الجمعة 3 مايو / مايو 2024

قمة بايدن وبوتين... ثلاثة مخرجات رئيسية وسط توترات مستمرة

قمة بايدن وبوتين... ثلاثة مخرجات رئيسية وسط توترات مستمرة

Changed

على الرغم من تصريحات الرئيسين بوتين وبايدن حول الإيجابية التي سادت القمة، لا يزال من غير الواضح ما هو مصير الملفات العالقة بين البلدين (غيتي)
على الرغم من تصريحات الرئيسين بوتين وبايدن حول الإيجابية التي سادت القمة، لا يزال من غير الواضح ما هو مصير الملفات العالقة بين البلدين (غيتي)
سيُثبت المستقبل ما إذا كانت قمة بايدن وبوتين ناجحة أم لا، حيث يقع الأمر الآن على عاتق إدارتيهما لوضع التفاصيل وسط التوترات المستمرة.

أمس الأربعاء في جنيف، أغلقت روسيا والولايات المتحدة صفحة من حقبة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب؛ حيث اجتمع رئيسا البلدين جو بايدن وفلاديمير بوتين، في أول قمة شخصية بينهما بعدما تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوياتها منذ عقود.

وتُعتبر القمة محاولة من كلا البلدين لوضع قواعد أساسية لتخفيف التوترات بعد اتهامات أميركية لروسيا بشنّ حرب إلكترونية ضدّ الولايات المتحدة؛ وما أعقبه من عقوبات بسبب تدخّل موسكو المزعوم في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020، وما رافقه من طرد للدبلوماسيين بين البلدين.

وفي خطوة أولى مهمة، اتفق الزعيمان على عودة سفيرَي البلدين بعد استدعائهما للتشاور في وقت سابق من هذا العام.

بعد حوالي أربع ساعات من اللقاء، عقد بايدن وبوتين مؤتمرين صحافيين منفصلين؛ حيث وصفا القمة بأنها "مثّمرة"، وحدّدا مجموعة معينة من المجالات لمزيد من المناقشة حول الأمن السيبراني وتبادل السجناء.

وفي بيان مشترك صدر بعد الاجتماع، أعاد الرئيسان التأكيد على التزامهما بتجنّب الحرب النووية، وأعلنا خططًا لاستئناف المحادثات الاستراتيجية لإرساء القواعد الأساسية في المفاوضات المستقبلية للحدّ من الأسلحة.

ورصدت مجلة "فورين بوليسي" بعض النقاط الرئيسية من اجتماع جنيف.

خروج راديكالي من قمة هلسنكي

عُقدت قمة بايدن وبوتين بعد حوالي ثلاث سنوات من قمة هلسنكي في فنلندا بين بوتين وترمب. يومها، أعلن ترمب أنه يثق بصحّة كلام بوتين لا بتقارير وكالات الاستخبارات الأميركية في قضية التدخّل الروسي المزعوم في الانتخابات الرئاسية.

وحول قمة هلسنكي، قالت كبيرة مستشاري ترمب في روسيا فيونا هيل: "لقد فكرت في إطلاق جرس إنذار الحريق، أو الادعاء بالمرض، لإجبار الطرفين على إنهاء اللقاء".

وحول قمة بايدن وبوتين، قال أندريه باكليتسكي، خبير الحدّ من التسلّح في مركز أبحاث "PIR Center" ومقرّه موسكو للمجلة: "لقد مرّت فترة طويلة على عقد اجتماعات قمة عادية ومشاركة عادية؛ حيث يمكنك قراءة النص والاستماع إلى المقابلات وفهمها".

ورجّحت "فورين بوليسي" أن يكون شبح قمة هلسنكي، وسمعة بوتين في محاولته إحراج محاوريه، سببًا في اتخذا القرار بعقد مؤتمرات صحافية منفصلة يوم الأربعاء.

وصف كلا الزعيمين الاجتماعات بأنها "محترمة ومثمرة". وفي مؤتمره الصحافي، الذي عُقد قبل ساعة من مؤتمر بايدن، قال بوتين إنه على الرغم من أنه لم "يُقسم على صداقة أبدية" مع نظيره الأميركي، إلا أنه رأى "شرارة أمل" في عينيه.

من جانبه، وصف بايدن القمة بأنها "جيدة وإيجابية"، وقال إنه على الرغم من وجود خلاف، إلا أنها لم "تتم في جو من التشدّد".

لكن ذلك لا يعني أن الأمور تدعو للتفاؤل كثيرًا؛ إذ حذّر بايدن من أنه ستكون هناك "عواقب وخيمة" إذا توفي زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني في السجن؛ كما حذّر الرئيس الأميركي نظيره الروسي من شنّ هجمات إلكترونية على البنية التحتية الحيوية، مثل إمدادات الطاقة والمياه في الولايات المتحدة.

رفض بوتين ذكر نافالني بالاسم ردًا على الأسئلة المتكررة حول حقوق الإنسان في روسيا، وبدلًا من ذلك أثار التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة في القضايا المتعلّقة بالعنف المسلح، واستمرار تشغيل معتقل غوانتانامو.

وقال مايكل ماكفول، الذي عمل سفيرًا للولايات المتحدة في روسيا خلال إدارة أوباما: "لقد شعر بوتين براحة كبيرة. كان يقضي وقتًا ممتعًا".

لا اختراقات ولكن تطوّر محتمل للعلاقات

كما كان متوقّعًا، لم تكن هناك اختراقات كبيرة في قمة جنيف. لكن كلا الرئيسين حدّدا عددًا قليلًا من المجالات التي قد تشهد بعض التقدّم، بدءًا من الاتفاق على إعادة سفيرهما إلى منصبيهما.

كما أثار بايدن قضية الأميركيَين بول ويلان وتريفور ريد، اللذين حُكم عليهما بشكل منفصل بالسجن لفترات طويلة في روسيا. ورجّح بوتين أن يتوصّل البلدان "إلى حلّ وسط"، مشيرًا إلى أن وزارتي الخارجية الأميركية والروسية سيعملان على هذه القضية.

قد تكون المحادثات حول تبادل الأسرى شائكة، بسبب اختلاف تهم السجناء الذين يُريد كل بلد استعادتهم. فعلى الرغم من أن واشنطن تعتبر التهم الموجهة إلى ويلان وريد "زائفة"، إلا أنه من المرجّح أن تسعى روسيا، في المقابل، إلى إطلاق سراح تاجر الأسلحة سيئ السمعة فيكتور بوت، ومهرّب المخدرات المدان كونستانتين ياروشينكو.

واستشهد بيان مشترك موجز أصدره البيت الأبيض والكرملين في أعقاب القمة، بعبارة صدرت في قمة عام 1985 في جنيف التي عقدها الرئيس رونالد ريغان ورئيس الاتحاد السوفيتي آنذاك ميخائيل غورباتشوف، مفادها أنه "لا يُمكن كسب حرب نووية ويجب عدم خوضها أبدًا".

مع ارتباط موسكو وواشنطن باتفاقية الحدّ من الأسلحة، وهي الوحيدة المتبقية حول العالم، وافق البيان أيضًا على محادثات الاستقرار الاستراتيجي الثنائية، والتي يُمكن أن تُمهّد الطريق لمفاوضات مستقبلية للحدّ من الأسلحة بين البلدين الذين يملكان حوالي 90% من الأسلحة النووية حول العالم.

وقال ماكفول: "من الجيد أنهم أصدروا بيانًا مشتركًا حول هذه القضايا. إنه مهم حتى وإن كان موجزًا".

الوقت كفيل بتحقيق النتائج

لا يزال من غير الواضح ما ناقشه الزعيمان من القضايا الأخرى: تغيّر المناخ، والقطب الشمالي، وبيلاروسيا، وسوريا، والحرب المستمرة في أوكرانيا.

المستقبل هو الذي سيُثبت ما إذا كانت قمة بايدن وبوتين "ناجحة أم لا". يقع الأمر الآن على عاتق إدارتيهما لوضع التفاصيل وسط التوترات المستمرة والتدقيق السياسي المكثّف في واشنطن.

وقال ماكفول: "يأتي العمل الجاد في اليوم التالي للقمة".

وهذا ما يُدركه بايدن تمامًا، عندما قال في مؤتمره الصحافي: "العبرة في التنفيذ".

المصادر:
فورين بوليسي

شارك القصة

تابع القراءة
Close