الأربعاء 8 مايو / مايو 2024

مهاجرو كردستان العراق .. مأساة على أعتاب الحلم الأوروبي

مهاجرو كردستان العراق .. مأساة على أعتاب الحلم الأوروبي

Changed

حلقة من برنامج "عين المكان" تلقي الضوء على معاناة المهاجرين غير النظاميين العالقين على الحدود البولندية البيلاروسية (الصورة: غيتي)
جعل انتشار البطالة والفقر وعدم توفر مقومات الحياة البسيطة الناس تفضل البقاء على الحدود وسط الغابات في الحدود البيلاروسية على العودة إلى العراق.

حلمًا بالعيش الرغيد في أوروبا وللهرب من الصراع في العراق، سافر آلاف العراقيين وتحديدًا من إقليم كردستان إلى بيلاروسيا، ظنًا منهم أن طريقهم إلى شمال أوروبا لن يستغرق أكثر من بضع ساعات فقط، كما وعدهم المهربون. 

لم يكن يخطر ببال أي منهم بأنهم سوف يكونون أداة لصراع سياسي بين بيلاروسيا ودول أوروبا.

من السليمانية إلى المأساة

من السليمانية، حاول آلاف الناس الوصول إلى أوروبا، لكن الكثير منهم عادوا مع خيبة أمل بعد أن تاهوا في غابات الصقيع.

قرّر العراقي كاميران محمد في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي أن يسافر إلى بيلاروسيا عن طريق صديق وسمع أن الطريق سيكون سهلًا، وقال لـ"العربي": "قال لي صديقي إنه خلال 72 ساعة سوف نصل إلى المكان الذي أريده، أي ألمانيا".

كان ذلك مشجعًا بالنسبة لكاميران لأنه كان يرغب بالسفر. أرسل جواز سفره إلى بغداد للحصول على تأشيرة سفر. وحصل عليها في 2 سبتمبر/ أيلول، واشترى بطاقات الطائرة في بغداد. وفي 3 سبتمبر ركب الطائرة ووصل في الساعة 12 ظهرًا إلى فندق في بيلاروسيا، وبقي برفقة عائلته لمدة ستة أيام في الفندق. 

وشرحت زوجته المهاجرة نياز عزيز، المصاعب التي عانوا منها، وقالت: "تعرضنا لمواقف ومصائب لم نكن نتوقعها".

لا يستطع كاميران نسيان ما عاشه هو وأطفاله على الحدود، حيث أمضوا أيامًا دون نوم في البرية. وقال: "تخيّل أن تمشي لمدة أربع ساعات في الليل والبرد القارس وبعدها يقبض عليك وتُعاد إلى المكان الذي انطلقت منه، وكأنك لم تمشِ أبدًا، ثم تمشي مرة أخرى ويعيدونك إلى مكانك".

صراع سياسي

وقالت زوجته: "لقد كان الأمر سياسيًا، كانت الشرطة البيلاروسية تحاول إيصالنا إلى الطرف الآخر بكل الوسائل، كانوا يريدوننا أن نقطع الحدود إلى بولندا، ويوجد فقط طريق واحد بين البلدين وعلى الجانبين وُضعت الأسلاك الشائكة وكانت بولندا تمنعنا بكل الوسائل أن ندخل إلى أراضيها".

وأضافت: "أصبحنا مثل الكرة يلعبون بنا هنا وهناك".

لكن بالنسبة لكاميران، وبالرغم من عدم وجود مقومات للحياة هناك، إلا أنها كانت بالنسبة له أفضل من العيش في العراق، حيث هرب الناس من الوضع الذي يعانون منه. 

فقد جعل انتشار البطالة والفقر وعدم توفر مقومات الحياة البسيطة الناس تفضل البقاء على الحدود وسط الغابات على العودة إلى العراق.

وبحسب المعلومات التي وصلت إلى مؤسسة القمة لشؤون اللاجئين والنازحين، فاللاجئون في المخيم والغابات يعيشون ظروفًا سيئة، ولا زال بعضهم موجود في الغابات، بحسب رئيس جمعية لوتكا، آري جلال.

وقال جلال: "تحول اللاجئون إلى كرة قدم بين سلطات بيلاروسيا وبولندا، هناك طريق أخرى من بيلاروسيا إلى أوروبا غير بولندا عبر ليتوانيا، لقد استطاع الكثير منهم العبور في بداية الموجة، لكن العالقين تتجه ظروفهم نحو الأسوأ". 

وفقد الكثيرون حياتهم نتيجة البرد والجوع. ولكن لم تصدر إحصائيات رسمية حول أعداد الوفيات على الحدود، لكن أعداد الجثث التي وصلت العراق وحده قدّرت بالعشرات، ما دفع العديد من المنظمات الدولية والمحلية للتحرك فورًا لمساعدة الناس العالقين.

دور مكاتب السياحة والسفر

وتبدأ قصة اللاجئين العالقين على الحدود في مكاتب السياحة والسفر في السليمانية. وقد اعترف صاحب أحد المكاتب أنه أرسل 70% من المهاجرين من العراق وشرح آلية إصدار التأشيرة والموافقة.

وقال: "إن السفر من إقليم كردستان إلى أوروبا ليس له علاقة بالسياحة والسفر، بل هو نتيجة الوضع الذي يعانون منه في هذا الإقليم".  

ويبيع العراقيون ممتلكاتهم لتغطية تكلفة السفر. وقد جنى المهربون الأرباح من عوائل حلمت بالسفر إلى أوروبا دون عبور البحار. وكان المهربون يشجعون الناس على السفر عبر إعطائهم وعودًا كاذبة، حيث لم يتمكن سوى القليل منهم من الوصول إلى بولندا حتى إن بعضهم لم يصل إلى العاصمة البيلاروسية.

من جهتها، اعتبرت النائب في البرلمان العراقي بهاء فتاح أن حكومة الإقليم لم تعتبر مسألة اللاجئين أزمة تستوجب حلًا.

وأعيد بعض اللاجئين إلى كردستان في خدعة بحسب المهاجرة عزيز، فقد أوهموا أنه سيتم نقلهم إلى مخيم آخر في بولندا لكنهم أرسلوا إلى المطار، ثم عادوا إلى العراق. 

ألف شخص عالقون في بيلاروسيا

ويقدّر عدد من بقي في المخيمات ببيلاروسيا بنحو ألف شخص معظمهم من كردستان، بحسب جلال. 

ومن داخل الغابات في بيلاروسيا، تنقل كاميرا "العربي" المشاهد من المخيم الخاص باللاجئين، وهو عبارة عن مبنى كان مقرًا للجمارك حين كانت التجارة مع أوروبا نشطة.

ولا تزال العديد من العائلات تنتظر في ذلك المخيم رغم البرد ونقص الطعام على أمل الوصول إلى أوروبا، حيث يعيش نحو ألف شخص ظروفا غير إنسانية منذ نحو ثلاثة أشهر.

وروى أحد اللاجئين للعربي أنه قرر عدم العودة إلى العراق لأن حياته ستكون مهددة هناك، مطالبًا المجتمع الدولي بالتحرك لإيجاد مكان أفضل لهم للعيش.  

الحق في اللجوء

بدورها، قالت النائبة في البرلمان الألماني يوليانا نيغل التي ذهبت إلى الحدود البيلاروسية وانتقدت سياسة بعض الدول الأوروبية ضد اللاجئين: "علينا العمل على تأمين وصول الناس إلى ألمانيا بأمان وأن تكون لهم الفرصة من أجل بناء حياة جديدة".

وأضافت: "المشكلة أن الناس لا تجد الطرق القانونية للوصول إلى الاتحاد الأوروبي، لهذا أراد البعض الاستفادة من العرض الذي قدّمه رئيس بيلاروسيا".

وأكدت نيغل أنه يجب أن تكون للناس قدرة الوصول إلى حقهم باللجوء بشكل آمن.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close