على الرغم من انتقادات كبيرة طالت حركة طالبان أخيرًا بعد حظر تعليم الفتيات في أفغانستان، أبلغت الحركة شركات الطيران في هذا البلد، أن النساء لا يمكنهن السفر جوًا سواء في رحلات داخلية أو دولية من دون "محرم"، أي من دون رجل يرافق المرأة له صلة قرابة فيها من الدرجة الأولى.
ونقلت وكالة رويترز عن مصدرين لم يُكشف عن هويتهما لأسباب أمنية، أن وزارة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" التابعة للحركة وتعد بمثابة وزارة الأوقاف، بعثت برسالة إلى شركات الطيران، أمس السبت، تبلغها فيها بالقيود الجديدة.
وبحسب القرار المفاجئ الجديد، فإن النساء غير المصحوبات بمحارم واللائي حجزن تذاكر بالفعل سيُسمح لهن بالسفر اليوم وغدًا، غير أن بعض النساء اللائي يحملن تذاكر جرى إبعادهن في مطار كابل أمس.
والأربعاء الماضي، أغلقت طالبان المدارس الثانوية للفتيات في أفغانستان بعد ساعات من إعادة فتحها، مما ولّد حالة من الغضب محليًا ودوليًا، وخرجت مظاهرة احتجاجية خجولة لحوالي 20 امرأة وفتاة، يوم أمس السبت، في كابل وهن يهتفن "افتحوا المدارس! عدالة عدالة!".
وألغت الولايات المتحدة يوم الجمعة اجتماعات كانت مقررة مع مسؤولي طالبان حول قضايا اقتصادية رئيسة، بسبب ذلك القرار الذي اتخذته الحركة يوم الأربعاء.
كما أعرب المبعوث الأميركي الخاص توماس ويست عن أمله في أن تتراجع حركة طالبان عن قرار حظر تعليم الفتيات خلال أيام، وذلك خلال مشاركته أمس السبت، في منتدى الدوحة، الذي انطلقت أعمال نسخته العشرين أمس وتنتهي اليوم الأحد.
مسيرة طويلة في التضييق على النساء
ومنذ أن استولت طالبان على السلطة في أفغانستان في منتصف أغسطس/ آب الفائت وانسحاب الولايات المتحدة أواخر الشهر المذكور، ضيقت الحركة على الفتيات ومنعتهن من ارتياد المدارس الثانوية.
وخلال الأشهر السبعة التي قضتها في الحكم، فرضت طالبان قيودًا كثيرة على النساء، إذ منعتهن من مزاولة العديد من الوظائف الحكومية وأجبرتهن على ارتداء أزياء محددة ومنعت انتقالهن من مدينة إلى أخرى من دون مَحرم.
ويقصد بـ"المحرم" رجل مرافق للمرأة له صلة قرابة بها من الدرجة الأولى كالأخ والعم والخال والابن، وابن الأخ أو الأخت، أو بطبيعة الحال الزوج أو الأب.
وإلى الآن تفرض الحركة مجموعة قيود على النساء، حيث تم استبعادهن من العديد من الوظائف الحكومية، مع مراقبة لباسهن ومنعهن من مغادرة مدنهن بمفردهن.
اللافت أن محاولات حركة طالبان اتخاذ مزيد من الضغط على النساء والتي تثير حفيظة الغرب، تأتي وسط محاولاتها منذ وصولها للسلطة منتصف أغسطس/ آب 2021، لكسب الاعتراف الدولي بها، ولا سيما بحكومتها المؤقتة التي شكلتها لاحقًا.
وفي أكثر من موقف وجه المجتمع الدولي رسائل إلى طالبان، بأن الحق في التعليم للجميع بند أساسي في المفاوضات حول تقديم المساعدة لأفغانستان والاعتراف بنظام طالبان، في وقت يعاني البلد من أزمة مالية خطيرة ووضع إنساني كارثي.
وكل هذه الإجراءات من طرف طاليان، تقف حجر عثرة أمام الأموال الأفغانية في الخارج المجمدة، على الرغم من أن المساعدة الدولية التي كانت تمول حوالي 75% من الميزانية.
ولا يزال الأمن الغذائي للأفغان وتراجع حالهم المعيشي هو الهاجس الأول المقلق للمنظمات الدولية، ولا سيّما بعد رفع الولايات المتحدة دعمها لهذا البلد عقب الانسحاب الأميركي العسكري.