجاري.

وبرر سعيّد في بيان نشره على صفحة الرئاسة على مواقع التواصل الاجتماعي أن التصويت بـ"نعم" يحقق مطالب الشعب، وينقذ الدولة ويحقق أهداف الثورة، حسب قوله.

ورفض البيان الاتهامات الموجهة إلى مشروع الدستور بأنه يخل بالتوازن بين المؤسسات بالقول: إن "ما يخل التوازن هو هيمنة الحزب الواحد أو التحالف الواحد على تلك المؤسسات".

في غضون ذلك، أعلن الصادق بلعيد رئيس اللجنة الاستشارية لصياغة الدستور استقالته من رئاسة اللجنة التي شكّلها الرئيس التونسي قيس سعيّد، بسبب رفضه مشروع الدستور الذي نشره الرئيس.

وأكد بلعيد، في حديث إلى "العربي"، أنّه لن يكون هناك أيّ اتصال برئيس الجمهورية، موضحًا أنّ مشروع الدستور الذي نُشِر "غير مطابق" لما قدّمته اللجنة الاستشارية.

وقال الصادق بلعيد لـ"العربي": "أعتبر نفسي مستقيلًا من رئاسة اللجنة لرفض مشروع الدستور الذي نشره الرئيس سعيّد، ولأنه لم يكن متطابقًا أو مشابهًا للمسودة التي قدمتها اللجنة إلى رئيس الجمهورية".

دلالات استقالة الصادق بلعيد

وفي هذا الإطار، نقل مراسل "العربي" وسام دعاسي، عن الصادق بلعيد قوله: إنه "لن يكون هناك أي اتصال مع الرئيس التونسي"، بعد أن اعترض بلعيد بشكل كبير على مشروع الدستور الذي نشره الرئيس، وقال إنه يمنح صلاحيات مطلقة لسعيّد على حساب السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والتي اعتبرها نص الدستور وظائف بالنسبة للدستور الجديد.

وحسب مراسلنا، فإن بلعيد ذهب أكثر بالقول: إن "مشروع الدستور قد يهيئ لنظام ديكتاتوري" على حد وصفه.

وبيّن دعاسي أن تصريحات بلعيد تشير إلى أن هناك ما يشبه القطيعة أو الفتور في العلاقة بين بلعيد وسعيّد، بخاصة وأن الصادق بلعيد يعد أحد أبرز المقربين من الرئيس التونسي والذي كان يستشيره في كل القرارات الدستورية منذ اتخاذ الأخير تدابير وإجراءات استثنائية قبل عام تقريبًا.

وأضاف أن استقالة الصادق بلعيد والعلاقة المتوترة مع الرئيس التونسي تعد سابقة في العلاقة بين الطرفين، بخاصة في ظل الوضع السياسي الذي تعيشه تونس، ومع انطلاق الحملة الدعائية للاستفتاء.

دعوات لإسقاط الاستفتاء على الدستور

ويأتي ذلك، في الوقت الذي دعت فيه الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء على الدستور في تونس إلى مقاطعته باعتباره "باطلًا بني على باطل".

وقالت الحملة في مؤتمر صحافي إن هيئة الانتخابات ليست مستقلة لأنها مختارة من طرف الرئيس، وأبدت استغرابها من أن يقوم الرئيس بإسقاط الدستور والإتيان بآخر لأن الشعب لم يفوضه، على حد تعبيرها.

من جهتها، دعت "جبهة الخلاص الوطني" القوى الوطنية التونسية إلى التعالي على خلافاتها، وتوحيد موقفها لإفشال الاستفتاء على الدستور وإسقاط الانقلاب والعودة إلى الشرعية.

كما شدد "الاتحاد الشعبي الجمهوري" على أن هذا المشروع هو نتاج انقلاب، وتتمة لما أقدم عليه سعيّد من خروقات وانحرافات وأنه سيشارك في حملة التصدي السلمي حتى إسقاطه.

بدوره، وصف التيار الديمقراطي مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء بأنه خطر داهم يهدد كيان الدولة ووحدة الوطن والسلم الاجتماعي، ويستهدف الحقوق والحريات وأن دعمه خيانة للوطن.

وذهب الأمين العام للحزب الجمهوري في تونس إلى القول: إن "الرئيس سعيّد يعتمد على استشارات خاطئة تصور له أن مئات الألاف من الناس شاركوا فيها".

من ناحيته، طالب حزب الإرادة الشعبية برفض مشروع الدستور ومقاطعة الاستفتاء عليه لأن أي موقف سيعني اعترافًا بالانقلاب.

بدوره، قال غازي الشواشي الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي في تونس: إن "الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء على الدستور قررت تقديم شكاوى جزائية ضد أعضاء الحكومة التونسية بسبب تبديد المال العام لخدمة مصالح خاصة في إطار الدعاية للاستفتاء على مشروع الدستور".

وعلى صعيد ردود الفعل، أفاد مراسل "العربي"، بأن نقابة الصحافيين التونسيين أعلنت في بيان رفضها لمشروع الدستور الذي نشره الرئيس التونسي، وقالت إنه لا يستجيب لمبدأ الفصل بين السلطات لاستقلال القضاء وحرية التعبير والصحافة، مشيرة إلى أن المشروع لم يسبقه أي تشاور سواء مع منظمات المتجمع المدني والأطراف المتداخلة في هذا الموضوع وحتى السياسيين، ما يكشف عن توجه فردي لمصادرة حق التونسيين في رسم مستقبلهم، حسب قولها، محذرة من تداعيات وخطورة هذا المشروع على البلاد.

ولفت مراسلنا إلى أن هناك مواقف مساندة للرئيس التونسي من التيار الشعبي الذي دعا إلى التصويت بنعم في الاستفتاء المرتقب.

"الحكم الفردي"

من جانبه، أكد الأمين العام لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات خليل الزاوية، أن الشارع التونسي يرفض هذا التفرد الذي يريد قيس سعيّد فرضه عبر نص مشروع الدستور الجديد، معتبرًا إياه خطوة نحو الحكم الفردي.

وأضاف في حديث لـ"العربي" من العاصمة تونس، أن كل الأطياف السياسية في البلاد ترفض هذا الدستور سواء من اليمين أو من اليسار، مشيرًا إلى أن جزءًا كبيرًا ممن كانوا يؤيدون مسار سعيّد تراجعوا عن هذا الدعم نظرًا للخطر الداهم الذي يمثله المشروع.

وبالنسبة إلى تأييد التيار الشعبي لمشروع دستور سعيّد، اعتبر الزاوية أن هذا التيار ليس له أي وزن سياسي داخل تونس، ولا سيما أنه لم يكن ممثلًا في البرلمان السابق.

ونُشر مشروع الدستور الجديد في 30 يونيو/ حزيران المنصرم في الجريدة الرسمية.

ومن أبرز ما تضمنه الدستور الذي جاء في 142 فصلًا، تغيير النظام السياسي من شبه برلماني إلى نظام رئاسي مع منح مزيد من الصلاحيات إلى الرئيس قيس سعيّد وعدم مساءلته عن الأعمال التي قام بها في إطار أدائه لمهامه.

وبالمجمل يقلص الدستور الجديد دور البرلمان بحيث لا يشمل مراقبة عمل الرئيس أو الحكومة ويمنح الرئيس حق تسمية القضاة والذين يمنعهم الدستور الجديد من الإضراب.

وركز الدستور الجديد الذي صيغ في 20 يومًا فقط والذي يواجه دعوات عديدة لمقاطعة التصويت عليه صلاحيات أخرى للرئيس، ومن أبرزها توليه السلطة التنفيذية بمساعدة الحكومة التي يعين أعضاءها باقتراح من رئيسها مع ضمان مساءلتها أمامه.

أما تشريعيًا فينص الدستور الجديد على تشكيل مجلسين هما "مجلس نواب الشعب" و"المجلس الوطني للجهات والأقاليم".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close