الإثنين 17 يونيو / يونيو 2024

فقد قبابه ومآذنه.. هذا ما فعلته الصين بأحد أكبر مساجدها

فقد قبابه ومآذنه.. هذا ما فعلته الصين بأحد أكبر مساجدها

Changed

استند تصميم مسجد شاديان إلى المسجد النبوي في المدينة المنورة بالسعودية
استند تصميم مسجد شاديان إلى المسجد النبوي في المدينة المنورة بالسعودية- الغارديان
فقد مسجد شاديان المبني على الطراز العربي في الصين قبابه وتم تعديل مآذنه بشكل جذري ضمن حملة حكومية لإضفاء الطابع الصيني على أماكن العبادة الإسلامية.

ضمن حملة حكومية لإضفاء الطابع الصيني على أماكن العبادة الإسلامية في البلاد، فقد مسجد شاديان أحد أكبر المساجد في الصين ملامحه ذات الطراز العربي على غرار القباب، كما جرى تعديل مآذنه بشكل جذري.

وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أنّ المسجد شاديان يقع فوق البلدة الصغيرة التي أخذ منها اسمه في مقاطعة يونان الجنوبية الغربية، مضيفة أنّه حتى العام الماضي، كان المجمع الذي تبلغ مساحته 21 ألف متر مربع، يضمّ مبنى كبيرا تعلوه قبة خضراء مبلّطة ومزيّنة بهلال، وتُحيط بها أربع قباب أصغر حجمًا ومآذن شاهقة.

وتُظهر صور الأقمار الصناعية التي التُقطت عام 2022، جناح المدخل مزينًا بهلال كبير ونجمة مصنوعة من البلاط الأسود الزاهي.

فقد مسجد شاديان أحد أكبر المساجد في الصين ملامحه ذات الطراز العربي
فقد مسجد شاديان أحد أكبر المساجد في الصين ملامحه ذات الطراز العربي- الغارديان

إلا أنّ الصور وروايات الشهود التي التُقطت هذا العام، تُظهر أنّ القبّة قد أُزيلت واستُبدلت بسطح معبد على طراز الهان الصيني، وتمّ تقصير المآذن وتحويلها إلى أبراج باغودا. ولا يمكن رؤية سوى أثر خافت لبلاط الهلال والنجمة الذي كان يميز الشرفة الأمامية للمسجد.

وعلى بعد أقلّ من 100 ميل من مسجد شاديان، أُزيلت معالم مسجد ناجياينغ التاريخي أيضًا في عملية تجديد.

خطة صينية

وفي عام 2018، نشرت الحكومة الصينية خطة خمسية حول "إضفاء الطابع الشرعي على الإسلام"؛ ويتمثّل جزءًا من الخطة في مقاومة "الأنماط المعمارية الأجنبية" وتعزيز "العمارة الإسلامية المليئة بالخصائص الصينية".

وتُظهر مذكرة مسرّبة للحزب الشيوعي الصيني أنّ السلطات المحلية تلقّت تعليمات "بالالتزام بمبدأ هدم المزيد وتقليص البناء".

وقالت هانا ثيكر مؤرخة الإسلام في الصين بجامعة بليموث، إن حملة إضفاء الطابع الصيني على المساجد تقدّمت "من مقاطعة إلى أخرى"، مضيفة أنّه "بحلول عام 2023، كان هناك شعور بين المجتمعات بأنّ إضفاء الطابع الصيني على الهندسة المعمارية سيصل إلى مساجد يونان الشهيرة، باعتبارها آخر المساجد الرئيسية غير المصنّفة في الصين".

مساجد الصين

بدوره، قال ما جو، وهو ناشط صيني من أقلية الهوي ومقيم في نيويورك، إنّ التجديدات كانت "رسالة واضحة بتدمير دينكم وعرقكم".

والهوي هم أقلية عرقية مسلمة صينية يعيش معظمهم في غرب الصين. يبلغ عددهم 11 مليون شخص، وفقًا لتعداد عام 2020.

وبُني مسجد شاديان الكبير لأول مرة في عهد أسرة مينغ. ودُمّر خلال انتفاضة عُرفت باسم حادثة شاديان، حيث قمع جيش التحرير الشعبي انتفاضة مسلمي الهوي في المنطقة، وقُتل خلالها أكثر من 1000 شخص.

وفي وقت لاحق، أُعيد بناء المسجد وتوسيعه بدعم حكومي. واستند تصميمه إلى المسجد النبوي في المدينة المنورة بالسعودية، ويحتوي على ثلاث قاعات للصلاة تتّسع لـ 10 آلاف مصلٍ.

وقال أحد مسلمي الهوي الذي عارض إعادة تطوير المساجد للصحيفة: "مسجد شاديان مهم جدًا لجميع المسلمين، وليس فقط في شاديان. إنّها خسارة كبيرة"، مضيفًا: "أردنا فقط الحفاظ على آخر جزء من كرامتنا، لأنّه باستثناء شاديان وناجياينغ، تم إعادة تصميم كل مسجد في البلاد".

ومن التعديلات التي أُجريت على المسجد، كانت إضافة أحرف صينية تحت الكتابة العربية المطلية بالذهب على واجهة المبنى. ويقول النصّ الصيني: "القصر الإمبراطوري للحقيقة العليا"، وهو مصطلح طاوي يُستخدم أيضًا في الإسلام الصيني. لكن لم يتمّ ربطه من قبل بمسجد شاديان.

وقال إيان جونسون، مؤلف كتاب "أرواح الصين"، وهو كتاب عن الدين، للصحيفة: "بالنظر إلى التاريخ المأساوي لتدمير هذا المسجد أكثر من مرة، فإن إعادة بنائه وإعادة تسميته هو جهد آخر لمحو معتقدات السكان المحليين وتراثهم الثقافي".

حملة ضد "الإيغور"

في عام 2014، أطلقت الحكومة الصينية "حملة شرسة" ضد الإيغور، الذين يعيشون بشكل رئيسي في المنطقة الشمالية الغربية من شينجيانغ. وتضمّنت السياسات تدابير مراقبة قمعية وعقوبات قاسية على التعبير عن العقيدة الإسلامية، مثل حيازة نسخ من القرآن أو مواد إسلامية أخرى.

وأدت الحملة في النهاية إلى سجن حوالي مليون من الإيغور والأقليات الأخرى في مراكز احتجاز خارج نطاق القضاء، وهو ما قالت الأمم المتحدة إنه قد يُشكّل جرائم ضد الإنسانية. ودافعت الحكومة الصينية عن سياساتها باعتبارها ضرورية لمعالجة التطرف والانفصالية.

وفي عام 2018، امتدت الحملة رسميًا إلى تطويع العمارة الإسلامية. ووجد تحليل نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" العام الماضي، أنّ  الحكومة عدّلت أو دمّرت ثلاثة أرباع المساجد البالغ عددها أكثر من 2300 مسجد في جميع أنحاء الصين.

وشهد العام الماضي اشتباكات بين مئات من رجال الشرطة والمتظاهرين في مسجد ناجياينغ بسبب أعمال التجديد المقررة، وتمّ قمع الاحتجاجات في النهاية واستمرّت أعمال التجديد.

وبعد أحداث ناجياينغ، قال موظف سابق في مسجد شاديان غادر الصين في عام 2021 للصحيفة: "منذ ذلك الوقت، أدرك شعب شاديان أنّ الحكومة لديها سلطة قوية للغاية للسيطرة على كل شيء. لكنّ الناس غير راضين عن إجبار الحكومة لهم على تغيير الهندسة المعمارية للمسجد".

وتُعتبر خطة الصين لتسيس المساجد مكتملة إلى حد كبير، ولكنّها ليست سوى جزء من خططها لقولبة الدين، وخاصة الإسلام، ليتناسب مع أيديولوجية الحكومة.

وفي فبراير/ شباط الماضي، شدّدت بكين لوائحها المتعلّقة بالتعبير الديني لضمان أنّ الأديان "تلتزم باتجاه إضفاء الطابع الصيني".

وتحظر العديد من السلطات المحلية بالفعل على الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا ارتياد المساجد. وفي ناجياينغ، يُمنع القصر من الصيام.

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close