بعد حظر السلطات مسيراتهم، لجأ ناشطو الحراك الاحتجاجي في الجزائر، أمس الجمعة، إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن رفضهم للانتخابات التشريعية التي تُنظّم في غضون أسبوع.
ومع اقتراب موعد الانتخابات المقرّرة في 12 يونيو/ حزيران، قرّر النظام إنهاء الحراك المناهض له، متهمًا إياه بأنه أداة تستغلها "أطراف أجنبية" معادية للجزائر.
وبحكم الأمر الواقع، حظرت السلطات التظاهرات مع تصعيد عمليات التوقيف والملاحقات القانونية التي تستهدف معارضين سياسيين وناشطين ومحامين وصحافيين.
وحملت تظاهرة أمس اسم "الجمعة الـ120" للحراك، في إشارة إلى عدد الأسابيع التي مرّت منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية المناهضة للنظام في فبراير/ شباط 2019، كما خُصّصت للتضامن مع معتقلي الرأي الـ214 المسجونين حاليًا في السجون الجزائرية، وفقًا للجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين.
وكتب سعيد صالحي، نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان على تويتر: "في يوم الجمعة الرابع من يونيو/ حزيران سنكون بالملايين، جزائريين وجزائريات، في جميع أنحاء العالم، على الموعد طوال اليوم: كل فرد على فيسبوك وعلى تويتر، على إنستغرام أو أي مكان آخر، سوف نتضامن مع معتقلي الرأي، هؤلاء الذين نسيتهم الحملة الانتخابية والجزائر الجديدة".
وقال الناشط زكي حناش لموقع "إنترلين المستقل": "هؤلاء الناس ليسوا مجرمين. هم مواطنون عاديون مارسوا حقًا كفله الدستور: التعبير عن رأيهم. هناك من اعتُقل خلال مسيرات شعبية، وهناك من تم القبض عليهم بسبب منشورات على فيسبوك".
تظاهرات متفرّقة تواجه "القمع"
في غضون ذلك، انتشرت قوات الشرطة في الجزائر العاصمة بأعداد كبيرة في الشوارع الرئيسية، ومنعت أي تجمّع للمتظاهرين وخصوصًا المُصلّين بعد صلاة الجمعة، موعد المسيرات الكبرى مند إطلاق الحراك في 22 فبراير.
ومع ذلك، تمكّن عشرات من المتظاهرين من تنظيم مسيرة في حي ديار الجماعة بالضاحية الشرقية للعاصمة، لكن سرعان ما فرّقتهم قوات الشرطة.
وقال صالحي: إن "تصعيد القمع لا يزال يستهدف الحراك السلمي المؤيد للديمقراطية وجميع أصوات المعارضة في الجزائر".
أما في تيزي وزو، أهم مدن منطقة القبائل الواقعة على بعد 100 كلم شمال شرق الجزائر، فقد سار الآلاف في يوم الجمعة الـ120، بحسب صور نشرها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وكان الشعار الأبرز في المسيرة التي جابت شوارع وسط المدينة بدون أن تعترضها الشرطة، "أيها المعتقلون لن نتوقّف" حتى يتّم إطلاق سراحهم.
ورفع المتظاهرون في بجاية والبويرة بمنطقة القبائل الشعار نفسه، إضافة الى شعار "لا انتخابات مع العصابات" مع لافتة كبيرة كتب عليها باللغة الفرنسية "لا للانتخابات".
كيف يمكن "تقليص الهوّة" بين السلطة والحراك؟
وشرح الكاتب الصحافي فاتح بن حمو من الجزائر أنه يجب أن يكون هناك خارطة طريق ومفاوضات بين الطرفين لتقليص الهوة بين السلطة والحراك.
وأضاف في حديث إلى "العربي" من الجزائر، أنه على السلطة "إطلاق الحوار مع الحراك، وعلى الحراك أن يتفهّم وجهة نظر السلطة كي يلتقيا على قواسم مشتركة للوصول إلى حلّ".
لكنه في الوقت نفسه، شدّد على أنه يجب أن يتمتّع الطرفان بنيّة حسنة وإصرار على المضيّ قدمًا في مسار مشترك.