السبت 27 أبريل / أبريل 2024

أرقام مخيفة للوفيات.. ما سر "ارتياب" الروس من تلقي لقاح "سبوتنيك-في"؟

أرقام مخيفة للوفيات.. ما سر "ارتياب" الروس من تلقي لقاح "سبوتنيك-في"؟

Changed

تم تطعيم ثلث الروس تقريبًا البالغ عددهم 146 مليونًا
تم تطعيم ثلث الروس تقريبًا البالغ عددهم 146 مليونًا (غيتي)
تتأثر مصداقية "سبوتنيك-في" الذي استخدمته عدة دول وتم التحقق من فعاليته بعدم موافقة منظمة الصحة العالمية ووكالة الأدوية الأوروبية عليه بعد.

بسبب الخوف أو عدم الثقة أو سياسة الترقب، يرفض عشرات الملايين من الروس تلقي لقاح "سبوتنيك-في" الذي طورته بلادهم ما أدى إلى إفشال حملة التلقيح التي يقوم بها الكرملين في أوج انتشار قوي لكوفيد-19، الذي يحصد المزيد من الوفيات.

وتم تطعيم ثلث الروس تقريبًا البالغ عددهم 146 مليونًا، ما يسهل انتشار المتحورة دلتا في البلد حيث يسجل عدد الوفيات اليومية أرقامًا قياسية بانتظام تتجاوز ألف وفاة.

ويطرح هذا الوضع مشكلة تتجاوز الحدود الروسية، حيث يؤكد الخبراء أن مكافحة الوباء الذي تسبب بحوالي خمسة ملايين وفاة في العالم يجب أن تكون شاملة لكي تكون فعالة.

ثقة مفقودة

وتقول تامارا إنها لن تتلقى "أبدًا" سبوتنيك-في الذي "يسمى لقاحًا"، وفياتشيسلاف "ليس لديه أي ثقة" في السلطات الروسية ويفضل الانتظار، أما ألكسندر فقد اشترى شهادة صحية مزيفة، في دلالة واضحة على ارتياب الروس إزاء اللقاح.

ولقاح سبوتنيك-في، الذي أعلن عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السنة الماضية قبل ظهور اللقاحات الغربية، كان يفترض أن يثبت تفوق العلماء الروس وأن يتيح لموسكو طي صفحة كوفيد-19 سريعًا. لكن لم يتم أخذ ارتياب الروس الشديد بالحسبان.

وتساءل فياتشيسلاف في المسبح الذي لا يزال يرتاده رغم الأزمة الصحية: "السلطات تكذب علينا في الكثير من المواضع، فكيف يمكن تصديقها بشأن التلقيح؟".

وأضاف رجل الأعمال هذا البالغ من العمر 52 عامًا،: "ليس لدي أي ثقة".

ورغم أنها عانت من فيروس كورونا على مدى أيام، ترفض سفيتلانا جيتلوكينا أيضًا تلقي اللقاح. وتقول هذه المحللة المالية البالغة من العمر 54 عامًا: "إنّه لقاح تجريبي، وأنا لست قردة"، معتبرة أنه ليس هناك "معطيات كافية" بشأنه.

"أمر مشبوه"

إذا كانت روسيا تضم مثل هذا العدد من معارضي اللقاح، فإن "الارتياب العميق بالمؤسسات" يفسر هذا الرفض أكثر مما هو الخوف من اللقاح نفسه كما تقول عالمة الأنثروبولوجيا الروسية ألكسندرا أركييبوفا.

وتضيف: "يعتقد البعض أنه لا يمكننا توقع أي شيء جيد من الحكومة (...)، وأن مختبراتنا غير قادرة على إنتاج الأسبرين أو حتى لقاح جيد".

ومن جهتها، تقول تامارا أليكسيفا المتقاعدة البالغة من العمر 67 عامًا: إنّها منزعجة من خطاب الكرملين حول تفوق سبوتنيك على الأمصال الغربية.

وتضيف، وهي تسير نحو محطة مترو: "يريدون منا أن نصدق أن لدينا أفضل العلماء في العالم كما كان الحال عليه في الاتحاد السوفييتي"، مضيفة: "لن أقبل هذا اللقاح المزعوم".

شراء شهادة صحية

تتأثر مصداقية "سبوتنيك-في"، الذي استخدمته أيضًا عدة دول وتم التحقق من فعاليته من قبل مجلة "ذي لانسيت" الطبية المرموقة، بعدم موافقة منظمة الصحة العالمية ووكالة الأدوية الأوروبية عليه بعد.

ونتيجة لرفض اللقاح هذا، يزدهر بيع شهادات التطعيم التي يطلبها بعض أرباب العمل.

وبدلًا من التطعيم المجاني، فضل ألكسندر وهو رجل أعمال مستقل يبلغ من العمر 45 عامًا دفع 5500 روبل (70 يورو) لشراء شهادة صحية وهو "يعرف الكثير من الأشخاص" الذين فعلوا الشيء نفسه.

قررت موسكو المدينة الأكثر تضررًا من الوباء إغلاق الخدمات غير الأساسية (غيتي)
قررت موسكو المدينة الأكثر تضررًا من الوباء إغلاق الخدمات غير الأساسية (غيتي)

"استعادة الثقة"

أمام فشل حملته، دعا الكرملين الذي كان يريد تلقيح 60% من الأشخاص في سبتمبر/ أيلول الماضي، إلى إظهار "حس مواطنة"، وقال بوتين: "رجاء، كونوا مسؤولين".

وللتغلب على هذا التردد، تتناوب السلطات على تقديم حوافز- على سبيل المثال يانصيب للفوز بسيارات، وعلى التشدد مع فرض قيود.

وهكذا قررت موسكو، المدينة الأكثر تضررًا من الوباء، إغلاق الخدمات غير الأساسية من 28 أكتوبر/ تشرين الأول إلى 7 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وأعلن بوتين في موازاة ذلك أسبوع عطلة للحد من التنقلات.

والمهمة تبدو صعبة بحسب عالم الاجتماع ستيبان غونتشاروف من مركز ليفادا المستقل، فإن استطلاعات الرأي تظهر أن نسبة معارضي اللقاح تتراوح "بين 50% و55%" وقد بقيت على هذا المستوى منذ أشهر.

ويقول: إنّ على الكرملين "استعادة ثقة الشعب" من خلال وضع "سياسة أكثر تماسكًا" بعد أشهر من التناوب بين القيود وتخفيف الإجراءات.

لكن أفضل سفراء للقاح يبقون هؤلاء الذين غيروا رأيهم بعدما أدخلوا إلى المستشفى لإصابتهم بشكل حاد من كوفيد.

وقال يفغيني ريابكوف، الطبيب في معهد موسكو سكليفوسوفسكي: "أولئك الذين نجوا من المرض يصبحون حلفاء لنا"، مضيفًا: "حين يغادرون المستشفى، يطلبون من أقربائهم تلقي اللقاح".

المصادر:
أ ف ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close