Skip to main content

تحديات ما بعد الانسحاب الأميركي.. بريطانيا تجري محادثات مع طالبان

الأربعاء 1 سبتمبر 2021
تنتظر حركة طالبان تحديات كبرى في أفغانستان بعد إنجاز الانسحاب الأميركي من البلاد

لا تزال الأوضاع في أفغانستان محور الاهتمام بعد ساعات على إنجاز الانسحاب الأميركي من البلاد، في وقتٍ بدأت تظهر التحدّيات الكبيرة أمام حركة طالبان التي استلمت الحكم، وأولها تشكيل حكومة جامعة.

ودافع الرئيس الأميركي جو بايدن بنبرة حازمة الثلاثاء عن رحيل قوات بلاده عن أفغانستان، معتبرًا قراره إنهاء حرب لا طائل منها استمرّت 20 سنة "القرار الأفضل للولايات المتّحدة"، في انسحاب احتفلت به حركة طالبان باعتباره "نصرًا تاريخيًا".

وبينما كانت آخر طائرة عسكرية أميركية تغادر مطار كابل قبل دقيقة واحدة من حلول فجر الثلاثاء معلنة إنجاز الانسحاب، كانت سماء العاصمة الأفغانية تشتعل بالأعيرة النارية والمفرقعات التي أطلقها مقاتلو طالبان احتفالًا بـ"الانتصار التاريخي" الذي حقّقته الحركة.

واجتاح الأميركيون أفغانستان في 2001 على رأس تحالف دولي أطاح بحركة طالبان من السلطة بسبب رفضها تسليم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بعد اعتداءات 11 سبتمبر/ أيلول في الولايات المتحدة.

وخسرت الولايات المتحدة نحو 2500 جندي ودفعت 2313 مليار دولار على مدى 20 عامًا بحسب دراسة أجرتها جامعة براون. وخرجت من أفغانستان وقد تضررت سمعتها بسبب عجزها عن توقع الانتصار السريع لطالبان وطريقة إدارتها لعمليات الإجلاء.

بريطانيا تفتح محادثات مع طالبان

في غضون ذلك، فتحت بريطانيا محادثات مع حركة طالبان لتأمين "مرور حر" لرعاياها وحلفائها إلى خارج أفغانستان بعد سيطرة الحركة على البلاد.

وأكدت الحكومة البريطانية لوكالة فرانس برس الأربعاء توجه السير سايمن غاس الممثل البريطاني الخاص لعملية الانتقال في أفغانستان، إلى الدوحة للقاء قادة طالبان. 

وقال المتحدث باسم الحكومة في بيان: إن السير سايمن غاس "يلتقي ممثلين كبارًا من طالبان لتأكيد أهمية مرور حر من أفغانستان للمواطنين البريطانيين والأفغان الذين عملوا معنا".

ويُعَدّ هذا التصريح أول تأكيد علني لوجود مساعٍ دبلوماسية بين لندن وطالبان. 

وكانت لندن انضمت إلى الولايات المتحدة في عملية ضخمة لإجلاء أكثر من مئة ألف شخص من أفغانستان بعد استسلام الجيش الأفغاني لطالبان.

وواجه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون انتقادات واسعة بعد التخلي عن آلاف الأفغان الذين ساعدوا حلف شمال الأطلسي في بلدهم. 

وحتى الآن، تمكن أكثر من ثمانية آلاف أفغاني ساعدوا عملوا مع بريطانيا من مغادرة أفغانستان وأكدت لندن أن بإمكانهم الإقامة على الأراضي البريطانية.

التحدي الأول.. مطار كابل

ومع اكتمال الانسحاب الأميركي، يبدو أنّ التحديات التي تنتظر حركة طالبان بدأت تظهر بقوة، حيث ستراقب واشنطن وغيرها من عواصم العالم عن كثب في الأيام المقبلة ما ستقوم به الحركة في المطار وخصوصًا ما إذا كانت ستسمح للأفغان بالسفر للخارج كما وعدت.

وتجري طالبان محادثات مع تركيا لكي تتولّى أنقرة الشؤون اللوجستية للمطار على أن تتولّى الحركة ضمان أمنه، في شرط قد يثني أنقرة عن القيام بذلك.

واعتبرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أنّ هذا المطار له "أهمية وجودية" لأفغانستان لنقل الدعم الطبي والإنساني الذي تحتاجه البلاد بشدة.

تحديات ما بعد الانسحاب

وتعهّدت طالبان مرارًا أن تكون أكثر انفتاحًا مما كانت عليه في فترة حكمها السابق، فيما أبدت الولايات المتحدة استعدادها "للعمل" مع طالبان لكنّ "الشرعية والدعم يجب أن يُكتسبا"، بحسب ما قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الإثنين.

ويخشى الكثير من الأفغان والغربيين عودة إلى الوراء في مجال مكتسبات حقوق الإنسان رغم أنّ الحركة تعهّدت باحترام هذه الحقوق ضمن حدود الشريعة.

ووعدت الحركة كذلك بعدم الثأر من الأشخاص الذين عملوا لدى الإدارة السابقة. وأكدت أيضًا أنّها ستعمل على تشكيل حكومة منفتحة على فصائل أخرى.

وسيكون التحدّي الفوري الأكبر للسلطات الجديدة في أفغانستان إيجاد تمويل لدفع رواتب الموظفين الحكوميين وتشغيل مرافق البنى التحتية الحيوية من مياه وكهرباء واتصالات.

وتنتقد حركة طالبان الغربيين لأنهم قاموا باجلاء بعض الأفغان الأكثر تعليمًا، وستكون مهمتها في النهوض بالبلاد والاقتصاد المدمر من جراء الحرب أكثر صعوبة بدونهم.

"مؤشّر إيجابي" من طالبان

ويعتبر مدير معهد النزاع في الدوحة سلطان بركات أنّ التأخير في الإعلان عن الحكومة مؤشر إيجابي عن نيّة حركة طالبان بتشكيل حكومة جامعة لكل الأطراف.

ويقول في حديث إلى "العربي"، من الدوحة: إنّهم "لو أرادوا أخذ الحكم بأنفسهم لعملوا على ذلك لأنّ لديهم هيكلية واضحة"، مضيفًا: "ننظر إليها بشكل إيجابي بعض الشيء أنّهم لا يزالون يتداولون الموضوع مع أطراف أخرى".

ويرى أنّ قياديي حركة طالبان "واعون تمامًا لقانون الطبيعة الموجود في أفغانستان أنه لا يمكن لطرف عرقي واحد أن يحكم البلد بالكامل".

ويشدّد على "وجوب أن يكون هناك ترتيبات بين الأطراف المختلفة وهناك كثير من الأمور السياسية التي ما زالت عالقة بينهم وبين تحالف الشمال".

ويؤكد أنّ مطار كابل هو من التحديات الأساسية، إلا أنّ ليس التحدّي الوحيد، إذ إنّ أهميته هي للمجتمع الدولي أكثر من الداخل.

هل تشكّل طالبان حكومة جامعة؟

من جهته، يرى الباحث في الشأن الأفغاني نصرت عبد الله أنّ التحديات كبيرة أمام طالبان بعد سيطرتها على أفغانستان بشكل كامل.

وإذ يصف في حديث إلى "العربي"، من إسطنبول، الأوضاع في البلاد حاليًا بـ"المستقرة"، يعتبر أنّ التحدّي الأول أمام الحركة سيكون تشكيل الحكومة الشاملة لجميع الأطراف الأفغانية.

وفيما يلفت إلى أنّ حركة  طالبان تتحدّث  شبه اتفاق على نوعية الحكومة وماهيتها القادمة، يؤكد أنّ الأمور لا تزال مبهمة، وهي لم تتّضح بعد.

ويوضح أنّ بعض الجهات الأفغانية ليست حتى الآن في صورة هذه الحكومة، بغياب أيّ اتفاق تمّ إبرامه مع الحركة.

المصادر:
العربي، وكالات
شارك القصة