الأحد 12 مايو / مايو 2024

وسط تراجع دور الغرب فيها.. ما مستقبل العلاقات بين دول إفريقيا وروسيا؟

وسط تراجع دور الغرب فيها.. ما مستقبل العلاقات بين دول إفريقيا وروسيا؟

Changed

حلقة من "للخبر بقية" تلقي الضوء على مستقبل العلاقات بين روسيا والدول الإفريقية (الصورة: غيتي)
يمثّل انسحاب قوات فرنسا من مالي وإفريقيا الوسطى، وخسارة بعض امتيازاتها الاقتصادية في القارة، وسعي بعض الدول إلى إلغاء تداول الفرنك أمثلة على أفول نجم باريس.

انطلقت في موسكو فعاليات المنتدى العسكري التقني الدولي "الجيش 2023" ومؤتمر موسكو الحادي عشر للأمن الدولي بمشاركة إفريقية واسعة وفاعلة.

وهذه المشاركة لم تأت في المعرض من فراغ، بل هي استمرار لنهج تشاركي إستراتيجي تروّج له موسكو منذ سنوات.

وقد استغل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحضور الإفريقي ليؤكد من جديد أهمية وجود عالم متعدد الأقطاب.

وكان بوتين أعلن أن تنمية العلاقات مع دول القارة الإفريقية أصبحت واحدة من أولويات السياسة الخارجية لبلاده.

تقدم بكين وموسكو وتقهقر الغرب

ويُعد الوجود في موانئ مطلة على البحر الأحمر، وبناء قواعد عسكرية في مناطق إستراتيجية بالشواطئ الإفريقية، وتقديم مساعدات عسكرية وأمنية، وتغلغل مجموعة فاغنر في بعض دول القارة، أبرز وجوه الحضور الروسي في إفريقيا. وكذلك الصين التي تبسط سيطرتها على مناطق عدة من القارة السمراء بالقوة الناعمة.

وجاء تقدم موسكو وبكين نحو إفريقيا على حساب التقهقر المستمر للدور الغربي في القارة، ففرنسا التي استعمرت دولًا عدة في إفريقيا حقبًا زمنية تعتبر المثال الأكبر على ذلك.

ويمثّل انسحاب قوات فرنسا من مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى، وخسارة بعض امتيازاتها الاقتصادية في القارة، وسعي بعض الدول إلى إلغاء تداول الفرنك أمثلة على أفول نجم باريس.

القمة الروسية الإفريقية التي عقدت في سانت بطرسبرغ نهاية يوليو الماضي- رويترز
القمة الروسية الإفريقية التي عقدت في سانت بطرسبرغ نهاية يوليو الماضي- رويترز

ويرى باحثون أن أسباب ما تقدّم عدة، تبدأ بإنكار فرنسا صفحات من معاناة مستعمراتها السابقة، وتمر بفشل سياساتها الأمنية والعسكرية، ولا تنتهي ربما بنظرتها إلى القارة على أنها مجرد منجم للذهب والخامات والمعادن وأموال لا تنضب.

"فاغنر أثبتت فاعليتها"

في هذا السياق، يؤكد الباحث السياسي أندريه مروتازين أن مجموعة فاغنر تعمل في دول إفريقيا بدعوة من حكومات هذه الدول، لافتًا إلى أنها حلّت مكان القوات الفرنسية والشركات العسكرية الخاصة الغربية وتنفذ المهام ذاتها.

ويشير مروتازين، في حديثه إلى "العربي" من موسكو، إلى حماية مناجم الذهب والألماس وتدريب عناصر الجيش وقوات الأمن.

ويرى أن فاغنر أثبتت فاعليتها لذلك يعتمد عليها الكثير من حكام دول إفريقيا ويفضلونها على القوات الفرنسية والشركات الخاصة العسكرية الغربية.

ويتطرق إلى الدعم الاقتصادي الذي تقدمه روسيا والصين لدول إفريقيا، قائلًا إنه "غير مشروط بنشر الديمقراطية وحقوق الإنسان مثل النمط الغربي".

"انقلابات لا تعرض مشاريع حقيقية"

من جانبها، ترى الخبيرة في الأمن الدولي والعلاقات الدولية آن جوديتشيلي، أن "الوضع ليس متعلقًا فقط بفرنسا والدول الإفريقية، بل بتطورات جيوسياسية وصعوبات تواجهها فرنسا والاتحاد الأوروبي والدول الغربية للتأقلم مع تطور إفريقيا والجيل الجديد والمنافسة مع قوى أخرى في المنطقة".

وتقول في حديثها إلى "العربي" من باريس: إن ما تقدم قاد إلى وضع لم تكن فيه فرنسا القوة الوحيدة الموجودة في المنطقة، بل باتت تنافس مع قوى أخرى اقتصاديًا وإستراتيجيًا.

وتعتبر أن الرفض المعبَّر عنه الآن تجاه فرنسا لا يقدم أي أمر إيجابي، مشيرة إلى الانقلابات الأربعة التي حدثت في بلدان الساحل.

وتردف بأن السلطة كانت تؤخذ في كل مرة بناء على الرفض تجاه فرنسا، ولكنها لم تكن تعرض حوكمة ومشاريع حقيقية للبلدان.

"إفريقيا تبحث عن شريك منصف"

بدوره، يعتبر الأستاذ في القانون الدولي والباحث في العلوم السياسية محمود دقدق أن القارة الإفريقية تبحث عن شريك منصف ويؤمن بالشراكة الحقيقية.

ويقول في حديثه إلى "العربي" من الدوحة، إن ما نشاهده منذ الاستقلال في القارة الإفريقية – للأسف الشديد – هو استبدال كلمة الاستقلال بكلمة الاستغلال.

ويرى أن الدول التي خرجت من إفريقيا باسم الاستقلال تركت فقط "احتفالًا باليوم"، دون وجود تغيير كبير في الحياة العامة في القارة.

ويشير إلى "تقييد الدول الإفريقية بمنظمات غريبة مثل الفرنكوفونية، التي تجمع الدول الناطقة بالفرنسية، والكومنولث".

ويتفق على أن التغيير العنيف عن طريق الانقلابات العسكرية ليس وسيلة، متطرقًا إلى مشاهد الرفض الكامل لفرنسا في غرب إفريقيا ورفع المتظاهرين أعلام روسيا وترحيبهم بها وبفاغنر.

ويتوجه إلى هؤلاء بالقول إنهم كمن يستجير من الرمضاء بالنار، مؤكدًا أن روسيا لم تقدم نموذجًا واحدًا لتنمية مستدامة حقيقية في القارة الإفريقية.

ويعرب عن استغرابه من ذهاب الأفارقة الآن إلى مؤتمر خاص بالسلاح والتسليح والأمن الدولي، مذكرًا بأن أي سلاح تشتريه أي دولة إفريقية لا يوجّه ضد أوروبا وأميركا، بل سيوجّه ضد الأفارقة أنفسهم.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close