الخميس 25 يوليو / يوليو 2024

سبب علمي ونفسي.. لماذا لا نحب صوتنا في التسجيلات؟

سبب علمي ونفسي.. لماذا لا نحب صوتنا في التسجيلات؟

شارك القصة

لا يحبذ المرء الاستماع إلى صوته المسجّل لأن الصوت حينها يفتقد للعنصر الداخلي الذي يألفه - غيتي
لا يحبذ المرء الاستماع إلى صوته المسجّل لأن الصوت حينها يفتقد للعنصر الداخلي الذي يألفه - غيتي
في دراسة استقصائية شملت 1500 شخص، قال نصف المستطلعين إن سماع أصواتهم المسجلة شكّل صدمةً لهم، لدرجة أنهم عبّروا عن رغبتهم في تغييرها.

يصاب الكثيرون بصدمة لدى سماع أصواتهم في التسجيلات. وقد يصل الأمر ببعضهم إلى حد السؤال ما إذا كان ذلك صوتهم بالفعل.

ففي دراسة استقصائية حديثة شملت 1500 شخص، قال نصف المستطلعين إن سماع أصواتهم المسجلة شكّل صدمةً لهم، لدرجة أنهم عبّروا عن رغبتهم في تغييرها إذا استطاعوا، وفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".

وعندما طلب الباحثون في مستشفى العين والأذن التعليمي بجامعة هارفارد من الناس الاستماع إلى أصواتهم في التسجيلات، قال 58% من المشاركين في الاستطلاع إنهم لا يحبون الاستماع إلى أنفسهم؛ فيما وجد 39% أن أصواتهم مزعجة أصلًا في المحادثات العادية غير المسجلة أيضًا.

فإذا كان الناس يسمعون أنفسهم يتحدثون طوال الوقت، لمَ يعتقدون أن تسجيلات أصواتهم تبدو غريبة جدًا؟

الإجابة ببساطة هي أن ما يسمعونه عندما يتحدثون ليس هو نفسه ما يسمعه الآخرون، وذلك وفق أبحاث وعلماء متخصصين في علوم السمع.

لماذا تبدو الأصوات مختلفة في التسجيل؟

في هذا الصدد، تتحدث تريشيا أشبي سكابيس، الاختصاصية في ممارسات علم السمع في الجمعية الأميركية للنطق واللغة والسمع في ماريلاند، عن وجود طريقتين لنقل الصوت عند التحدث.

وتشرح سكابيس أن الإنسان يسمع نفسه من خلال التوصيل الهوائي والتوصيل العظمي، ونتيجة لذلك فهو يسمع صوتًا أعمق وأكثر اكتمالًا وإرضاءً.

أما عندما يسمع تسجيلًا لصوته فهو يسمع نفسه فقط من خلال التوصيل الهوائي، وقد فقد الصوت جودته الداخلية العميقة.

معظم الناس لا يجدون أن أصواتهم جميلة في التسجيل - غيتي
معظم الناس لا يجدون أن أصواتهم جميلة في التسجيل - غيتي

وينتقل التوصيل الهوائي عبر الجزء الخارجي من الأذن المسمى الصيوان، وقناة الأذن، والغشاء الطبلي والعظام الصغيرة داخل الأذن، بينما ينقل التوصيل العظمي اهتزاز الصوت إلى الأذن الداخلية، ومن أذن إلى أخرى.

وبينما يكون الصوت منخفضًا داخليًا، قد يتخذ في التسجيل، حيث يحمل الهواء وحده الصوت، ترددًا أعلى.

وعليه، لا يحبذ المرء الاستماع إلى صوته المسجّل لأن الصوت حينها يفتقد للعنصر الداخلي الذي يألفه، ويرجع ذلك جزئيًا إلى كون العظام أفضل في توصيل الأصوات ذات التردد المنخفض.

بدوره، يقول ماثيو ناونهايم الطبيب والجراح في جامعة ماساتشوستس للعيون والأذن والأستاذ المساعد في طب الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة: "إذا استمعتم إلى تسجيل لصوتكم، فنعم، هذا هو في الواقع ما يسمعه بقية الناس". 

لماذا لا نحب صوتنا المسجل؟

عندما تسمع نفسك تتحدث كما تبدو للآخرين، فقد يؤدي ذلك إلى إفساد توقعاتك الداخلية، وبالتالي قد تهتزّ ثقتك بنفسك.

ويُطلق على هذا المفهوم اسم "المواجهة الصوتية"، وقد تمت دراسته لأول مرة من قبل عالمي النفس فيليب هولزمان وكلايد روزي في الستينيات.

صوتنا الذي نسمعه يختلف عن صوتنا الذي يسمعه الآخرون - غيتي
صوتنا الذي نسمعه يختلف عن صوتنا الذي يسمعه الآخرون - غيتي

ووجد هولزمان وروزي أن الناس يميلون إلى التركيز على الصفات السلبية لأصواتهم في التسجيلات، إلى حدّ اتخاذ موقف دفاعي بشأنها.

وفي هذا الإطار، تقول كلوي كارمايكل عالمة النفس السريرية في نيويورك: "في علم النفس، هناك الذات المثالية، ثم هناك الذات الفعلية".

وتردف كارمايكل: "إن الذات المثالية أكثر طموحًا إلى حد ما، وهذا ليس بالأمر السيئ. نحن بحاجة إلى عقلية طموحة لتكون صحية وفعالة. ومع ذلك، عندما يواجه الناس بالواقع.. ندرك أن أصواتنا لا تبدو في الواقع كما نسمع أنفسنا. وهذا يمكن أن يكون مزعجًا، ويمكن أن يؤدي إلى الشعور بعدم الأمان".

هل يمكنك تغيير صوتك؟

قد يبدو السؤال غريبًا بعض الشيء إلا أن الأمر ممكن في الواقع. فبحسب ناونهايم، هناك العديد من التدخلات الممكنة في هذا الصدد، بما في ذلك حقن الحبال الصوتية باستخدام الكولاجين أو مواد أخرى مثل البوتوكس.

ويضيف ناونهايم: "يمكن أيضًا الدفع بالأحبال الصوتية وتعديل طبقة الصوت"، لافتًا إلى أن بعض المرضى يلجؤون إلى هذه الجراحة لتغيير نبرة صوتهم.

في المقابل، تصاحب هذه الجراحة في الأحبال الصوتية مخاطر كبيرة قد تشمل النزيف، والعدوى والبحة في الصوت، والمشاكل في التنفس، وتكسر الأسنان أثناء العملية.

هناك بعض الإجراءات التي يمكن اعتمادها لتحسين جودة صوتنا - غيتي
هناك بعض الإجراءات التي يمكن اعتمادها لتحسين جودة صوتنا - غيتي

كما يمكن أن يلجأ الناس إلى العلاج الصوتي الطبيعي من خلال القيام بتمارين تدفق الهواء، وهو أمر بديل عن العملية الجراحية وقد يكون مفيدًا وأكثر أمانًا، وفقًا لبيانات المركز الطبي بجامعة ميسيسيبي. 

فالعمل على زيادة تدفق الهواء من خلال تقنيات بسيطة مثل النفخ عبر الشفتين أو الغرغرة، سيساعد العضلات الصوتية على الاسترخاء، ويساهم في تطوير المزيد من الرنين في الصوت.

كما يمكن في هذا الإطار، الاستعانة بمدرب صوتي متخصص يرشد عبر التمارين الخاصة إلى أفضل طريقة للتلاعب في الأصوات.

وبالإضافة إلى ما ذكر، يمكن أن يساعد العلاج بالهرمونات البديلة أيضًا على تغيير جودة الصوت، ويمكن استخدامه جنبًا إلى جنب مع العلاج الصوتي.

كيف نعتني بصوتنا؟

يمكن العمل مع محترفين لتمرين أصواتنا وجعلها أكثر جمالًا - غيتي
يمكن العمل مع محترفين لتمرين أصواتنا وجعلها أكثر جمالًا - غيتي

في المحصلة، سواء أحبّ المرء صوته أم لم يحبه من المهم الاعتناء به جيدًا؛ وهذا يعني:

-عدم التدخين.

-علاج مرض ارتجاع المريء.

-الحصول على القدر الكافي من النوم والترطيب.

-تجنب تطهير الحلق والسعال والهمس غير الضروري.

-العمل مع محترفين لتعلم تمارين الإحماء الصوتي.

تابع القراءة
المصادر:
ترجمات
Close