الخميس 2 مايو / مايو 2024

"نظيف وآمن".. المهرجان الذي حوّل الهند إلى "بؤرة" تفشّي كورونا الأخطر

"نظيف وآمن".. المهرجان الذي حوّل الهند إلى "بؤرة" تفشّي كورونا الأخطر

Changed

كومبة ميلا
أحيا ملايين الحجاج الهندوس من جميع أنحاء الهند مهرجان "كومبه ميلا" في نهر الغانغ في مدينة هاريدوار بولاية أوتارانتشال (غيتي)
تحوّل مهرجان "كومبه ميلا" في الهند، الذي يجذب ملايين الحجاج والعرّافين والكهنة والسياح، إلى نقطة انطلاق ساهمت في نقل فيروس كوفيد-19 إلى المجتمعات الريفية. 

قصد ملايين الحجاج الهندوس من جميع أنحاء الهند نهر الغانغ للسباحة في تقليد ديني، ثم عادوا إلى ديارهم حاملين فيروس كوفيد-19. هكذا، تحول مهرجان "كومبه ميلا" إلى نقطة انطلاق لانتشار الفيروس في الهند، بحسب صحيفة "الغارديان". 

فقد سجّلت الهند 169 ألف إصابة جديدة بـ كوفيد-19 في 12 أبريل/ نيسان الفائت لتتفوق على البرازيل باعتبارها ثاني أكثر البلدان تضررًا. ورغم ذلك، تجمّع ثلاثة ملايين شخص على شواطئ نهر الغانغ في مدينة هاريدوار القديمة في ولاية أوتارانتشال، للسباحة في النهر المقدس. ولم تعطِ أجسام الأشخاص، المتجمعة معًا في حزمة من الولاء والحماسة الدينية، أي اهتمام واضح لبروتوكولات كوفيد.

أقدس أيام "كومبه ميلا"

وبحسب "الغارديان"، كان ذلك اليوم أحد أقدس أيام "كومبه ميلا"، وهو مهرجان أصبح من أبرز معالم التقويم الديني الهندوسي وهو معروف بجذب ملايين الحجاج والعرافين والكهنة والسياح.

وفي الأسابيع السابقة، عندما بدأت موجة ثانية من فيروس كورونا القاتل تجتاح الهند، رفضت الدولة والحكومة المركزية، اللتان يحكمهما حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي، دعوات قلقة لإلغاء المهرجان. وبرز إعلان على صفحة كاملة في إحدى الصحف، يوم 21 مارس/ آذار، يظهر فيه رئيس الوزراء ناريندرا مودي وهو يدعو المصلّين إلى المهرجان، مؤكدًا لهم أنه "نظيف" و "آمن".

ومع بدء الاحتفالات في مارس/ آذار واجه القائمون على المهرجان انتقادات بسبب عدم كفاية فحوص كوفيد التي يتم إجراؤها. كذلك كان استخدام أقنعة الوجه شبه غائب بالرغم من إلزاميته.

وكان رئيس ولاية أوتارانتشال، تيراث سينغ راوات، الذي أخبر المصلّين في وقت سابق أن "الإيمان بالله سيتغلب على الخوف من الفيروس"، من بين الملايين الذين تم تصويرهم وهم يشاركون في الطقوس دون وضع قناع الوجه.

وبحلول 15 أبريل/ نيسان، كان أكثر من 2000 من رواد المهرجان قد ثبتت إصابتهم بالفيروس. وبعد يومين، تراجع مودي عن موقفه ودعا إلى إحياء "كومبه ميلا" بطريقة "رمزية"، لكن الأوان كان قد فات. وبحلول نهاية المهرجان، في 28 أبريل/ نيسان، كان أكثر من 9 ملايين شخص قد شاركوا.

إخفاء البيانات الحقيقية

وبحسب "الغارديان"، لن تُعرف الخسائر الحقيقية لذلك المهرجان إطلاقًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى محاولة مزعومة لوقف جمع البيانات. فقد عاد آلاف الحجاج إلى ديارهم دون أن يخضعوا لاختبار كوفيد أو الحجر الصحي ودون أن تحتفظ الحكومة بأي أثر لهم.

وفي سياق متصل، بدأت بعض الدول جهودًا متأخرة لتتبع العائدين وعزلهم. ففي ولاية ماديا براديش، تم تتبع 789 شخصًا من ثماني مقاطعات وكانت نتيجة اختبار 118 منهم إيجابية.

ولكن مع تركيز اهتمام وسائل الإعلام على حالات كوفيد-19 بين العائدين من المهرجان، صدرت أوامر للمسؤولين بالتوقف عن العد. وأكّد أربعة مسؤولين في مناطق مختلفة من ولاية ماديا براديش، بالإضافة إلى مسؤولين في راغستان لصحيفة "الغارديان" أن كبار المسؤولين أمروا بذلك لأسباب سياسية".

وقال مسؤول كبير في منطقة راجاستان، طلب عدم الكشف عن هويته: "طُلب منا التركيز على الوضع العام لفيروس كوفيد، وعدم التركيز على الاستطلاعات وتعقب حجاج كومبه".

وفي الأسبوع الذي تلا المهرجان، سجّلت ولاية أوتارانتشال المضيفة زيادة بنسبة 1،800% في حالات الإصابة بفيروس كوفيد، والتي تم ربط الكثير منها بطريقة ما بالمهرجان.

فتك بالمجتمعات الريفية

وبحسب الصحيفة، قدّمت قصص العائدين لمحة سريعة عن آثار "كومبه ميلا" الذي اعتبر مسبّبًا لتفشّي الفيروس. وتشير الروايات التي جمعتها "الغارديان" من ولايات أوتاراخاند وماديا براديش وراغستان وأوتار براديش وبيهار وكشمير وكارناتاكا، إلى أن الفيروس عاد مع عدد لا يحصى من المشاركين ووجد طريقه إلى المجتمعات الريفية الفقيرة حيث كان الوصول إلى الرعاية الصحية والاختبارات محدودًا أو غائبًا، مع عواقب وخيمة في كثير من الأحيان.

وقال المدير السابق لعلم الفيروسات في المجلس الهندي للأبحاث الطبية، تي جاكوب جون: "حمل الحجاج من جميع الولايات فيروسات متنوعة وأوبئة مزروعة".

في أعقاب ذلك، قال عميد كلية الصحة العامة في جامعة براون، أشيش جها: "إن كومبه ميلا ربما كان أكبر حدث فائق الانتشار في تاريخ الوباء".

المصادر:
الغاريان

شارك القصة

تابع القراءة