السبت 27 يوليو / يوليو 2024

ولادة ثانية.. قصة شابين هربا من تجار بشر وكاد أن يبتلعهما المتوسط

ولادة ثانية.. قصة شابين هربا من تجار بشر وكاد أن يبتلعهما المتوسط

شارك القصة

بعد ثلاثة أيام أبحر القارب فيها بسرعة 600 كيلومتر نفدت المياه والطعام والوقود وبدأت المياه تدخل إلى القارب - غيتي
بعد ثلاثة أيام أبحر القارب فيها بسرعة 600 كيلومتر نفدت المياه والطعام والوقود وبدأت المياه تدخل إلى القارب - غيتي
تمكن محمد وصيام ومهاجرون آخرون من إبلاغ الخط الساخن الذي يتعقّب القوارب في المتوسط بموقعهم عبر نظام تحديد المواقع العالمي.

نجح البنغلادشيان صيام ومحمد في الفرار من مهرّبي بشر في ليبيا، بعد أن سقطا هناك وهما يحاولان الهجرة إلى أوروبا عبر المتوسط، وفق ما أفادا.

وقال محمد (25 عامًا)، وهو على متن سفينة الإنقاذ أوشن فايكينغ بعد ساعات على إنقاذه قبالة مالطا: "ضربوني على ساقي ولكموني في جسدي مرّات عدة"، في إشارة إلى المهرّبين.

وبينما روى لمراسل "فرانس برس" كيف عرّضه المهرّبون في ليبيا للترهيب على مدى أشهر، قال إن خاطفوه هدّدوا بـ"اقتلاع أظافره".

واستذكر أنه قال لنفسه "سأموت إذا بقيت هنا"، في إشارة إلى ليبيا، البلد الذي اعتقد في البداية أنه سيوفر له المال الكافي لإرساله لعائلته.

وأضاف محمد: "لذلك قررت، مهما حدث، عليّ مغادرة هذا المكان". من جانبه، أفاد صيام (20 عامًا) "إذا كان بإمكانك تقديم المال، تدفع وستكون حرًا. وإلا فسيضربونك".

وقال إن المهرّبين "يعدّون تسجيلات مصوّرة وهم يضربونك ويبلغون عائلتك بأن تدفع المال وإلا فسيقتلونك".

الاتجار بالبشر

وأمل الشابان اللذان وصلا عبر رحلات جوية من الإمارات إلى ليبيا كلّفت بضعة مئات اليورو بالعثور على وظائف هناك في الزراعة والنفط أو البناء، علمًا أنهما لم يلتقيا سوى أثناء عبورهما المتوسط.

لكنهما وجدا نفسيهما بدلًا من ذلك عالقين في تجارة الهجرة، التي تسحق آلاف الأشخاص من دون أي رحمة كل عام في بلد يعاني الفوضى منذ العام 2011.

وتعهّد صيام ومحمد، وهما يتيمان، إعالة عائلتيهما في بنغلادش حيث يعيش نحو نصف السكان على أقل من دولار يوميًا.

وقال محمد لـ"فرانس برس" من على متن السفينة: "كل شيء يعتمد علي.. العلاج الطبي والغذاء وكل شيء".

وبفضل وسيط، عثر صيام على وظيفة كعامل نظافة في مستشفى في بنغازي، لكن "لم أحصل إلا على نصف راتبي. عندما سألت عن المبالغ المستحقة، صفعوني"، وفق قوله.

وبات الهرب مخرجه الوحيد. لكن المخاطرة بحياته في أحد طرق الهجرة الأكثر خطورة في العالم له ثمن: 5000 دولار. وهنا يأتي السؤال: من أين سيأتي بهذا المبلغ؟. 

الهجرة غير النظامية من بنغلاديش
تم انتشال المهاجرين الـ35 الذين كانوا على متن القارب من البحر- غيتي

وقال صيام إن عائلته توسلت للحصول على المال من أي شخص يمكنه المساعدة. وأضاف: "باعت عائلتي بعد ذلك منزلي. باعوا منزلي لينقذوني".

أما محمد، فحُبس في أبنية مسبقة الصنع غير صحية وسلِّم من مهرّب إلى آخر. نجح أخيرًا في الفرار من سجّانيه مع شخصين رافقاه.

وبقي من دون مأوى ولا مال ليبيع كل ما تبقى لديه: هاتفه وملابسه التي قبل بها مهرّب في نهاية المطاف، وفق روايته.

وأخيرًا، وجد نفسه على متن قارب من الألياف الزجاجية، إلى جانب صيام، في طريقهما إلى صقلية.

النجاة عبر الخط الساخن

ويتذكر الشابان كيف جلسا معًا في القسم السفلي المتآكل من القارب، حيث شعرا بالبرد الشديد واستحما بالمياه المالحة فيما طغت رائحة الوقود في الجو.

وقال محمد: "كانت الأمواج كبيرة جدًا في المحيط، على ارتفاع خمسة أو ستة أمتار. وكان القارب صغيرًا جدًا".

وبعد ثلاثة أيام أبحر القارب فيها بسرعة 600 كيلومتر، ونفدت المياه والطعام والوقود وبدأت المياه تدخل إلى القارب.

وبفضل توافر هاتف، تمكن المهاجرون من إبلاغ الخط الساخن المخصص للمهاجرين، والذي يتعقّب القوارب في المتوسط "ألارم فون" بموقعهم عبر نظام تحديد المواقع العالمي.

وعند قرابة الساعة الرابعة صباحًا الإثنين، لاحظت سفينة أوشن فايكينغ التي تشغّلها منظمة إنقاذ المهاجرين "إس أو إس ميديتيرانيه" القارب الصغير الذي يستغيث وبدأت الاقتراب.

ويستذكر محمد أنه تساءل إن كانوا قراصنة، قائلًا لنفسه: "ما الذي يمكن أن يأخذوه منا؟ لم يبق لدينا أي شيء".

وتم انتشال المهاجرين الـ35 الذين كانوا على متن القارب من البحر، إذ بدوا غير قادرين على الوقوف ومرهقين.

وقال صيام لأولئك الذين أنقذوه "أنتم نعمة.. أحببتمونا كثيرًا. أنقذتم حياتنا". وأضاف: "اقتربت كثيرًا من الموت. وجودي هنا هو ولادة ثانية".

تابع القراءة
المصادر:
أ ف ب
Close