الجمعة 3 مايو / مايو 2024

لبنان.. مختبر الديبلوماسية الفرنسية

لبنان.. مختبر الديبلوماسية الفرنسية

Changed

وسّعت فرنسا دائرة اتصالاتها من أجل لبنان، حيث تواصلت مؤخراً مع الولايات المتحدة الأميركية ومصر وقطر والمملكة العربية السعودية.

ينتظر لبنان منذ 8 أشهر دوران العجلة السياسية لكي يتمكن رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري من تشكيل حكومة اختصاصيين من خارج إطار الأحزاب السياسية التقليدية التي تحكم وتتَحكم بلبنان منذ عدة عقود.  

الخلاف في الرؤى وعدم تلاقي وجهات النظر وحرب التصريحات بين رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري عقّد الأوضاع داخلياً؛ ما دفع شريكهما الثالث رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى القول إن لبنان سيغرق إذا لم تتشكل الحكومة في أسرع وقت ممكن. ويرافق هذا التوتر ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل جنوني وأزمة اقتصادية لم تشهدها البلاد منذ الحرب الأهلية التي انتهت باتفاق الطائف، ناهيك عن تأثيرات جائحة كورونا.   

وبما أن الملف اللبناني يخضع لرياح العوامل الخارجية؛ فإن الخلاف بين الرئاستين الأولى والثانية انعكس على علاقة لبنان بصُناع القرار الدوليين، الذين اشترطوا لمساعدته وإخراجه من أزمته المالية والاقتصادية؛ ضرورة تشكيل حكومة جديدة.  

اكتشف ماكرون خلال الأشهر الأخيرة أن لبنان أكثر تعقيدًا مما كان يتوقع، فالأزمان تتغير وكذلك التحالفات، ولبنان بات يغرّد خارج السرب الفرنسي منذ سنوات طويلة.

فرنسا التي أخذت على عاتقها مساعدة اللبنانيين بُعيد انفجار مرفأ بيروت في أغسطس/ آب الماضي ضمن ما بات يُعرف بالمبادرة الفرنسية؛ لم تعد ترى الملف اللبناني بنفس الزخم الذي كان يراه ماكرون عندما زار لبنان أكثر من مرة والتقى بسياسييه وتحدث مع مواطنيه عن قُرب، خاصة وأن المُهل التي اشترطها سيد الإليزيه على الطبقة الحاكمة في لبنان من أجل تطبيق مبادرته؛ لم تلقَ آذاناً صاغية، وها هي مبادرته تراوح مكانها من دون تسجيل أي اختراق يُذكر.  

ماكرون اكتشف خلال الأشهر الأخيرة بأن لبنان أكثر تعقيدا مما كان يتوقع، فالعلاقة بين بلاده وبلد الأرز لم تعد كما كانت في الماضي. صحيح أن هناك روابط ثقافية بين البلدين وصداقة متينة، إلا أن التاريخ واستذكار قصصه الإيجابية؛ لا يكفي اليوم من أجل إقناع الطبقة السياسية المتجذرة في الحكم بأن تنصاع بسهولة لباريس. فالأزمان تتغير وكذلك التحالفات، فضلًا عن أن لبنان بات يغرّد خارج السرب الفرنسي منذ سنوات طويلة.  

باريس مصرّة على إتمام ما وعدت به رغم التململ، فالنجاح الفرنسي في الملف اللبناني هو نجاح شخصي لماكرون، واختبار حقيقي لسياسته الخارجية خاصة وأن الرجل لا يحقق نجاحات كبرى في بلاده، لا اقتصادياً ولا صحياً. أضف إلى ذلك أنه على أبواب الترشح لولاية رئاسية ثانية.

فقد الكثير من اللبنانيين الثقة بالمبادرة الفرنسية وكذلك بالرئيس إيمانويل ماكرون الذي لا يُفصح علانية عن الجهات التي تمنع تشكيل الحكومة.

من أجل ذلك تقود باريس اليوم حراكاً ديبلوماسيا مكثفًا لإيجاد مخرج للأزمة اللبنانية. وبات واضحا أنها انتقلت من الديبلوماسية الكلاسيكية في التعامل مع الطبقة السياسية اللبنانية إلى ديبلوماسية أكثر صرامة، وتحمل تهديدا أفصح عنه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بعد اتصاله بالرؤساء الثلاث في لبنان، وأعلمهم بأن الاتحاد الأوروبي يبحث آليات فرض عقوبات على أولئك الذين يعرقلون -بحسبه- تشكيل حكومة تأمُل فرنسا في أن تكون جاهزة للقيام بإصلاحات، وتعمل بشكل جاد للمصلحة العامة من أجل إخراج البلاد من أزمتها.  

وسّعت فرنسا دائرة اتصالاتها من أجل لبنان، إذ تواصلت مؤخرًا مع الولايات المتحدة الأميركية ومصر وقطر والمملكة العربية السعودية، حيث أعلمت باريس هذه الدول بضرورة تشكيل حكومة في أسرع وقت، من أجل إنقاذ لبنان وإلا سيختفي هذا البلد بحسب التصريحات الرسمية الفرنسية.  

الكثير من اللبنانيين فقدوا الثقة بالمبادرة الفرنسية وكذلك بالرئيس إيمانويل ماكرون، خاصة أنه لا يُفصح علانية عن الجهات التي تمنع تشكيل الحكومة، إذ يُشار إليهم في البيانات الرسمية الفرنسية وكأنهم أشباح لا هيئة لهم ولا وجوه، وهذا الأمر يُقلق اللبنانيين الذين يبحثون منذ شهور عن حقيقة من يقف وراء تفجير مرفأ بيروت وقتل عشرات المواطنين، فضلاً عن الرغبة في كشف مكامن الفساد المستشري في لبنان، وأيضاً لا يريدون أن تكون بلادهم سلعة للمقايضة بين باريس وطهران، التي تسيطر على جزء مهم من القرار اللبناني؛ عبر حزب الله الشريك مع آخرين في منع ولادة حكومة الحريري الجديدة.  

في المقابل فإن الأمل في المبادرة الفرنسية ما زال مستمرًا عند قسم آخر من اللبنانيين الذين ناشدوا ماكرون عبر عريضة في صحيفة لوموند وقعها مئة لبناني، طالبوه فيها بتجميد أرصدة الساسة اللبنانيين في فرنسا، علّ ذلك يرد شيئًا من حقوق الناس الذين باتت أقصى أحلامهم تأمين قوت يومهم. 

المصادر:
العربي

شارك القصة

سياسة - أميركا
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن
قال أوستن إن القاعدة الجوية 101 حيث تتمركز القوات الأميركية هي قاعدة جوية للنيجر تقع قرب المطار الدولي في العاصمة - رويترز
شارك
Share

أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن الانتشار الروسي لا يطرح مشكلة كبيرة على صعيد حماية القوات الأميركية في المكان.

سياسة - بريطانيا
دعت الأمم المتحدة بريطانيا الشهر الماضي إلى إعادة النظر في ترحيل المهاجرين غير النظاميين إلى رواندا - غيتي
دعت الأمم المتحدة بريطانيا الشهر الماضي إلى إعادة النظر في ترحيل المهاجرين غير النظاميين إلى رواندا - غيتي
شارك
Share

كان البرلمان البريطاني قد وافق الشهر الماضي على قانون يسهل ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، في حال وصولهم إلى بريطانيا دون تصاريح.

سياسة - فلسطين
وصفت الأمم المتحدة قطاع غزة بأنه أصبح أخطر مكان في العالم بالنسبة للصحافيين وأسرهم - الأناضول
وصفت الأمم المتحدة قطاع غزة بأنه أصبح أخطر مكان في العالم بالنسبة للصحافيين وأسرهم - الأناضول
شارك
Share

ذكرت مؤسسات حقوقية فلسطينية أن إسرائيل لا تزال تعتقل 53 صحافيًا فلسطينيًا، فيما استشهد عشرات الصحافيين منذ بدء العدوان على غزة.

Close