Skip to main content

غضب في شمال سوريا من الاستجابة البطيئة للزلزال.. أين العالم عندما احتجنا إليه؟

الخميس 16 فبراير 2023

بعد أسبوع على الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في السادس من فبراير/ شباط الحالي، تتعالى الأصوات الغاضبة في الشمال السوري من استجابة المجتمع الدولي والأمم المتحدة "البطيئة" للكارثة التي حلّت بالمدن التي سُوي بعضها بالأرض بشكل كامل.

يأتي ذلك، فيما أوضح مراسل "العربي" أن 22 شاحنة محمّلة بالمساعدات عبرت اليوم الخميس، عبر معبر باب الهوى، والتي تمّ تسليمها للمنظمات المحلية الشريكة للأمم المتحدة.

ونقل مراسلنا عن المنظمات الإغاثية المحلية قولها: إن المساعدات التي وصلت إلى مناطق شمال غرب سوريا "غير كافية حتى الآن مقارنة بالضرر الذي أصاب المنطقة جراء الزلزال"، مشيرًا إلى وجود أكثر من 800 ألف متضرّر وأعداد هائلة من النازحين الذين يفترشون الطرقات في ظل عدم وجود خيام كافية لتلبية الاحتياجات.

أما من الناحية الصحية، فأشار إلى ضعف الاستجابة الطبية نتيجة الضغط الهائل على المستشفيات، مع خروج بعض المستشفيات عن الخدمة، موضحًا أن عددًا من الفرق الطبية وصلت إلى المنطقة على رأسها الفريق الطبي القطري.

ولفت إلى أن رحلة بعض المصابين طويلة مع العلاج نظرًا لخطورة الإصابات، وهو ما يستدعى وصول المزيد من المساعدات الإغاثية والصحية.

منسيون في جنديرس

من جهتها، ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أنه مع وفاة كل العالقين تحت الأنقاض في مدينة جنديرس السورية، يتدافع الناجون للحصول على الإمدادات الغذائية والمنقذة للحياة في ظل الطقس القارس.

واعتبرت الصحيفة أنها ليست المرة الأولى التي يشعر فيها سكان شمال سوريا بأنهم منسيون، في عالم لم يتأثر بمعاناتهم بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية.

وقالت رقية مصطفى للصحيفة: إن أهالي مدينتها كانوا يطلبون المساعدة منذ اللحظة الأولى للزلزال لإنقاذ الناجين من تحت الأنقاض، ثم توفير المأوى والطعام في ظل الطقس القاسي.

وسألت: "أين كان العالم عندما احتجنا إليهم؟ لماذا نروي قصصنا عندما لم يتبق لنا شيء؟".

وقالت: عندما سافر مسؤولو الهيئات الإغاثية إلى دمشق وحلب الخاضعين لسيطرة النظام السوري، تحوّل اليأس في شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة إلى غضب وحزن، "لقد أدركنا أننا لن نحصل على مساعدات. لقد أخرجنا الجثث بأيدينا، وأولئك الذين لم نتمكن من الوصول إليهم ماتوا تحت الأنقاض".

وأثار إعلان الأمم المتحدة الإثنين عن حصولها على موافقة رئيس النظام السوري بشار الأسد، على فتح معابر حدودية إلى الشمال الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة، استهجانًا كبيرًا لأن جنديرس كانت موطنًا للنازحين من جميع أنحاء سوريا، وخاصّة أولئك الذين تحدّوا الأسد وأُجبروا على النزوح نتيجة لذلك.

وقال طارق عامر، أحد هؤلاء النازحين، للصحيفة: "الأسد أسوأ من الزلزال. والأمم المتحدة تقتلنا أكثر بسياستها تجاه بشار. لسنا بحاجة له لفتح الحدود، لأنها مفتوحة أصلًا. فلماذا يطلبون إذنه؟".

جزء صغير في الاحتياجات

والثلاثاء، عبرت أول قافلة مساعدات غير مجدولة الحدود في معبر باب السلامة، محمّلة بالخيام والأدوية والبطانيات، وهي جزء صغير في الاحتياجات الجماعية لمحافظة عانت خلال العقد الماضي أكثر من معظم المدن الأخرى في الشرق الأوسط.

وقال معاذ مصطفى مدير "المنظمة السورية للطوارئ" المعارضة للصحيفة: إن إعلان الأمم المتحدة يستند إلى تفسيرات ضيّقة ومتناقضة بشدة للقانون الدولي.

وأضاف مصطفى: "لا يحقّ لنظام الأسد أن يكون السلطة المطلقة على مصير ملايين المدنيين في المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام في سوريا. الأمم المتحدة ليست بحاجة لقرار من مجلس الأمن لتقديم المساعدة الإنسانية عبر الحدود، ومع ذلك فهي تسمح للأسد بأن يكون الممثل الوحيد للأشخاص الذين اضطهدهم منذ 12 عامًا".

"كيف سأتعافى مما حصل؟"

من جهته، خسر علي بكر (60 عامًا) 17 فردًا من عائلته ولم ينج سوى واحد فقط. وقال للصحيفة: "أحتاج إلى مساعدة عقلية لتهدئة أعصابي. أخرجت الجثث بيدي".

أما عمران سيدو (36 عامًا)، الذي توفي أطفاله الثلاثة فسأل: "كيف سأتعافى من هذا؟. لقد تفاقم ألمي لمعرفة ألا أحد يهتمّ بنا".

وعلى طول الطريق المؤدية إلى جنديرس، بالقرب من مدينة عفرين، وصلت مساعدات قطرية وسعودية، بينما قامت المنظمات غير الحكومية داخل المنطقة بتوزيع مواد الإغاثة من المخزونات الموجودة مسبقًا.

لكن الاستجابة العالمية الجزئية والبطيئة، حتى الآن، والإذعان للأسد تخيم بظلالها على المنطقة.

وقال أحد السكان: "ذهبت إلى أوكرانيا ورأيت سيارات الأمم المتحدة موجودة في كل خمسة أمتار"، مضيفًا: "أنا أفهم ما مرّوا به. ولكن نحن كذلك، وما زالت معاناتنا مستمرة".

أما في المستشفيات، فتنخفض كميات الأدوية وكذلك الأمر بالنسبة للمعنويات.

استقبل مستشفى عفرين، أحد أكبر المستشفيات في المنطقة، 750 مريضًا في الساعات الأولى لوقوع الزلزال، من الوفيات والمصابين إصابات خطيرة، معظمهم من الأطفال الذيت تطلب بتر أعضائهم المصابة.

وقالت ودان النصر، التي أجرت معظم العمليات الجراحية، للصحيفة: "إنها من أصعب الأمور ليس من الناحية التقنية بل لطبيعة المرضى".

من جهتها، رقدت الطفلة نور، البالغة من العمر ثلاث سنوات، مبتورة الساق بعد سقوط منزلها ووفاة والدتها وإخوتها. كان والدها يأتي لزيارتها في معظم الأيام، وأثناء غيابه تُمسك بالونًا على شكل يد لإشعارها بالراحة.

وسأل عامر: "أين هي الدول التي تدّعي أن للحقوق الإنسانية أهمية قصوى؟ إنهم يستغلّون معاناتنا، ويبدو أنهم يهتمون بحقوق الحيوان أكثر من حقوق الإنسان".

وأضاف: "مع انتهاء عمليات الانقاذ، سيرتفع عدد الوفيات جراء الزلزال. لكن النظام السوري لديه الكثير من الأسرار التي يجب الكشف عنها. قام الروس باختبار 400 سلاح علينا، وحوّلونا إلى فئران تجارب"، مضيفًا: "نعيش بؤسًا فوق المعاناة. ويجب على العالم أن يساعدنا في إعادة البناء، ويحتاج إلى التعلّم من دروس التاريخ: فالأسد ليس صديق لهم".

المصادر:
العربي - ترجمات
شارك القصة