الجمعة 26 أبريل / أبريل 2024

كوبا تطوي صفحة الأخوين كاسترو.. أي تغيير في ظل حكم الجيل الجديد؟

كوبا تطوي صفحة الأخوين كاسترو.. أي تغيير في ظل حكم الجيل الجديد؟

Changed

راوول وميغيل دياز-كانيل خلال مؤتمر العام 2018.
راوول كاسترو وميغيل دياز كانيل خلال مؤتمر في العام 2018 (أرشيف - غيتي)
من المُقرّر أن يُسلّم راوول كاسترو منصب الأمين العام للحزب الشيوعي إلى الرئيس ميغيل دياز كانيل في المؤتمر الذي ينعقد اليوم الجمعة ويستمرّ لمدة 4 أيام.

يطوي راوول كاسترو اليوم الجمعة صفحة ثورية من تاريخ كوبا؛ فبعد 3 سنوات من تنحيه عن رئاسة كوبا، يستعدّ للتنحّي عن رئاسة الحزب الشيوعي، الحزب الوحيد في البلاد، مُنهيًا بذلك أكثر من 6 عقود من حكم الأخوَين اللذين حل محلهما الآن جيل جديد.

ومن المُقرّر أن يُسلّم راوول كاسترو (89 عامًا) منصب الأمين العام للحزب إلى الرئيس ميغيل دياز كانيل (60 عامًا) في مؤتمر الحزب الشيوعي، الذي ينعقد اليوم الجمعة ويستمرّ لمدة 4 أيام.

ويبدو أن كاسترو يتوجّه نحو التقاعد من أجل "رعاية الأحفاد" و"قراءة الكتب" مثل بقية الجيل التاريخي (الذين صنعوا ثورة 1959)، تمامًا كما قال حين مازح الحاضرين في المؤتمر الأخير للحزب الذي عقد في العام 2016.

ففي هذه الجزيرة، التي لم يعرف سكانها أي أسرة حاكمة أخرى غير عائلة الثائرين، سيُذكر راوول كاسترو باعتباره شخصية أكثر ثباتًا من شقيقه، حيث دافع من أجل دولة شيوعية تبدو غالبًا عالقة في مكانها أثناء محاولتها التكيف مع الواقع الحديث.

وبتخليه عن رئاسة الحزب، يضع راوول كاسترو حدًا لعصر يشهد على صمود النظام الكوبي عبر عقود من المواجهات المتوترة مع رؤساء الولايات المتحدة من جون كينيدي إلى دونالد ترمب.

انتقال سلطة وجيل جديد

بدأ كاسترو انتقال السلطة قبل ثلاث سنوات عندما تخلّى عن رئاسة البلاد. ليخلفه دياز كانيل، وهو مهندس يبلغ من العمر 60 عامًا سعى إلى تجسيد جيل جديد من القادة الكوبيين.

وسيتخلّى كاسترو عن الدعامة الأخيرة لسلطته، المنصب الحزبي، وهو منصب يُنظر إليه على أنه أقوى من الرئيس.

ومع راوول كاسترو، يفترض أن يتقاعد أيضًا بعض أبرز شخصيات الجيل التاريخي الذي صنع ثورة 1959، بمن فيهم الرجل الثاني في الحزب خوسيه رامون ماتشادو فينتورا (90 عامًا)، والقائد راميرو فالديس (88 عامًا).

ويبدأ المؤتمر المغلق بعد ستين عامًا تمامًا من اليوم التالي لإعلان فيدل كاسترو الطابع الاشتراكي للثورة. ومن المتوقع أن يعيّن دياز كانيل أمينًا عامًا للحزب، وهو أهم منصب في كوبا الإثنين في اليوم الأخير من المؤتمر.

وسيكون ميغيل دياز كانيل الذي تولّى رئاسة البلاد منذ 2018، أول مدني يقود الحزب الذي أمضى فيه كل مسيرته السياسية.

وكان راوول آخر فرد من عائلة كاسترو يتولّى المنصب. وقال رامون بلاندي، الناشط الشيوعي البالغ من العمر 84 عامًا: "راوول لن يكون على رأس الحزب بعد الآن، لكن في حال وجود مشكلة سيكون راوول موجودًا، فهو ما زال حيًا"، مضيفًا: "من المؤكد أن ميغيل دياز كانيل لا يزال شابًا، لكنه يواجه مشاكل فعلًا".

وقال ريكاردو هيريرو، المدير التنفيذي لـ"كوبا ستودي"، وهي هيئة كوبية أميركية تروّج للحوار بين واشنطن وهافانا، لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية: "أعتقد أنه سيُعتبر شخصية أكثر واقعية من شقيقه، الذي أدرك أن العيوب العميقة داخل النظام بحاجة إلى المعالجة، لا سيما اقتصاديًا، إن لم يكن سياسيًا"، مضيفًا: "ربما لم يكن لديه الدافع لرؤية العديد من الإصلاحات التي دعمها بنفسه في وقت مبكر من فترة ولايته طوال الطريق".

بدوره، رأى نورمان مكاي، المحلل في وحدة "إيكونوميست إنتليجنس يونيت"، في تصريح لوكالة "فرانس برس"، أن "رحيل (راوول) كاسترو يُشكّل علامة فارقة، ليس فقط لأنه يُمثّل نهاية عائلة استمرّت أكثر من خمسين عامًا، بل أيضًا لأنه يأتي في زمن تمرّ فيه البلاد بصعوبات واضطرابات اقتصادية كبيرة".

وأوضح مكاي: "هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون هناك تغيير جذري في أسلوب الحزب الشيوعي"، لكن "يجب أن يُسهّل الإنترنت مطالب الشفافية والحريات، ما يؤدي إلى ظهور تحديات للحكومة سيصعب على الحزب الشيوعي تجاهلها". 

تذمر اجتماعي غير مسبوق

في الأشهر الأخيرة، شهدت كوبا تذمرًا اجتماعيًا غير مسبوق، مدفوعًا بوصول شبكة الجيل الثالث (3 جي) للاتصالات إلى الهواتف المحمولة، إضافة إلى تظاهرات نظمها فنانون واحتجاجات أقامها منشقون وجماعات من قطاعات أخرى من المجتمع المدني، مثل المدافعين عن حقوق الحيوان.

كذلك، ردّدت مواقع التواصل الاجتماعي أصداء مطالب الشباب الكوبي بمزيد من الحرية السياسية وحرية التعبير.

وكتب ماركو روبيو السناتور الأميركي من أصل كوبي على تويتر الثلاثاء: "تنازل راوول كاسترو عن قيادة الحزب الشيوعي في كوبا ليس تغييرًا حقيقيًا. التغيير الحقيقي جارٍ على كل المستويات" في إشارة إلى تحرّكات المجتمع.

وبالنسبة للمحلل السياسي هارولد كارديناس: "هناك شعور كبير بالإرهاق في المجتمع" الكوبي "هو مزيج من (تأثيرات) سياسة إدارة ترامب المتمثلة في ممارسة أقصى قدر من الضغط على كوبا، وانعدام الثقة تجاه مشاريع القادة الكوبيين ووعودهم". 

وأضاف أن هذا هو ما "تحاول المعارضة السياسية استثماره".

وتشهد البلاد أسوأ أزمة اقتصادية منذ حوالي 30 عامًا. ففي العام 2020، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 11% بعدما قضى فيروس كوفيد 19 على نشاطها الرئيسي، السياحة.

وفي كل أنحاء الجزيرة، يتعيّن على الكوبيين الانتظار لساعات طويلة أمام متاجر السوبرماركت ذات الرفوف نصف الفارغة.

أهداف إصلاحية ذات صدقية

وقال الاقتصادي ريكاردو توريس من جامعة هافانا إنه يجب أن يُركّز المؤتمر الثامن "على تحديد أهداف إصلاحية ذات صدقية"، مضيفًا: "يجب أن يكون الهدف الرئيسي تحويل نظام الملكية" لتسريع انفتاح الاقتصاد على القطاع الخاص.

لكن عددًا قليلًا من الخبراء يعتقدون أن تقاعد كاسترو سيؤدي إلى تغيير سياسي كبير. فقال لويس مانويل أوتيرو ألكانتارا، منسق حركة "سان إيسيدرو"، وهي مجموعة من الفنانين الذين نظّموا أبرز احتجاجات حرية التعبير في الجزيرة منذ سنوات لصحيفة "واشنطن بوست": "تقاعد كاسترو سيكون صعبًا على الديكتاتورية. لكن هذا لا يعني المزيد من الحرية، وهذا ما نختبره الآن خلال تظاهراتنا. عندما يشعرون بالضعف، فإنهم يستخدمون النظام القمعي الذي ورثوه عن فيدل كاسترو".

ورجّح خبراء أن يظلّ راوول كاسترو صاحب القرار في كوبا في المسائل المصيرية، حتى وإن تقاعد.

وقال كارلوس الزوغاراي، الدبلوماسي الكوبي السابق المقيم في هافانا: "أعتقد أن دياز كانيل سيتخذ العديد من القرارات، ولكن سيظلّ يستشير راوول فيما يتعلّق بالقضايا المهمة، خاصّة أي شيء يتعلّق بالولايات المتحدة".

المصادر:
العربي، صحافة أجنبية، وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close