الإثنين 6 مايو / مايو 2024

كواليس الحادث بلسان من عاصروه.. قصة سقوط طائرة الصحفيين الجزائريين

كواليس الحادث بلسان من عاصروه.. قصة سقوط طائرة الصحفيين الجزائريين

Changed

حلقة من برنامج "كنت هناك" تلقي الضوء على حادثة سقوط طائرة الصحفيين الجزائريين المرافقين للرئيس بومدين في زيارته إلى فيتنام عام 1974 (الصورة: وسائل التواصل)
لم يذع خبر وفاة الصحفيين في حادث سقوط الطائرة بنشرة الثامنة الإخبارية إلا بعد إعلام أهالي الضحايا بما حصل في ظل حرص على عدم نشر أي إشاعات.

يوم الجمعة 8 مارس/ آذار 1974 سقطت طائرة عسكرية فيتنامية ما أدى إلى وفاة 15 صحفيًا جزائريًا، وتسعة صحفيين فيتناميين.

وكان الصحفيون الجزائريون الضحايا في مهمة إعلامية رافقوا فيها الرئيس الراحل هواري بومدين في زيارته إلى الدولة الواقعة في قارة آسيا.

وتحطمت الطائرة في مطار هانوي العسكري أثناء إقلاعها في طريق العودة نتيجة ارتطامها بالأشجار المحاذية للمطار.

واستقبل الجزائريون جثامين المتوفين بعد عودتهم من فيتنام، وسط أجواء من الألم والحزن.

كان الصحفيون الجزائريون بمهمة إعلامية رافقوا فيها الرئيس الراحل هواري بومدين برحلة إلى فيتنام
كان الصحفيون الجزائريون بمهمة إعلامية رافقوا فيها الرئيس الراحل هواري بومدين برحلة إلى فيتنام

وبعد وقوع الحادثة راجت في الأوساط الإعلامية، معلومات تفيد بأن العملية مدبرة وكانت تستهدف الرئيس بومدين الذي تولى الحكم عام 1965، غير أن التحريات أثبتت أن الحادث وقع بسبب سوء تقدير من قائد الطائرة.

ويقول المهدي قهواجي، شقيق أحد ضحايا الطائرة، إنه بعد انتهاء الرئيس بومدين من زيارته للقاعدة العسكرية بدولة فيتنام، وأثناء ركوب الطائرة الرئاسية من نوع "بوينغ 727" استقل معه الطائرة وفد من الوزراء إضافة إلى الصحفيين الجزائريين.

وكان من بين الركاب صحفيون من دولة فيتنام، لكن مدير الأمن الرئاسي رفض ركوب صحفيين أجانب في نفس الطائرة.

الاغتيال مستبعد

ويشير قهواجي إلى أن الأمن قاموا بإنزال كل الصحفيين من الطائرة الرئاسية بينهم الصحفيون الجزائريون، وخصصوا لهم طائرة أخرى، ومن ثم أقلعت طائرة الرئيس، ثم تبعتها طائرة الصحفيين من نوع "أونتونوف" ثم ما لبثت أن أقلعت حتى سقطت.

ويرى أن قضية احتمال الاغتيال ضئيل جدًا، لأن الشهود قالوا بأن طائرة الصحفيين ارتطمت مؤخرتها بأشجار، وكان ذلك سوء تقدير من الطيار.

وصفت الصحافة الجزائرية الضحايا بأنهم "شهداء الواجب"
وصفت الصحافة الجزائرية الضحايا بأنهم "شهداء الواجب"

وينوه قهوجي، إلى أنه لم يكن على علم بأن شقيقه كان ذاهبًا مع الرئيس إلى فيتنام، مضيفًا أنه علم بخبر سقوط الطائرة أثناء رجوعه إلى منزل أخيه.

من جانبه يؤكد محمد حمدادو، وهو شاهد على سقوط الطائرة، أن المطارات في فيتنام كانت كلها مدمرة باستثناء مطارين، وواحد كبير يمكن أن تنزل به الطائرة الرئاسية، ويبعد عن المدينة 35 كلم، رغم أنه آنذاك كان فيه مدرج واحد صالح للاستخدام.

وعند النزول جاءت سيارات ونقلت الرئيس إلى هانوي، لتهنئة هذا البلد، وكذلك تقديم دعم الجزائر لنهضة فيتنام من جديد عقب الحرب.

وكان الجو غائمًا عند لحظة عودة طائرة الرئاسة إلى الجزائر، لكن المؤكد أن الطائرة الثانية غادرت على الفور.

ولفت حمدادو، إلى أن الرئيس بومدين أمر على الفور بعد سقوط الطائرة بفتح تحقيق، وكلف وزير الإعلام بالإشراف عليه.

أصر الرئيس بومدين أن يستقبل الضحايا بنفسه في المطار
أصر الرئيس بومدين أن يستقبل الضحايا بنفسه في المطار

ويشير محمد بوعزارة، وهو إعلامي وكاتب، إلى أن الصحفيين كانوا شبابًا وفي قمة العطاء وكانوا ذوي كفاءات عالية، وهم 9 صحفيين من الإذاعة والتلفزيون، و5 من الصحافة المكتوبة ومن وكالة الأنباء الرسمية ومن إعلام الرئاسة.

ويبين محيي الدين عميمور، مستشار رئيس الجمهورية ووزير سابق، أن الرئيس طلب جوازات سفر الصحفيين واسترجع صورهم، وكان متأثرًا جدًا مما حدث.

ويلفت عميمور، إلى أنه عند وصول طائرة الرئيس تبلغوا بأن الطائرة الثانية سقطت، حيث كانت تحليلات عديدة تدور حول سبب السقوط، إلا أن الشهود قالوا إن الطائرة ارتطمت بالأشجار.

بومدين حي يرزق

وأضاف المتحدث، أنه بعد الرجوع من فيتنام إلى بنغلادش ثم إلى الكويت، لم تتم إذاعة خبر سقوط الطائرة الثانية، إلا بعدما رأى الجزائريون عبر التلفاز صورة بومدين وهو في الكويت حي يرزق.

وهو في الكويت، قرر بومدين إبلاغ الجزائريين بحادثة سقوط طائرة الصحفيين، عبر اتصال هاتفي مع أمين عام رئاسة الجمهورية الجزائرية آنذاك، وطلب بومدين منه إجراء الاتصال بعائلات الصحفيين شخصيًا.

ولم يذع الخبر بنشرة الثامنة الإخبارية، إلا بعد إعلام أهالي الضحايا بما حصل، إذ حرصت الجزائر على عدم ظهور أي إشاعات وروايات حول الحادثة.

أما الصحفي محمد ملايكة، الذي تأخر عن الرحلة وكتبت له الحياة، فقال إنه كان في عطلة، وإنهم اتصلوا به وأخبروه بالموعد، لكن عقب ذلك لم يتم تذكيره بالرحلة، وفق قوله.

ووصف بوعزارة لحظة تبلغه بالخبر، حيث غرق الجميع بالبكاء داخل غرفة التحرير في التلفزيون الرسمي.

وعندما عادت الجثامين إلى الجزائر، أصر الرئيس بومدين أن يستقبل الضحايا بنفسه في المطار، وهم ملفوفون بعلم البلاد، وذلك بعد أسبوعين من حادثة السقوط.

ويختم محيي الدين عميمور، مستشار رئيس الجمهورية ووزير سابق حديثه بالقول: "لقد أحس الشعب الجزائري بأن هؤلاء الصحفيين مجاهدون بعدما فقدوا حياتهم في ميدان الشرف وهم يقومون بواجب وطني".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close