الخميس 9 مايو / مايو 2024

للموظفين.. هكذا "يراقبكم" المدير من دون الحاجة إلى برامج خاصة

للموظفين.. هكذا "يراقبكم" المدير من دون الحاجة إلى برامج خاصة

Changed

فقرة أرشيفية تتناول الانعكاسات النفسية والجسدية للعمل عن بعد أو من المنزل (الصورة: غيتي)
تقدّم التطبيقات الشائعة الاستخدام للعمل والمتصلة بشبكة الإنترنت مثل "زوم" و"سلاك" و"ميكروسوفت أوفيس" للمدراء بيانات توفر تفاصيل حول يوم موظف ما.

يؤدي مئات الآلاف من الأشخاص أعمالهم عن بعد منذ تفشي فيروس كورونا، ما طرح تساؤلات لدى أرباب العمل والمدراء حول سبل مراقبة سير العمل وأداء هؤلاء الموظفين.

وبالفعل، يستعين أرباب العمل ببرمجيات المراقبة بشكل متزايد سعيًا لإدارة الإنتاجية وضمانها. ففي بداية عام 2022، زاد الطلب العالمي على برامج مراقبة الموظفين بنسبة 65% مقارنة بعام 2019، وفقًا لشركة أمن الإنترنت والحقوق الرقمية "توب10 في بي أن".  

لكن ما قد لا يعرفه الموظفون أنفسهم أن المدراء قادرون على تكوين صورة عن يوم عمل أي موظف حتى من دون اللجوء إلى برنامج مراقبة خاص، ومن خلال التطبيقات العادية، بحسب صحيفة "واشنطن بوست". 

يؤدي مئات الآلاف من الأشخاص أعمالهم عن بعد منذ تفشي فيروس كورونا - غيتي
يؤدي مئات الآلاف من الأشخاص أعمالهم عن بعد منذ تفشي فيروس كورونا - غيتي

تطبيقات العمل تنقل بيانات الموظفين 

وفقًا لتقرير صحيفة "واشنطن بوست"، تمنح التطبيقات الشائعة الاستخدام للعمل والمتصلة بشبكة الإنترنت مثل "زوم" و"سلاك" و"ميكروسوفت أوفيس" المدراء القدرة على معرفة العديد من التفاصيل حول يوم موظف ما.

فبرنامج "مايكروسوفت 365" يمكّن مسؤول الحساب من سحب البيانات حول عدد رسائل البريد الإلكتروني التي أرسلها موظف ما وعدد الملفات التي حفظت على محرك أقراص مشترك وعدد اجتماعات الفيديو التي شارك فيها من خلال "غوغل وورك بلايس". 

كذلك يتيح "مايكروسوفت تيمز" من "غوغل" للمسؤولين، لأغراض الأمان والتدقيق، معرفة عدد رسائل البريد الإلكتروني التي أرسلها المستخدم واستلمها، وعدد الملفات التي حفظها ووصل إليها على "غوغل درايف"، ومتى بدأ المستخدم اجتماع فيديو ومن أين انضم ومن شارك في الاجتماع. 

أفادت دراسة بأن العمل من بعد ليس مثاليًا بالشكل الذي يتخيله معظم الأشخاص - غيتي
أفادت دراسة بأن العمل من بعد ليس مثاليًا بالشكل الذي يتخيله معظم الأشخاص - غيتي

أمّا في حسابات تطبيق "سلاك" المدفوعة، يمكن للمدراء معرفة عدد الأيام التي نشط فيها المستخدمون وعدد الرسائل التي أرسلوها خلال فترة زمنية محددة. 

كذلك يسمح تطبيق "زوم" لمسؤولي الحساب بمعرفة عدد الاجتماعات التي شارك فيها المستخدمون، ومدتها وما إذا تم تشغيل الكاميرا والميكروفون خلال اجتماع ما.  

هل يعكس النشاط الرقمي الإنتاجية؟ 

لكن هذه التفاصيل قد لا تعكس بشكل دقيق مقدار العمل الذي ينجزه الموظفون بحسب "واشنطن بوست"، حيث يوضح نائب رئيس شركة "غارتنير" والمحلل الذي يركز على الخصوصية والتكنولوجيا بارت ويليامسن، أن "النشاط لا يساوي الإنتاجية، في حين أن الإنتاجية يجب أن تساوي النتائج". 

من جهتها، تقول شركات البرمجيات: "إن تقاريرها ليست لتقييم الموظفين ومراقبتهم". فقد صرحت "ميكروسوفت" إن استخدام التكنولوجيا لمراقبة الموظفين يؤدي إلى نتائج عكسية، مشيرة إلى أن بعض المديرين قد يعانون من "جنون الارتياب في الإنتاجية". 

أمّا تطبيق "سلاك"، فيورد في قسم المساعدة في موقعه الإلكتروني، أن بيانات التحليلات التي يقدمها يجب أن "تُستخدم لفهم استخدام فريق العمل بأكمله لتطبيق سلاك، وليس لتقييم أداء الفرد".

لا تعكس التفاصيل التي تتوافر للمدراء بشكل دقيق مقدار العمل الذي ينجزه الموظفون - غيتي
لا تعكس التفاصيل التي تتوافر للمدراء بشكل دقيق مقدار العمل الذي ينجزه الموظفون - غيتي

ويشير بريان إليوت، نائب الرئيس الأول لشركة "سلاك" إلى أن استخدام التحليلات القائمة على النشاط لقياس الإنتاجية لا يراعي أنماط الاتصال المختلفة لدى الأشخاص. وقد يؤدي تحفيز هذا النوع من النشاط مقابل النتائج الفعلية إلى زيادة التوتر وتقويض ثقة العمال.

ويقول: "قياس الإنتاجية بناءً على نشاط الرسائل المرسلة مثلًا "يمنحنا رؤية محدودة للغاية لمساهمات الشخص في مؤسسته"، مضيفًا: "لا يُعَدّ التقييم بناءً على ذلك تعسّفيًا فحسب، بل إنه عادة ما يؤدي إلى نتائج عكسية".

ويتفق العديد من خبراء مكان العمل على شيء واحد, وهو أن البيانات لا تمثل إنتاجية العامل بشكل صحيح، حيث لا يظهر في هذه البيانات أنشطة مثل التوجيه الشخصي، أو قضاء بعض الوقت في العصف الذهني أو رسم خطة أو استخدام برامج غير متصلة بالإنترنت. وقد يؤدي قياس الكمية إلى تقليل جودة عمل الفرد أو تفاعلاته.

وبحسب وليامسن من "غارتنر"، فإذا اختار أصحاب العمل استخدام هذه البيانات لتقييم الموظفين، "فمن المحتمل أن يقلل ذلك من الولاء للشركة ويؤدي إلى عمل الأشخاص فقط لتلبية المعايير بدلًا من أداء وظائفهم بشكل فعال". 

يستعين أرباب العمل ببرمجيات المراقبة بشكل متزايد سعيًا لإدارة الإنتاجية وضمانها - واشنطن بوست
يستعين أرباب العمل ببرمجيات المراقبة بشكل متزايد سعيًا لإدارة الإنتاجية وضمانها - واشنطن بوست

الوجه الآخر للعمل من المنزل

وكان موقع مجلة "آي بي سي" الأميركية، قد نشر في يوليو/ تموز الماضي دراسة أفادت بأن العمل من بعد ليس مثاليًا بالشكل الذي يتخيله معظم الأشخاص، حيث رأى معظم من شملتهم الاستطلاعات في الدراسة، أن العمل من المنزل يجعل الحدود بين الحياة المنزلية والعملية غير واضحة، كما يعزز حالة العزل عن زملاء العمل.

أكثر من ذلك، شعر العديد من المشاركين في استبيانات الدراسة، بالمزيد من الإرهاق خلال فترة عملهم عن بعد، وهو ما أثّر على لياقتهم البدنية بشكل سلبي.

وأوضحت الباحثة الرئيسة في الدراسة، الأستاذة المساعدة جودي أوكلن، أن موظفين فقدوا العديد من التحركات الجسدية خلال هذا الفترة، حيث أن العمل في المكاتب يحتاج إلى المشي باتجاه قاعات الاجتماع، وغيرها من المكاتب، بالإضافة إلى التنقلات الصباحية خلال المضي إلى العمل، وهي تحركات تضيف العديد من الخطوات خلال النهار.

من جهته، قال أستاذ علم النفس الاجتماعي محسن بن زكور، في حديث سابق إلى "العربي" من المغرب: "إن عدم التمييز بين الواجبات المهنية، والمنزلية عند العمل من بعد، تنتهي بخسارة العامل ساعاته المخصصة لنفسه، على الصعيد النفسي"، مشيرًا إلى أن الإنسان كائن متنوع الأبعاد والحاجيات، ويحتاج خصوصية وحياة أسرية واجتماعية كما يحتاج للعمل.  

كما أشار بن زكور إلى أن العمل عن بعد يجعل من الإنسان قاصرًا عن الحركة بينما هو كائن حركي بطبيعته. 

المصادر:
العربي- ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close