الخميس 2 مايو / مايو 2024

تونس.. أزمات اقتصادية واجتماعية متفاقمة "ترهق" المواطنين

تونس.. أزمات اقتصادية واجتماعية متفاقمة "ترهق" المواطنين

Changed

مظاهرات تونس
%40 من التحركات الاحتجاجية المرصودة منذ بداية السنة الحالية ذات طابع اجتماعي و33% منها كانت ذات طابع اقتصادي (غيتي)
بلغ عدد التحركات الاجتماعية المرصودة في تونس منذ مطلع يناير إلى غاية 23 فبراير الماضيين 2675 تحركًا، في وقت فقد العديد من المواطنين موارد رزقهم.

تعيش تونس أزمة آخذة في التفاقم في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وبسبب الاضطرابات السياسية، فقد تجددت خلال الأشهر الأخيرة سلسلة من الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالتشغيل والتنمية، تعود بالذاكرة لتلك التي وقعت خلال السنوات الأولى لثورة عام 2011.

وبدت الاحتجاجات الأخيرة أكثر قوة من سابقاتها، لا سيما أنها تزامنت مع التداعيات السلبية التي خلفتها جائحة كورونا، والتي أدت إلى فقدان العديد من المواطنين مواردَ رزقهم.

إحصائيات لعدد الاحتجاجات في تونس

ووفق نشرة أصدرها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بلغ عدد التحركات الاجتماعية والاحتجاجات طيلة العام 2020 نحو 8759 تحركًا احتجاجيًا، منها 5727 احتجاجًا عشوائيًا.

وبلغ عدد الاحتجاجات 9091 احتجاجًا في 2019، و9365 احتجاجًا في 2018، و10452 احتجاجًا في 2017، و8713 احتجاجًا في 2016.

ولفت المنتدى إلى أن عدد التحركات الاجتماعية المرصودة في تونس منذ مطلع يناير/ كانون الثاني إلى غاية 23 فبراير/ شباط الماضيين بلغ 2675 تحركًا.

وقال المنتدى التونسي إن 40% من التحركات الاحتجاجية المرصودة منذ بداية السنة الحالية ذات طابع اجتماعي و33% منها كانت ذات طابع اقتصادي.

ويأتي ذلك، بينما شهدت نسبة البطالة، ارتفاعًا لتصل إلى 17.4% في الربع الرابع من 2020، مقابل 16.2% مسجلة في الربع الثالث من العام نفسه، و14.9% في الربع الرابع من 2019.

مقاربات خاطئة لحل الأزمات في تونس

برأي الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي، فإن المقاربات الخاطئة للدولة هي السبب وراء ما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.

وأكد الشكندالي أن انعدام الثقة الذي أصبح يسود الوضع العام في البلاد ساهم في تراجع الاستثمار وتفاقم الاحتجاجات والانفلات الاجتماعي.

وفيما يتعلّق بالاحتجاجات المطالبة بالتشغيل، قال الشكندالي: إن القطاع العام هو الذي تحمّل وحدَه مسؤولية التوظيف، مشيرًا إلى أن القطاع الخاص عاش تحت الضغوط منذ السنوات الأولى لما بعد الثورة. وأضاف: "العدالة الانتقالية لم تتضح على مستوى محاسبة رجال الأعمال، وهو ما خلق حالة من الانتظار وبالتالي تعطل الاستثمار، وأيضًا ضغوطات سياسية أخرى بسبب عدم الاستقرار السياسي".

وأشار إلى أن "التجاذبات بين رؤوس السلطة اليوم وعدم الثقة فيما بينهم، وانعدام الثقة بين البنك المركزي التونسي والحكومة، أضعف ثقة المستثمر بالدولة".

ولم يتوقف الأمر على تحديات التوظيف، بل إن القوة الشرائية تراجعت مع مرور السنوات، "ففي 2010 كانت القوة الشرائية تقدر بـ 345 دولارًا في الشهر (500 دينار تونسي)، إلا أنها تراجعت في 2019 إلى 275 دولار".

وضع اقتصادي واجتماعي متأزّم في تونس

من جهته، نبّه الخبير الاقتصادي محسن حسن إلى أن الوضع خطير، ولا سيما مع تجاوز نسبة البطالة 17%، ونسبة الفقر 20% وفشل التنمية الجهوية والمنوال الاقتصادي، مشيرًا إلى أن "السياسات الاقتصادية لم تحقق التنمية العادلة، حيث إن الفوارق الجهوية زادت".

وشدد على أنه "يجب على الدولة القيام بواجبها في حماية مواقع الإنتاج"، مبينًا أن "الحكومة الحالية على ضعف الإمكانات كونت فريقًا حكوميًا يتنقل إلى الجهات ويقع التوافق على جملة من المشاريع" التي اعتبرها المتحدث مجرد "مسكنات" فقط.

وشهدت الكامور وقفصة احتجاجات اجتماعية لشبان يطالبون بالتشغيل، نتج عنه تعطيل حركة إنتاج النفط، الأمر الذي خلف ضررًا على الاقتصاد المحلي.

وفي يونيو/ حزيران 2017، أبرمت الحكومة السابقة برئاسة يوسف الشاهد، وممثلي المحتجين بمنطقة "الكامور" في تطاوين، اتفاقًا لفض اعتصام دام أكثر من شهرين، مقابل الاستجابة لمطالب الاحتجاجات المتعلقة بتوفير فرص عمل وتنمية المحافظة، لكن لم يتم تحقيق جميع المطالب حتى اليوم.

الحل لأزمات تونس سياسيٌّ

وبحسب حسن، فإن "الحل أمام هذا الوضع أن يعيَ السياسيون خطورة ودقة المرحلة"، ويؤكد أن الحل هو تحقيق الاستقرار الحكومي والسياسي من أجل إعطاء الأولوية للجانب الاقتصادي.

وسجل الاقتصاد التونسي تراجعًا بنسبة 8.8% في كامل العام 2020، حسب بيانات المعهد التونسي للإحصاء.

وأضاف: "الحل سياسي هو الأساس، حتى نعيد ترتيب الأولويات ويكون الجانب الاقتصادي أولى الأولويات".

وأشار إلى أن لهذه الاحتجاجات تداعيات سلبية على الاستثمارات الأجنبية، مبينًا أن الاحتجاجات وعدم الاستقرار السياسي، وتردي مناخ الأعمال، وتقليص جاذبية تونس بصفتها جهة استثمارية، وتقليص قدرة تونس على جلب الاستثمار كلها عوامل مؤثرة.

وشهدت الاستثمارات الأجنبية المباشرة تراجعًا بنسبة 26% في 2020 لتصل إلى 1.83 مليار دينار (650 مليون دولار) مقابل 2.47 مليار دينار (880 مليون دولار) في 2019، حسب بيانات لوكالة النهوض بالاستثمار الخارجي.

وشدد الخبير على أن "الأولوية هي إصلاح الوظيفة العمومية وتقليص عدد الموظفين، وأيضًا إصلاح قطاع الصحة ومواجهة فيروس كورونا، والأخذ بيد ضعاف الحال ومن فقدوا موارد رزقهم".

وفي وقت سابق، قال محمد الطرابلسي، وزير الشؤون الاجتماعية، خلال جلسة عمل أمام البرلمان: إن أكثر من 25600 عامل تضرروا من جائحة كورونا خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2020؛ إما بفقدان عملهم، أو بالتقليص في ساعات العمل.

ويتوقع أن تبلغ كتلة الأجور في ميزانية 2021 ما قيمته 20.5 مليار دينار (7.2 مليارات دولار) أي 17% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 7.6 مليارات دينار (2.7 مليار دولار) مسجلة في عام 2010.

المصادر:
الأناضول / العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close