الأربعاء 15 مايو / مايو 2024

مشروع دستور على قياس سعيّد.. ما انعكاسه على تجربة تونس الديمقراطية؟

مشروع دستور على قياس سعيّد.. ما انعكاسه على تجربة تونس الديمقراطية؟

Changed

يناقش برنامج "تقدير موقف" مشروع الدستور المقترح من الرئيس قيس سعيّد في تونس والمواقف منه وانعكاسه على التجربة الديمقراطية
بدا تعبيد الطريق أمام سلطة رئاسية مطلقة واضحًا أيضًا في مشروع الدستور المعدل، إذ تغيب الإشارة إلى أي سلطة رقابية على أداء الرئيس من قبل المؤسسات الدستورية.

يقدم مشروع الدستور الجديد في تونس الذي يطرحه الرئيس قيس سعيّد للاستفتاء صلاحيات كبيرة للرئيس توصف بـ"الإمبراطورية".

وقد أثار هذا المشروع جدلًا، فمنتقدوه يقولون إن من شأنه إفساح المجال لقيام نظام ديكتاتوري بحسب الصادق بلعيد الذي أشرف على صياغة الدستور الجديد قبل تغيير مضمونه من قبل سعيّد.

فوفق مشروع الدستور المقترح، يمارس رئيس الجمهورية الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس وزراء يعينه الرئيس في وقت يتم فيه تقييد الدور الرقابي للبرلمان ويحد من صلاحيات المحكمة الدستورية.

سلطة رئاسية مطلقة

وقد بدا تعبيد الطريق أمام سلطة رئاسية مطلقة واضحًا أيضًا في مشروع الدستور المعدل، إذ تغيب الإشارة إلى أي سلطة رقابية على أداء الرئيس من قبل المؤسسات الدستورية وإلى شروط سحب الثقة منه أو عزله.

أما مؤيدو الدستور المقترح فيقولون إنه يفتح آفاقًا لإعادة تركيز السلطة للشعب وللخروج من هيمنة الأحزاب.

في مربع المعارضة يترنح المشهد بين فرقاء توحدوا حول عنوان عريض تمثل برفض استئثار سعيّد بالحكم واختلفوا على آليات المجابهة.

وبينما أعلنت أغلبية المعارضة مقاطعتها للاستفتاء على الدستور الجديد ومن بينهم القضاة المقالون، أعلن آخرون مشاركتهم في التصويت بـ"لا"، فيما اختار الاتحاد العام التونسي للشغل ترك الحرية لقواعده من أجل اتخاذ القرار.

أما الرئيس التونسي قيس سعيّد فدعا الشعب إلى التصويت على مشروع الدستور الجديد الذي اعتبره "من روح الثورة ومسار التصحيح".

"دستور على قياس سعيّد"

وفي هذا الإطار، رأى مدير فرع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تونس مهدي المبروك أن المبررات غير معروفة لسن دستور جديد، لافتًا إلى أن مؤشرات المناخ السياسي الذي يحيط بهذا المشروع توحي بالتشدد والانغلاق والملاحقات والخصومة السياسية والمحاكمات وغيرها.

واعتبر في حديث إلى "العربي" من تونس أن اللحظة الدستورية لا تنم عن مشاركة واسعة للشعب والنخب في صياغة هذا الدستور.

ولفت إلى أن من يقرأ مشروع هذا الدستور يقف عند الصيغة الأحادية المنفردة التي صيغ بها عكس دستور 2014 الذي صاغه مجلس تأسيسي وعُرض على الجهات والنخب والجمعيات وحتى المنظمات الدولية من أجل أن يكون ناطقًا باسم الشعب.

وأشار المبروك إلى أن هذا المشروع يتضمن كلامًا لا دقة في مدلولاته، واصفًا إياه بـ"دستور الرئيس سعيّد".

وقال إن "هذا الدستور يقدم أمرين أساسيين، الأول هو السردية التي يحتاجها سعيّد بحيث يعتبر المشروع أن ما قام به الأخير هو تصحيح وليس انقلابًا، والثاني هو أنه يأتي استجابة للاستشارة الإلكترونية التي قام بها، مع العلم أنها لم تحظ بنسبة 4% من الجسم الانتخابي".

وشدد على أن هذا الدستور وضع على قياس رئيس الجمهورية وطموحاته السياسية بحيث يستحوذ على صلاحيات لم يتمتع بها حتى الرئيس الحبيب بورقيبة مؤسسة الدولة.

"غير ديمقراطي"

أستاذ القانون العام والعلوم السياسية شاكر الحوكي تساءل ما إذا كان للرئيس سعيّد الحق والشرعية في أن يسن دستورًا جديدًا للبلاد، وإذا كان دستور 2014 يسمح له بذلك.

كما سأل في حديث إلى "العربي" من تونس إذا كان يسمح وصول سعيّد إلى السلطة بعد انتخابات عام 2019 للرئيس أن يطرح دستورًا جديدًا، وما إذا كان الشعب طالب بدستور جديد رغم وجود دستور 2014 الذي لم يمض عليه بضع سنوات.

ورأى الحوكي أن سعيّد لا يملك أي سلطة أو شرعية لوضع دستور جديد، معتبرًا أنه يعمل خارج القانون والدستور والإرادة الشعبية.

الحوكي شدد على أن هذا الدستور المقترح غير ديمقراطي، لافتًا إلى أنه لو كان لدى سعيّد الجرأة لكان أحال هذا الدستور إلى لجنة البندقية (اللجنة الأوروبية للديمقراطية عن طريق القانون).

"أخذ البلاد إلى المجهول"

الأكاديمي المختص في الدراسات الجيوستراتيجية أحمد البرقاوي اعتبر أن مشروع الدستور الذي اقترحه سعيّد يأتي في سياقات إقليمية ودولية متحولة جدًا.

وقال في حديث إلى "العربي" من باريس إن تونس استهدفت قبل 10 سنوات من قبل بعض الدول العربية، لافتًا إلى أن هناك عملًا كبيرًا من قبل بعض الأطراف الإقليمية والدولية لإجهاض الانتقال الديمقراطي في تونس لأن وصول هذا الانتقال إلى أهدافه يسهم بقيام متغيرات في العالم العربي على حد تعبيره.

البرقاوي الذي رأى أن سعيّد يتم "توظيفه" لإجهاض هذا الانتقال، شدد على أن المشروع الذي طرحه الرئيس لا يرتقي إلى مرتبة دستور من حيث الشكل والمضمون.

وقال إن هناك نية لتفكيك مؤسسات الدولة ولإجهاض الانتقال الديمقراطي وأخذ البلاد إلى المجهول.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close