الجمعة 3 مايو / مايو 2024

الحرب على المخيمات.. لماذا تحولت بوصلة العدوان الإسرائيلي إلى الضفة؟

الحرب على المخيمات.. لماذا تحولت بوصلة العدوان الإسرائيلي إلى الضفة؟

Changed

يواصل جيش الاحتلال حصاره لمخيم نور شمس بطولكرم في إطار حربه على المخيمات
يواصل جيش الاحتلال حصاره لمخيم نور شمس بطولكرم في إطار حربه على المخيمات- غيتي
يستهدف الاحتلال المخيمات الفلسطينية منذ عقود كونها مستودعًا للمقاومة وشاهدًا تاريخيًا وسياسيًا وثقافيًا على نكبة الشعب الفلسطيني وقضية اللجوء.

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد 14 فلسطينيًا خلال العملية العسكرية الإسرائيلية المستمرة في مخيم نور شمس بطولكرم شمالي الضفة الغربية، بينما أصيب تسعة من جنود الاحتلال بجروح متوسطة وطفيفة. 

ويواصل جيش الاحتلال حصاره للمخيم لليوم الثالث على التوالي وسط مناشدات عدة يطلقها الأهالي بعد نفاد مواد تموينية أساسية، منها الخبز، وتداعيات تدمير قوات الاحتلال شبكة المياه الرئيسة، إضافة إلى قطع الكهرباء والاتصالات عن المخيم، فضلًا عن منع جنود الاحتلال طواقم الإسعاف من الدخول لنقل الشهداء والجرحى. 

الاحتلال يكثف استهدافه للمخيمات

ويعد مخيم نور شمس واحدًا من مخيمات عدة في الضفة الغربية التي كثّفت سلطات الاحتلال استهدافها بشكل ممنهج عقب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

ولهذه المخيمات حصة كبيرة من دم الشهداء والجرحى الذين سقطوا عقب السابع من أكتوبر في الضفة الغربية المحتلة. 

14 شهيدًا على الأقل في الاقتحام الإسرائيلي لمخيم نور شمس - غيتي
14 شهيدًا على الأقل في الاقتحام الإسرائيلي لمخيم نور شمس - غيتي

وكذلك تنحدر منها أعداد كبيرة من بين أكثر من 8000 معتقل تم أسرهم بعد هذا التاريخ بهدف ملاحقة المسلحين واعتقال مطلوبين وإحباط عمليات مسلحة وغيرها من الحجج والذرائع، حيث نفّذ جيش الاحتلال مئات العمليات في المخيمات الفلسطينية تخللتها أعمال عدوانية كالحصار وتجريف الطرق وتدمر البنى التحتية وتفخيخ المنازل وتفجيرها. 

تدمير وتنكيل لمخيمات غزة

وفي واقع الأمر، لا ينعزل استهداف مخيمات الضفة الغربية عن استهداف نظيراتها في قطاع غزة، فقد عاث جيش الاحتلال فيها في خضم عدوانه الحالي قتلًا وتدميرًا وتنكيلًا.

وفي خضم ذلك يبرز تساؤل بشأن أهداف الحرب الإسرائيلية المستعرة على المخيمات منذ عقود. وتكمن الإجابة بكل بساطة في كونها مستودعًا للمقاومة وشاهدًا تاريخيًا وسياسيًا وماديًا وثقافيًا على نكبة الشعب الفلسطيني وقضية اللجوء شأنها في ذلك شأن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" التي تعمل دولة الاحتلال جاهدة منذ سنوات لتصفيتها واستبدالها بمنظمات أخرى.   

تصاعد المقاومة الفلسطينية

ويعتبر الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن المخيمات الفلسطينية شاهدة على النكبة وهي مركز للمقاومة، مشيرًا إلى أن المخيمات في الضفة كانت مشتعلة قبل "طوفان الأقصى". 

وبشأن سياسة الاحتلال، يرى شلحت أن إسرائيل تعتبر أن "ما لا يؤخذ بالقوة يؤخذ بمزيد من القوة"، مشيرًا إلى أن للضفة الغربية وضعية خاصة، في ظل وجود حكومة إسرائيلة توصف بأنها الأكثر يمينية.

وفي حديث إلى "العربي" من عكا، يلفت شلحت إلى تصاعد المقاومة الفلسطينية منذ تسلم هذه الحكومة سدة الحكم، خصوصًا في منطقة الشمال والمخيمات. 

كما يرى الباحث في الشأن الإسرائيلي أن استعمال إسرائيل للقوة والأسلحة والطائرات ينم عن تطرف الموقف الإسرائيلي وعن وجود تطور في الأساليب التي يقاوم بها سكان المخيمات الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى تكبد قوات الاحتلال الخسائر أثناء محاولتها اقتحام مخيمات فلسطينية، ما يدفعها لتنفيذ غارات جوية من أجل التدمير. 

ويؤكد شلحت أن إسرائيل تطبق الأمر نفسه في قطاع غزة، حيث تلجأ إلى القصف الجوي من أجل التدمير الشامل قبل الاجتياح البري. 

انتهاك للقانون الدولي

من جانبها، تعتبر كبيرة الباحثين في منظمة اللاجئين الدولية ديفون كون أن من الأهمية بمكان أن نفهم أن المخيمات هي "معاقل للمقاومة ومصدر للأمان بالنسبة للنازحين واللاجئين". 

وفي حديث إلى "العربي" من واشنطن، تشير إلى أن هذا الأمر ليس في قطاع غزة فحسب بل في الضفة الغربية أيضًا. وتلفت إلى أن القوات الإسرائيلية تمارس العنف داخل هذه المخيمات التي يجب أن تكون مكانًا آمنًا بالنسبة للفلسطينيين، بما يمثل انتهاكًا للقانون الدولي. 

يستهدف الاحتلال المخيمات الفلسطينية في قطاع غزة- الأناضول
يستهدف الاحتلال المخيمات الفلسطينية في قطاع غزة- الأناضول

وتوضح كون أن المخيمات أنشأت عندما اضطر الناس للنزوح وهي لديها صفة خاصة في القانون الدولي. وتؤكد أن للفلسطينيين النازحين حقوقًا خاصة بهم وحماية توكل إليهم. 

محاولات لتصفية "الأونروا"

من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح حسن أيوب أن العمليات العسكرية في المخيمات الفلسطينية في شمال الضفة الغربية تأتي في سياق إعادة احتلال الضفة الغربية بما في ذلك المناطق المصنفة وفق اتفاقية أوسلو والتي من المفترض أن تكون تحت سيطرة السلطة الفلسطينية.

وفي حديثه إلى "العربي" من نابلس، يقول أيوب: "إن ما تقوم به إسرائيل هو استباحة كاملة لكل الضفة الغربية بما فيها المدن الرئيسية". 

كما يلفت إلى أن إسرائيل تعمل منذ سنوات طويلة على تصفية وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، معتبرًا "أن وجود هذه المنظمة والمخيمات بالتلازم هو أحد أهم مكونات الهوية الوطنية الفلسطينية المعاصرة".

ويقول: "لا يمكن تعريف الهوية الوطنية الفلسطينية تعريفًا شاملًا إلّا بوضع المخيمات في قلبها، لأنها الشاهد الحي في المعنى المادي وبالمعنى الرمزي والكفاحي للقضية الوطنية الفلسطينية في مربعها الأول وهو التهجير". 

لذلك يعتبر أيوب أنه من المطلوب بالنسبة لإسرائيل شطب عمل الأونروا. وأشار إلى أن إسرائيل أقدمت على خطوات عدة لتسحب الاعتراف من وكالة "الأونروا" ومهماتها في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. 

ويعلّل أيوب ذلك بأن "الأونروا" ساهمت مساهمة فعّالة في تثبيت الهوية الوطنية، وفي تقديم سلة من الخدمات التي مكنت اللاجئين في المخيمات الفلسطينية من الصمود بوجه مخططات التذويب وشطب الهوية الوطنية.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close