رغم أن سبل السلام عبر المسار التفاوضي بين موسكو وكييف شبه متجمد، إلا أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حذّر اليوم السبت، من أن "تصفية" آخر المقاتلين الأوكرانيين الموجودين في مدينة ماريوبول الساحلية التي تحاصرها القوات الروسية "سينهي المفاوضات" مع موسكو.
وخلال مقابلة مع الموقع الإخباري "أوكرانسكا برافدا" أكد زيلينسكي بالقول: إن تصفية جنودنا ورجالنا في ماريوبول سينهي المفاوضات من أجل السلام. ونبّه في الوقت ذاته إلى أن الطرفين سيجدان نفسيهما في "مأزق"، حسب تعبيره.
ومن حيث الخسائر البشرية، قال زيلينكسي إن "ماريوبول يمكن أن تكون عشرة أضعاف بوروديانكا"، وهي بلدة أوكرانية صغيرة بالقرب من كييف دمرت بعد تعرضها للقصف وكانت مسرحًا لانتهاكات اتُهم الجنود الروس بارتكابها.
وشدد على أنه "كلما تكرر ما حصل في بوروديانكا، ازدادت صعوبة" التفاوض.
ورقة ضغط
وتنظر روسيا إلى ماريوبول على أنها ورقة ضغط ضد أوكرانيا، بعدما أحكمت حصارها ضمن تكتيك عسكري اتبعته منذ انطلاق الهجوم فجر 24 فبراير/ شباط الماضي.
وأمام تعثر عمليات فك الحصار عنها، أعلن الجيش الأوكراني، في 11 أبريل/ نيسان الجاري، أنه يستعد لخوض "معركة أخيرة" في ماريوبول على بحر آزوف، في الجنوب الشرقي.
وكتب اللواء 36 من مشاة البحرية، وهو جزء من القوات المسلحة الأوكرانية، على فيسبوك: "سيلقى بعضنا حتفهم ويؤسر الآخرون".
في اليوم التالي، قالت السلطات الأوكرانية إن القتال خلّف ما بين 20 ألفًا و22 ألف قتيل في ماريوبول، وهي مدينة إستراتيجية كان يعيش فيها 441 ألف نسمة.
ولم يُسمح لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أمس الجمعة، بالوصول إلى مناطق النزاع، ولا سيما إلى مدينة ماريوبول الساحلية في جنوب البلاد، حيث لا يزال حوالي 100 ألف شخص- بحسب برنامج الأغذية- محاصرين من الجيش الروسي.
ووصف مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخالو بودولاك، الثلاثاء الماضي، المحادثات مع روسيا بأنها "صعبة جدًا".
في غضون ذلك، اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المفاوضين الأوكرانيين بأنهم ليسوا على انسجام.
زيلينسكي يكشف حصيلة قتلى جنوده
وفي سياق متصل، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم السبت، خلال مقابلة مع قناة "سي إن إن" الأميركية، مقتل ما بين 2500 و3 آلاف جندي أوكراني منذ بداية الحرب، إضافة إلى إصابة نحو 10 آلاف جندي أوكراني منذ 24 فبراير/ شباط الماضي.
ودعا دول العالم إلى الاستعداد لاحتمالية استخدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أسلحة نووية تكتيكية، فهو "لا يكترث بحياة الإنسان"، حسب تعبيره.
وحول الطراد الروسي "موسكفا" الذي أعلنت أوكرانيا استهدافه وغرق في البحر الأسود، أكّد زيلينسكي أن السفينة غرقت ولم تعد موجودة، وأنها كانت تشكل سلاحًا قويًا.
وأوضح أن غرق السفينة المذكورة لم يشكل مأساة بالنسبة إلى كييف، وكلما قل عدد الأسلحة التي تمتلكها روسيا لمهاجمة أوكرانيا، كان ذلك أفضل.
ولفت إلى مقتل ما بين 19 ألفًا و20 ألفًا من الجنود الروس المشاركين في الحرب، في حين أعلنت روسيا أن عدد قتلى جنودها بلغ 1351 جنديًا.
وفي 24 فبراير/ شباط الماضي، أطلقت روسيا هجومًا على أوكرانيا تبعه رفض دولي وعقوبات اقتصادية مشددة على موسكو التي تشترط لإنهاء عمليتها تخلي كييف عن خطط الانضمام إلى كيانات عسكرية والتزام الحياد، وهو ما تعتبره هذه الأخيرة "تدخلا في سيادتها".
وتصف موسكو ما فعلته بأنه "عملية عسكرية خاصة" لنزع السلاح من جارتها وطرد من تصفهم "بالنازيين الجدد". وترفض كييف وحلفاؤها الغربيون ذلك باعتباره ذريعة باطلة لشن حرب غير مبررة على دولة ديمقراطية يبلغ عدد سكانها 44 مليون نسمة.