الأربعاء 1 مايو / مايو 2024

سابقة قضائية في المغرب.. محكمة ترفض إجبار امرأة على المعاشرة الزوجية

سابقة قضائية في المغرب.. محكمة ترفض إجبار امرأة على المعاشرة الزوجية

Changed

قراءة في قرار رفض المحكمة المغربية إجبار امرأة على المعاشرة الزوجية (الصورة: غيتي)
 عدّت هيئة المحكمة المغربية، تنفيذ المعاشرة الزوجية من الزوجة جبرًا بعد الحكم به عليها، يجافي مقاصد الشرع من الجماع.

رفض حكم قضائي عن قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالرباط، إجبار سيدة على المعاشرة الزوجية، بعدما رفع زوج الأخيرة دعوى قضائية ضدها.

ويعدّ هذا الحكم، سابقة هي الأولى من نوعها في المملكة المغربية، ولا سيما أن المحكمة أوضحت أن الشرع "لم يجعل الباءة مجرد غريزة وقضاء عابر للوطر"، بل قرنها بآداب المعاشرة التي يجب التقيد بها من طرف الزوجين عند صفاء الجو بينهما.

كما عدّت هيئة المحكمة تنفيذ المعاشرة الزوجية من الزوجة جبرًا بعد الحكم به عليها، يجافي مقاصد الشرع من الجماع المتمثّلة في بعث السرور عند الزوجين معًا وتوطيدًا للعلاقة بينهما، بما يكفل تكثير النسل والعفة عن الحرام.

واستندت المحكمة إلى المساكنة الشرعية التي نصّت عليها مدونة الأسرة: "تدرك بالصفا لا بالجفا".

قرار بارز على وقع مطالبات حقوقية

أما الزوج، فكان قد التمس المحكمة إرغام زوجته على معاشرته مع النفاذ العاجل وتحميلها نفقات المحاكمة.

لكن الزوجة أجابت بكونها "لا تمانع في المعاشرة الزوجية شرط المعاشر بالمعروف وتبادل الاحترام والمودة تحت سقف البيت الواحد".

يأتي هذا الحكم، في وقت تتعالى فيه دعوات لمراجعة قانون الأسرة المغربي بعد 18 عامًا على تطبيقه، بخاصة في ما يتعلق بولاية الأم على أطفالها كما إلغاء الزواج المبكر حيث لا تزال هذه الممارسة خاضعة للسلطة التقديرية للقضاة.ب

بالإضافة إلى ذلك، تعلو الأصوات داخل المجتمع المغربي للاعتراف بالعمل المنزلي الذي تطلع به المرأة والذي لا يحتسب ضمن الأموال التي اكتسبتها الأسرة.

ترحيب بالحكم 

وللإضاءة أكثر على هذا الموضوع، استضاف "العربي" فتحية اشتاتو عضوة الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب، التي علّقت على قرار المحكمة الأخير واصفة إياه بـ"الإيجابي" بخاصة بعد دستور 2011 والاتفاقية الدولية سيداو التي صادق عليها المغرب.

و"سيداو" هي اتفاقية دولية نصّت على القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتلحظ الإيمان بحقوق الإنسان الأساسية، وبكرامة الفرد وقدره، وتساوي الرجل والمرأة في الحقوق.

وأضافت اشتاتو من الرباط: "أصبح بالتالي من اللازم ملاءمة مدونة الأسرة وكل القوانين في هذا الاتجاه.. والتوجه الذي صار فيه القضاء بهذا الملف كان صائبًا بخاصة أن القانون الجنائي ينص على أن الاغتصاب هو مواقعة رجل لامرأة من دون رضاها".

ولفتت إلى أن الجماعات الحقوقية في المغرب، لطالما كانت تطالب بتجريم الاغتصاب الزوجي ولكن "للأسف لم يجرم إلا أن الحكم الأخير أتى بمثابة إجابة".

وتمنت أن يحظى هذا القرار بالقبول في الدرجات الأخرى من المحكمات المغربية، مثل محكمة الاستئناف والنقد.

حكم يفتح أبواب الجدل

أما عن الأبواب التي قد يفتحها هذا الحكم ويلقي عليها الضوء في المستقبل، فتقول اشتاتو أن القرار استند إلى المادة 51 من مدونة الأسرة التي تنص على المعاشرة بالمعروف والمساكنة الشرعية. ولكنها نبّهت في الوقت عينه من أن هذا الأمر قد يفتح باب النقاشات بأمور جدلية ثانية منها التعدد، تزامنًا مع مطالبات الحركات الحقوقية بمنعه.

وأضافت: "حتى التعدد في الشريعة الإسلامية نص أنه قد يكون في إطار تحقيق العدل.. ولكن العدل لا يمكن أن يتحقق بوجود زوجتين وفي الغالب تكون الزوجة الثانية مفضلة على الأولى وسط تخوف من ضياع حقوق الأطفال.

وترى عضو الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب كذلك أن غياب التشريعات في البلدان العربية في ما يتعلق بموضوع تجريم ممارسة الزوج للعلاقة من دون موافقة الزوجة وتلك المرتبطة بحقوق المرأة بشكل عام، سببه الموروث الثقافي في المجتمعات العربية إذ لطالما كانت المرأة تخضع للسلطة الأبوية والذكورية.

إلا أن المحامية أكّدت أن هذه التشريعات شهدت تطورًا كبيرًا ولا سيما في المغرب، حيث أصبحت المرأة اليوم معيلة للمنزل ووصلت إلى مراكز القرار على حدّ تعبيرها. 

وتردف اشتاتو: "هذا الفكر الذكوري طغى حتى على النساء.. أما الآن فحان الوقت بهذا القرن ومع وجود دستور متقدم واتفاقيات ملزمة في المغرب ملاءمة القوانين حتى لا يبقى هذا التمييز في كل أشكاله"، ومن بينه أيضًا الإرث والعمل المنزلي.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close