الإثنين 29 أبريل / أبريل 2024

قداس في أربيل وصلاة في الموصل.. البابا يلتقي مسيحيي شمال العراق

قداس في أربيل وصلاة في الموصل.. البابا يلتقي مسيحيي شمال العراق

Changed

البابا فرنسيس خلال زيارته لكاتدرائية القديس يوسف في بغداد
البابا فرنسيس خلال زيارته لكاتدرائية القديس يوسف في بغداد (غيتي)
لا تخلو هذه المحطة من زيارة البابا من تحديات أمنية، وتتم وسط اجراءات مشددة، وترتدي أهمية كبرى، لا سيما أن محافظة نينوى تشكّل مركز الطائفة المسيحية في العراق.

وصل البابا فرنسيس، الأحد، في اليوم الثالث من زيارته التاريخية للعراق، إلى أربيل في الشمال، حيث يحيي قداسًا في الهواء الطلق يضمّ الآلاف بعد أن يزور الموصل وقرقوش اللتين عانتا على مدى ثلاث سنوات من انتهاكات "تنظيم الدولة".

وترتدي هذه المحطة من الزيارة أهمية كبرى، لا سيما أن محافظة نينوى وعاصمتها الموصل، تشكّل مركز الطائفة المسيحية في العراق، وتعرّضت كنائسها وأديرتها الضاربة في القدم لدمار كبير على يد التنظيم المتطرف.

ولا تخلو هذه المحطة من زيارة البابا من تحديات أمنية، وهي تتم وسط اجراءات مشددة.

آثار الحرب لا تزال ظاهرة

من أربيل حيث لقي استقبالًا رسميًا، يتوجه البابا على متن مروحية إلى الموصل، المدينة التي أعلنها "تنظيم الدولة" مركز "خلافته" عام 2014. وسيترأس الحبر الأعظم فيها صلاة "من أجل أرواح ضحايا الحرب" في ساحة حوش البيعة. 

وعندما سيطر التنظيم على المنطقة، أيد البابا فرنسيس استخدام القوة لوقف انتشاره، ودرس إمكان السفر إلى شمال العراق للوقوف إلى جانب الأقلية المسيحية.

ولا تزال آثار الحرب ظاهرة فيها، رغم مرور ثلاث سنوات على طرد "تنظيم الدولة" منها بعد معارك امتدت أشهرًا طويلة بين القوات الحكومية العراقية ومسلحي التنظيم، خلّفت مئات الضحايا ودفعت الآلاف للنزوح.

وكان البابا ندّد بكلمته السبت من أور في جنوب العراق بـ"الإرهاب الذي يسيء إلى الدين"، مضيفًا: "نحن المؤمنون لا يمكن أن نصمت عندما يسيء الإرهاب للدين. بل واجب علينا إزالة سوء الفهم".

من جهته، يأمل عدنان يوسف وهو مسيحي من سكان نينوى "أن تكون هذه الزيارة فاتحة خير لأبناء الشعب العراقي".

زيارة البابا "تساهم برفع معنويات" العراقيين

ويرى الأب جورج جحولة من قرقوش الواقعة على بعد 30 كلم إلى جنوب الموصل أن "هذه الزيارة مهمة جدًا لأنها ستساهم برفع معنوياتنا بعد سنوات من المصاعب والمشاكل والحروب"، علمًا أن أعداد المسيحيين تناقصت جدًا على مر العقود بسبب الحروب والازمات.

ولم يبقَ في العراق اليوم سوى 400 ألف مسيحي من سكانه البالغ عددهم 40 مليونًا بعدما كان عددهم 1,5 مليون عام 2003 قبل الغزو الأميركي للعراق.

وفي شوارع الموصل التي لا تخلو من الدمار، ارتفعت لافتات كتب عليها "الموصل ترحب بالبابا فرنسيس".

كما لا يوجد في نينوى ملعب رياضي مناسب أو كاتدرائية لإقامة قداس بابوي، كما يوضح رئيس أساقفة الموصل ميخائيل نجيب لوكالة "فرانس برس". ويضيف أن "14 كنيسة مدمرة، سبع منها تعود للقرون الخامس والسادس والسابع".

ومن بين هذه الكنائس، كاتدرائية مسكنته، وهو اسم شهيدة مسيحية في القرون الأولى، تغطيها اليوم حجارة وركام. أما كنيسة القديس شمعون الصفا (القديس بطرس) فمليئة بأكياس قمامة.

هل تكون زيارة البابا حافزًا لإرجاع المسيحيين؟

وتمنى حسام الخواجة وهو مسيحي من سكان الموصل "أن تكون زيارة البابا حافزًا لإرجاع كافة المسيحيين". ولا يزال هناك عشرات آلاف النازحين من نينوى لم يعودوا إلى بيوتهم حتى الآن.

وبعد الموصل، يزور البابا بلدة قرقوش. ويستعدّ سكانها لاستقباله بهدية فريدة تعكس تراث منطقتهم، عبارة عن وشاح صمم له خصيصًا، إضافة إلى استعدادات أخرى من زينة ورايات ترحيبًا به.

ولبلدة قرقوش أو بغديدة تاريخ قديم جدًا سابق للمسيحية. يتحدث سكانها اليوم لهجة حديثة من الآرامية، لغة المسيح، ولذلك تعدّ محطة هامة في زيارة الحبر الأعظم.

ولحق دمار كبير بقرقوش على يد "تنظيم الدولة"، ولا يزال الوضع الأمني متوترًا مع انتشار الجماعات المسلحة التي ترعاها الدولة بأعداد كبيرة في السهول المحيطة.

وهناك، يزور البابا كنيسة الطاهرة التي دمرها "تنظيم الدولة"، لكن أعيد ترميمها بالكامل.

أول زيارة بابوية للعراق على الإطلاق

وتعد هذه أول زيارة بابوية على الإطلاق للعراق، يحقق فيها فرنسيس حلمًا لطالما راود البابا الأسبق يوحنا بولس الثاني.

لكن بالإضافة إلى التحديات الأمنية، تأتي الزيارة وسط تحدّ صحي أيضًا، مع زيادة بأعداد الإصابات بكوفيد-19، حرمت الحشود من ملاقاة البابا وإلقاء التحية عليه.

وفي إحدى آخر محطات زيارته، يقيم البابا قداسًا في الهواء الطلق في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق في ملعب يتسع لأكثر من 20 ألف شخص لكن لن يضمّ سوى 4 آلاف.

وتنعم إربيل بوضع أمني مستقرّ نسبيًا، كما أن وضع البنى التحتية فيها جيّد.  

وعندما اجتاح "تنظيم الدولة" شمال العراق، لجأ مئات آلاف المسيحيين والمسلمين والأيزيديين إلى إقليم كردستان العراق الذي كان يستضيف أساسًا الأقليات النازحة إثر العنف الطائفي الذي شهده العراق خلال مراحل سابقة تلت الغزو.

وكان البابا وصف الأيزيديين في خطاب الجمعة بـ"الضحايا الأبرياء للهجمية المتهورة وعديمة الإنسانية، فقد تعرضوا للاضطهاد والقتل بسبب انتمائهم الديني وتعرضت هويتهم وبقاؤهم نفسه للخطر".

وفي اليوم الثاني من زيارته التاريخية، التقى البابا السبت في النجف المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني الذي أعلن اهتمامه بـ"أمن وسلام" المسيحيين العراقيين.

ومنذ وصوله الجمعة إلى بغداد، تطرق البابا إلى كل المواضيع الحساسة والقضايا التي يعانيها العراق وليس المسيحيون فقط، قائلًا: "لتصمت الأسلحة ولنضع حدًا لانتشارها هنا وفي كل مكان".

المصادر:
العربي / أ ف ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close