سجل العاجي سيبستيان هالر، أمس الأحد، هدف الفوز لمنتخب كوت ديفوار أمام نيجيريا ليقود بلاده للتتويج الثالث بكأس الأمم الإفريقية وسط فرحة جماهيرية عارمة في البلاد التي استضافت النسخة 34 من البطولة.
وقلبت ساحل العاج التوقعات حين كادت تخرج من الأدوار الأولى، لتنتقم لهزيمتها من نيجيريا 1-0 في دور المجموعات، بطريقة "انقلابية" أيضًا حين عادلت النتيجة عن طريق فرانك كيسي أولًا، ثم يحسم العملاق هالر المباراة بهدف الفوز في الدقائق الأخيرة.
ومشهدية انقلاب الصورة، لم تكن حكرًا على منتخب ساحل العاج فقط، بقدر ما كانت تروي سيرة هالر نفسه، الذي عاد من رحلة علاجية كادت تنهي مسيرته الكروية، ليعتلي منصة التتويج، ويكون "عريس" بلاده بالفوز الغالي يوم أمس.
وقدم هالر يمسيرته الرياضية حتى الآن، واحدة من القصص التي ترويها كرة القدم لجماهيرها، لا سيما أن اللاعب الذي بدأ مسيرته في فرنسا، عرض عليه اللعب لصالح منتخب "الديوك"، لكنه رفض مفضلًا الانتماء إلى بلده الأصل ساحل العاج.
اللحظة العصيبة
وبعد أن انتقل اللاعب من أوكسير الفرنسي إلى أولرتخت الهولندي عام 2015، بدأت الملاعب تتعرف على هداف نادر، ليتقدم فريق اينتراخت فرانكفورت الألماني بالتعاقد معه خلال موسمي 2017 و2019، ليتألق هالر ويجذب وست هام الإنكليزي، وبعد سنتين من الاحتراف في الدوري الممتاز، اقتنص بطل هولندا أياكس أمستردام الهداف العاجي معلنًا التعاقد مع هالر.
ومع "انفجار" موهبة هالر في هولندا، جاءت اللحظة التي قلبت حياة العاجي رأسًا على عقب، فاستقدم نادي بروسيا دورتموند الألماني الإيفواري الموهوب لصفوفه، في رهان بأن تكون تلك الصفقة أفضل تعويض عن رحيل النرويجي آرلينغ هالاند إلى مانشستر سيتي.
لكن الصدمة الكبرى، وقعت في يوليو/ تموز 2022 حين اكتشف النادي بتشخيص طبي إصابة هالر بسرطان الخصية، ليدخل اللاعب العاجي صاحب الـ29 عامًا رحلة طويلة من علاج المرض الخبيث.
وتساقط شعر هالر مع العلاج الكيميائي، وظهر العاجي في صور كشفت هزالة بنيته، واصفرار وجهه، وهي صور أثارت تعاطف عشاق الكرة على تلك الموهبة الإفريقية، لكن العاجي كان خلف هذا المشهد يكافح مرضه بإرادة صلبة، حتى أعلن الأطباء هزيمة السرطان على يد هالر في فبراير/ شباط 2023، ويعود العاجي إلى الملاعب.
العودة "الحلم"
وبعد عام واحد من العودة إلى الملاعب، انضم هالر لمنتخب بلاده التي تستضيف البطولة القارية، لكن القدر واجهه مجددًا بإصابة جديدة في قدمه، فوصل أبيدجان مصابًا في كاحله ولم يخض الدور الأوّل.
وبعد أن استعاد هالر تألقه، تمكن العاجي من "تفجير" فنياته في نصف النهائي أمام (الكونغو الديمقراطية 1-0)، والنهائي حيث سجّل هدفين حاسمين يدلان عن ذكائه في التمركز واقتناص الأهداف.
"لا تجعلوني أبكي" هكذا أجاب هالر الصحفيين عقب التتويج، يوم أمس، حين دوت المدرجات باسمه، وكان يؤكد في تصريحاته أنه "حلم بهذه اللحظة مرات عديدة".
وأضاف: "كانت الأشهر الماضية صعبة علي وعلى عائلتي، ومن الرائع أن أكون هنا الآن بعد ما عانيته في المرحلة السابقة".
مجددًا، احتفلت ساحل العاج أمس بلقب جديد سيسجل في صفحاتها الكروية، بينما احتفلت كرة القدم بقصة درامية جديدة عن الإرادة والكفاح، كان بطلها الإيفواري "سيب هالر".