بدأ أصحاب المولدات الخاصة في مناطق لبنانية عدّة أمس الأربعاء بإبلاغ مشتركيهم بالتوقف عن تزويدهم بالتيار الكهربائي على مدار اليوم، نتيجة نفاذ مخزونهم من المازوت، وسط شحّ في الوقود تشهده البلاد الغارقة في انهيار اقتصادي غير مسبوق.
وينتظر اللبنانيون منذ أسابيع لساعات في طوابير طويلة أمام محطات الوقود، التي اعتمدت سياسة تقنين حاد في توزيع البنزين والمازوت، فيما تراجعت تدريجيًا قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التيار، وباتت تصل ساعات التقنين يوميًا إلى 22 ساعة.
"حذرنا سابقًا"
وأوضح نقيب أصحاب المولدات الخاصة عبدو سعادة "أننا بدأنا بإبلاغ المشتركين أمس الأربعاء بعدم قدرتنا على توفير الكهرباء بسبب عدم توفر المازوت".
وأضاف: "سبق أن حذّرنا في نهاية الأسبوع من أنّ المخزون سيبدأ بالنفاد بحلول الثلاثاء أو الأربعاء. وقد وصلنا إلى هذا اليوم من دون إيجاد أي حل من المسؤولين".
قطع للطرقات وضعط شعبي في #طرابلس اللبنانية بسبب تردي الأوضاع المعيشية وتفاقم الأزمة الاقتصادية#العربي_اليوم #لبنان pic.twitter.com/enk9HLMx7F
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) June 24, 2021
ويعود شحّ الوقود بشكل رئيسي، وفق المستوردين، إلى بطء مصرف لبنان في فتح الاعتمادات المطلوبة لاستيراد الوقود، من الفيول المشغّل لمعامل إنتاج الكهرباء مرورًا بالبنزين والمازوت، على وقع نضوب الاحتياطي بالدولار وسط الانهيار الاقتصادي المتمادي والشلل السياسي.
ويدعم مصرف لبنان استيراد الوقود عبر آلية يوفّر بموجبها 85% من القيمة الإجمالية لكلفة الاستيراد، وفق سعر الصرف الرسمي المثبّت على 1507 ليرات، بينما يدفع المستوردون المبلغ المتبقّي وفق سعر الصرف في السوق السوداء الذي يتجاوز الـ15 ألفًا.
الترشيد أو رفع الدعم
لكن السلطات، بدفع من المصرف المركزي، تدرس منذ أشهرٍ ترشيد أو رفع الدعم عن استيراد السلع الرئيسية كالطحين والوقود والأدوية، وبدأت تدريجيًا من دون إعلان رسمي رفع الدعم عن سلع عدّة.
ويربط مسؤولون الأزمة الراهنة بعاملين رئيسيين: مبادرة بعض التجار إلى التخزين، إضافة إلى ازدهار التهريب إلى سوريا المجاورة.
وتُعلن قوى الأمن دوريًا عن توقيف متورّطين بعمليات تهريب ومداهمة مستودعات، تُخزّن فيها كميات كبيرة من المازوت والبنزين المدعوم.
"تقنين مزدوج"
ويواجه لبنان منذ ثلاثة عقود على الأقل مشكلة متفاقمة في قطاع الكهرباء بسبب المعامل المتداعية، ما أجبر غالبية المواطنين على دفع فاتورتين، واحدة للدولة وأخرى مرتفعة لأصحاب المولّدات، التي تعوّض نقص إمدادات الدولة.
ويُعد قطاع الكهرباء الأسوأ بين مرافق البنى التحتية المهترئة أساسًا؛ ويُشكل إصلاحه أحد مطالب المجتمع الدولي الرئيسية لدعم لبنان.
قطع طريق الذوق بالشاحنات.#لبنان_ينتفض pic.twitter.com/mECr8V74bj
— لـــبـــنـــان يـــنـــتـــفـــض (@lebprotests) June 23, 2021
ومع عجز السلطات عن إيجاد حلول إنقاذية تضع حدًا للأزمة المتمادية، التي صنّفها البنك الدولي الشهر الحالي على أنّها من بين الثلاث الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر، تتجلى أكثر فأكثر تداعيات الانهيار.
وتتعالى صرخات قطاعات عدّة محذرة من تداعيات عدم توفّر الوقود، صدر أبرزها على لسان عماد كريدية، المدير العام لشركة أوجيرو، المزوّد الرسمي لخدمة الإنترنت في لبنان.
وحذّر كريدية الشهر الحالي من أن "استمرار الوضع بهذا الشكل يهدّد جديًا إمكانية أوجيرو بتقديم الخدمات"، جرّاء "الارتفاع المستمر بساعات التقنين الكهربائي".
بعد الطابور.. مولوتوف
وكان أمس الأربعاء شهد ازدحامًا أمام مبنى وزارة الخارجية والمغتربين نتيجة انقطاع التيار الكهربائي عنها إثر نضوب مادة المازوت في المولّدات؛ ما أدى إلى توقف الموظفين عن العمل وأثار امتعاض مواطنين وجودوا في المبنى لإتمام معاملاتهم.
ومساءً قُطعت الطرقات في عدد من المناطق احتجاجًا على تردّي الأوضاع الحياتية.
رمي قنابل 💣 مولوتوف على مبنى وزارة الطاقة🤦♂️🤷♂️ pic.twitter.com/lGK6rgXcvy
— mahmoud sbeiti (@MoeSbeiti) June 23, 2021
كما أقدم مجهول على رمي قنبلة مولوتوف على مبنى قيل إنه لوزارة الطاقة، وذلك احتجاجًا على العتمة المتواصلة.
وأظهر مقطع مصوّر تداوله ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أحد الأشخاص وهو يرمي زجاجة حارقة داخل السور الخاص بالمبنى، ليفرّ بعد ذلك هاربًا. وأُفيد بأن الأضرار اقتصرت على الماديات.