الثلاثاء 14 مايو / مايو 2024

إدخال المساعدات إلى شمال غزة.. ما مدى نجاعة وديمومة الآلية المتبعة؟

إدخال المساعدات إلى شمال غزة.. ما مدى نجاعة وديمومة الآلية المتبعة؟

Changed

شكلت الجهود المشتركة التي مثلتها لجنة طوارئ توزيع المساعدات صفعة قوية لحكومة الاحتلال الذي يسعى لفرض إدارة مدنية تابعة له
شكلت الجهود المشتركة التي مثلتها لجنة طوارئ توزيع المساعدات صفعة قوية لحكومة الاحتلال الذي يسعى لفرض إدارة مدنية تابعة له - غيتي
تناول برنامج "للخبر بقية" مدى إمكانية وديمومة الآلية التي اتبعت بتوصيل المساعدات لشمال غزة، وما يحاول الاحتلال تكريسه من فرض واقع لتسيير الحياة المدنية بالقطاع.

لأول مرة منذ أربعة أشهر، وصلت المساعدات إلى شمال قطاع غزة، وكانت تحمل 5 آلاف كيس طحين، حيث فرغت الشاحنات حمولتها في مراكز الأونروا لتوزيعها على نحو 700 ألف شخص.

وتوزعت مناطق استقبال المساعدات بين بيت لاهيا وجباليا في مدينتها ومخيمها، إضافة إلى الفالوجا، قادمة من منطقة دوار الكويت وسط مدينة غزة، وشارع صلاح الدين.

وكانت عملية وصول المساعدات آمنة وتحت حراسة عناصر أمنية، وسط تنسيق معد ومسبق رتّبه عدد من وجهاء العشائر والمخاتير ومسؤولين أمميين وحكوميين في القطاع، بدأ لحظة دخول الشاحنات من الجنوب. 

وفور استقرار المساعدات بشكل آمن في مراكز الأونروا بالشمال، بدأت عملية التوزيع بإشراف لجنة طوارئ تشكلت من هيئات محلية وحكومية وعشائرية، وبإشراف الوكالة نفسها، التي التقت أصلًا بلجنة الطوارئ، وكانت على اتصال من جهة أخرى مع الاحتلال.

ما جرى من عملية حماية وإيصال وإفراغ، وتوزيع للمساعدات على قلتها خلط أوراق حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وأفشل مساعيها في إيجاد بديل يقوم تحت إمرتها بالمهمة.

فقد شكلت الجهود المشتركة التي مثلتها لجنة طوارئ توزيع المساعدات صفعة قوية لحكومة الاحتلال، الذي يسعى لفرض إدارة مدنية تابعة له تتولى مهمة توزيع المساعدات فضلًا عن إنهاء دور الأونروا من القطاع تمامًا.

ويأتي هذا الأمر في خطوة تؤكد ما تصر عليه حماس خلال المفاوضات بضرورة فتح ممرات من الجنوب إلى الشمال، وأن دخول المساعدات بريًا سيظل الخيار الأفضل رغم محاولة الاحتلال ودول أخرى التسويق لبدائل أخرى.

"قليل جدًا مقارنة بحجم الاحتياجات"

وفي هذا الإطار، أوضح الناطق باسم الدفاع المدني الفلسطيني الرائد محمود بصل، أن الواقع في غزة لا سيما في الشمال صعب، متحدثًا عن المجاعة وسط منع الاحتلال وصول المساعدات إلى القطاع.

وفي مداخلة عبر "العربي" من غزة، أضاف أن ما يدخل إلى قطاع غزة من مساعدات قليل جدًا مقارنة بحجم الاحتياجات، ما أثر بشكل كبير على المواطنين. وذكر باستشهاد 400 فلسطيني أثناء انتظارهم المساعدات في منطقتي الرشيد ودوار الكويت.

وأضاف أنه "كان لا بد من التفكير خارج الصندوق، والبحث عن أدوات جديدة من أجل منع الاحتلال الإسرائيلي من إطلاق الرصاص على المواطنين، بالتالي كانت هناك اللجان الشعبية لحماية المساعدات وإدخالها إلى شمال غزة".

وصلت 6 شاحنات مساعدات إلى محافظة شمال قطاع غزة أمس السبت
وصلت 6 شاحنات مساعدات إلى محافظة شمال قطاع غزة أمس السبت - غيتي

وشدد بصل على وجوب أن تكون هناك جهات دولية ومؤسسات حقوقية وإنسانية، وأن تتولى وكالة الأونروا هذه المهمة، وأن تبدأ باستلام المساعدات وتسليمها إلى كل مواطن في غزة.

ولفت إلى أن من قام بالتنسيق من أجل إيصال هذه المساعدات هم تجمعات من العوائل والمواطنين تحت إشراف اللجان الشعبية والأحياء والمخاتير.

"خطوة إيجابية"

من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا، أن دخول هذه المساعدات خطوة إيجابية، مشيرًا إلى أنها نتاج تنسيق مجتمعي مع الجهات الرسمية في غزة، والمؤسسات الدولية، لإيصالها بعد 6 شهور من بدء الحرب.

وبشأن طبيعة الجهات التي أشرفت على المساعدات، أوضح القرا في حديث لـ"العربي" من غزة، أنها تكاتف لجهات محلية ودولية.

وأضاف: بعد مجازر الاحتلال باتت هناك قناعة بضرورة تغيير آلية إيصال المساعدات خاصة في الشمال.

القرا الذي أشار إلى أنه من الصعب الحكم على التجربة الأولى من إيصال المساعدات، تحدث عن وجود جهات رسمية غير معلنة هي التي نسقت بين الأطراف لتوزيع المساعدات.

وأضاف أن هذه التجربة تتم من خلال جهات وطنية فلسطينية محلية إضافة إلى بعض المؤسسات والجمعيات المحلية بالتعاون والتنسيق مع الجهات الدولية كالأمم المتحدة ومنظمة الغذاء العالمي.

وأشار القرا إلى أن حماس تحاول ألا تكون في المشهد، لأنها تريد بشكل أساسي أن تضمن إيصال المساعدات إلى المواطنين.

"التجويع لفرض ترتيبات حكم جديدة"

بدوره، أستاذ السياسات العامة في معهد الدوحة للدراسات العليا تامر قرموط، أشار إلى أن عدم وصول المساعدات إلى شمال غزة كان سياسة إسرائيلية مقصودة بهدف تجريبي، موضحًا أن الاحتلال يحاول خلق واقع إداري جديد في سياق خطة "اليوم التالي لما بعد الحرب".

وفي حديث لـ"العربي" من لوسيل، أضاف أن الاحتلال أدخل شمال غزة في مرحلة التجويع لفرض ترتيبات حكم جديدة بعيدًا عن حركة حماس، وفرض نمط جديد من توزيع المساعدات، يشترط عدم وجود أي دور لحكومة حماس فيه.

ورأى أن أكثر طريقة مستدامة لإدخال المساعدات إلى غزة هي عن طريق البر من خلال المعابر، متسائلًا: لماذا ينغمس شركاء إسرائيل في مشاريع أخرى كالميناء البحري؟.

وأضاف تامر قرموط أن ما حدث في شمال غزة من إدخال مساعدات هو تجربة، وتحت المراقبة، ومتى نجحت أو فشلت، فسيتم اللجوء إلى الخطة "ب"، وهي إقفال المعابر البرية واللجوء مجددًا إلى إنزال المساعدات عن طريق الجو، أو عبر الممر البحري.

"بناء نموذج جديد من الإدارة المحلية"

من ناحيته، أوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي جوني منصور، أن الجميع كان متفقًا في الأسابيع الماضية على أن إنزال المساعدات من الجو أو إدخالها عبر البحر غير كاف، وليس الحل.

وأضاف في حديث لـ"العربي" من حيفا، أن الحل الوحيد على ما يبدو عمليًا ومنطقيًا هو عن طريق البر، لذلك فإن المفاوضات التي أجريت في الأسابيع الماضية كان هدفها تحضير الأجواء والتمهيد لكيفية توزيع المساعدات.

وأعرب منصور عن اعتقاده بعدم نجاح إعادة بناء "روابط العشائر" على مدى البعيد، لأن الفلسطينيين يحتاجون بالإضافة إلى المساعدات إلى مؤسسة وليس إلى مبنى عشائري.

ورأى أن ما تريده إسرائيل هو بناء نموذج جديد من الإدارة المحلية داخل غزة، في ظل الانقسام الفلسطيني، وتبادل التهم بين فصائل فلسطينية.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close