يعود التخوف من شبح الانقسام في ليبيا ليسيطر على البلاد بعدما عيّن البرلمان وزير الداخلية السابق فتحي باغاشا رئيسًا جديدًا للحكومة بدلًا من عبد الحميد الدبيبة.
ويعتبر مجلس النواب حكومة الدبيبة "منتهية الولاية" بسبب إرجاء الانتخابات التشريعية التي كان مفترضًا حصولها في نهاية 2021.
وفيما رفض الدبيبة هذه الخطوة، رحب بها كل من اللواء المتقاعد خليفة حفتر والمجلس الأعلى للدولة وآخرون.
بدوره، أعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الخميس أنّ المنظمة الدولية لا تزال تدعم عبد الحميد الدبيبة بوصفه رئيسًا للوزراء.
وقال: "رأينا المعلومات عن تعيين رئيس وزراء آخر. موقفنا لم يتبدل"، موضحًا أن الأمم المتحدة تحاول "الحصول على تفاصيل عن القرار الذي اتخذه" البرلمان.
ويأتي ذلك، بعدما تعرض موكب الدبيبة لإطلاق رصاص في طرابلس في وقت متأخر ليلة الأربعاء الخميس، دون تسجيل أضرار بشرية، بحسب وزارة الداخلية.
"اتحاد الخصوم بوجه الدبيبة"
الكاتب والباحث السياسي فوزي الحداد يرى أن ما يحصل اليوم في ليبيا يتمثل في أن جميع الفرقاء والخصوم على الساحة الليبية وحدوا جهودهم لإزاحة الدبيبة من رئاسة الحكومة.
ويشير في حديث إلى "العربي" من طبرق إلى أنه يبدو أن الدبيبة خلق عداء مع الجميع تقريبًا طوال الأشهر الثمانية الماضية.
ويقول: منذ أن نكث الدبيبة بوعوده المتعلقة بعدم خوض الانتخابات الرئاسية، وهو يتعرض لانتقادات ومواجهة من قبل جميع خصومه".
ويضيف: "يبدو أن الجميع في الشرق والغرب قرر معاقبة الدبيبة لأنه أراد المشاركة بالانتخابات بدلًا من تنظيمها، وبالتالي الاستئثار بكل شيء".
ويتحدث عن مناصرة كبيرة في الشرق والغرب لتعيين فتحي باغاشا على رأس الحكومة الليبية.
هل تتحمل حكومة الدبيبة مسؤولية إفشال الانتخابات؟
رئيس مفوضية المجتمع المدني في مصراتة رمضان معيتيق يرى أن من كانوا في صراع مسلح أمس، توحدوا اليوم ضد عبد الحميد الدبيبة.
ويشدد في حديث إلى "العربي" من مصراتة على أن الفساد الذي شاب حكومة الوحدة الوطنية ليس استثناء عن الفساد الإداري والمالي الموجود في الدولة خلال السنوات الماضية.
ويحمّل معيتيق مسؤولية الانقسام السياسي لما سماه "بقايا المؤتمر الوطني" المتمثلة في المجلس الأعلى للدولة أو ما تبقى من مجلس النواب على حد تعبيره.
معيتيق يؤكد أن حكومة الدبيبة لا تتحمل مسؤولية إفشال الانتخابات. ويقول: "عماد السايح (رئيس مفوضية الانتخابات) أكد جهوزيته لإجراء الانتخابات"، معتبرًا أن مجلس النواب يتحمل مسؤولية في تعطيلها.
ثلاثة سيناريوهات
الباحث والأكاديمي فرج دردور يعتبر أن ليبيا أمام أكثر من سيناريو بعد تعيين باغاشا، تتمثل في حصول مواجهات، أو إتمام عملية التسليم، أو قيام حكومة موازية في سرت.
ويرى في حديث إلى "العربي" من العاصمة طرابلس أنه حتى لو تم التسليم، إلا أن ما حصل يعد "سرقة لإرادة الشعب الليبي".
دردور الذي يشير إلى أن هذه الحكومة ستعطي رخصة إضافية للتمديد لمجلس النواب، يسأل: "هل يعقل أن تنتج هذه الفوضى نجاحًا في العملية السياسية في غياب إرادة الشعب الليبي؟".
ويستبعد حصول انتخابات، معتبرًا أن الضغط الدولي لن ينجح بالدفع لإجرائها لأنه فشل على مدى السنوات السابقة في العديد من المجالات في ليبيا.