الثلاثاء 14 مايو / مايو 2024

تهديد بوتين بالنووي.. عدم توازن أم استغلال هادئ لمخاوف الغرب؟

تهديد بوتين بالنووي.. عدم توازن أم استغلال هادئ لمخاوف الغرب؟

Changed

ناقش اللواء عبد الرحمن شحيتلي هدف بوتين من وضع قوات الردع التابعة للجيش الروسي في حالة تأهب (الصورة: غيتي)
قال أحد مساعدي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تحدث مع بوتين أمس الإثنين، إن الرئيس الروسي كان "غير مبالٍ، ويتحدّث وكأنه مريض وبطريقة محددة".

بعد وضعه القوات النووية الروسية في حالة تأهب قصوى خلال الهجوم على أوكرانيا، أبدى عدد من القادة الغربيين قلقهم من أن تصرّفات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أصبحت غير مستقرّة بشكل يمثّل تهديدًا خطيرًا على العالم أجمع.

ونقلت وكالة أسوشييتد برس" عن خبراء تساؤلهم حول ما إذا كان بوتين "يتفّهم أو يهتم بالعواقب الوخيمة لتصرّفاته، أو إذا كان يستغلّ عن قصد الشكوك التي طال أمدها بشأنه".

وقال أحد مساعدي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تحدث مع بوتين أمس الإثنين، إن الرئيس الروسي كان "غير مبالٍ، ويتحدّث وكأنه مريض وبطريقة محددة".

وأضاف المساعد، الذي تحدث من دون الكشف عن هويته للوكالة: "يمكننا أن نرى أنه في ظل الحالة الذهنية للرئيس بوتين، هناك خطر من حدوث تصعيد، ومن التلاعب لتبرير ما هو غير مبرر".

ولطالما حاول القادة الأجانب التسلّل إلى عقل بوتين لمعرفة نواياه، لكنّهم أخطأوا في تقديراتهم. ويظهر بوتين في هذه الأزمة العديد من السمات نفسها التي أظهرها منذ أن أصبح زعيمًا لروسيا. لقد أمر بوتين بشنّ غزوات على جيرانه، وأطلق نظريات المؤامرة، كما أمر بعمليات جريئة مثل التدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية السابقة.

اتخذ بمفرده قرارات تاريخية مثل ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، واستشار في ذلك، دائرته الضيقة فقط من قدامى المحاربين في المخابرات السوفيتية. لطالما كان محاطًا بالقادة العسكريين الذين يتردّدون في المخاطرة بوظائفهم من خلال حثّهم إياه على توخي الحذر، أو التعبير عن آراء معاكسة لآرائه.

لقد تحدث أيضًا عن الحرب النووية، وذكر ذات مرة أن مثل هذا الصراع سيكون بمثابة "استشهاد" في سبيل روسيا.

ويقول الخبراء إن بوتين قد يستخدم شبح الصراع النووي لكسر الدعم المتزايد للدفاع الأوكراني وفرض تنازلات. كما تشير تعليقاته الأخيرة إلى أن العقوبات الغربية تؤتي ثمارها.

وقال جيم تاونسند، من مركز "الأمن الأميركي الجديد": "تصريحاته هذه دليل على أن العقوبات أثرت عليه. علينا فقط أن نأخذ ذلك في الحسبان، ونستفيد من ذلك".

"لم يعد كما هو"

انزعج المسؤولون في الولايات المتحدة من مقال من 5 آلاف كلمة نُشر تحت اسم بوتين في يوليو/ تموز الماضي، تحدّث فيه عن أن الروس والأوكرانيين "شعب واحد"، وألقى باللوم في أي انقسامات على مؤامرات أجنبية.

وقال أحد مسؤولي الإدارة الأميركية الحالية، الذي تحدث للوكالة شريطة عدم الكشف عن هويته، إن مجتمع الاستخبارات كان قلقًا من أن بوتين يلجأ إلى إثارة العواطف، مدفوعًا بالمظالم المستمرة منذ فترة طويلة.

بدوره، قال مسؤول كبير في مكتب ماكرون إن بوتين "لم يعد كما هو" ، وأصبح "أكثر جمودًا وعزلة، كما انحرف جوهره إلى النهج الذي يتم تطبيقه الآن".

خلال مأدبة عشاء استمرّت خمس ساعات بين الرئيسين الروسي والفرنسي، تحدّث بوتين لوقت طويل عن توسع "الناتو" و"ثورة 2014" في أوكرانيا، أكثر من مناقشة الأزمة الحالية.

خلال لقاءاته الأخيرة التي بثّت على التلفزيون الحكومي، بدا بوتين معزولًا بشكل كبير. التقى قادة أجانب ومساعدين مقرّبين من الطرف المقابل لطاولة طويلة.

وقال السيناتور مارك وارنر، وهو ديمقراطي من ولاية فرجينيا يرأس لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ: "لم يكن لديه احتكاك بالكثير من الأشخاص المقربين منه. لذلك نحن قلقون من أن هذا الفرد المعزول (أصبح) مصاب بجنون العظمة، وكونه الشخصية التاريخية الوحيدة التي يمكنها إعادة بناء روسيا القديمة أو إعادة إنشاء فكر الاتحاد السوفيتي".

"شهية لا تصدّق للمخاطرة"

لطالما التزم بوتين باستعادة المجد المفقود، وقمع المعارضة، وإبقاء الجيران في فلك موسكو.

ويعود رفضه العلني للسيادة الأوكرانية إلى سنوات عديدة. عام 2008، ورد أنه قال للرئيس جورج دبليو بوش: "عليك أن تفهم أن أوكرانيا ليست دولة حتى".

وقال النائب كريس ستيوارت، وهو جمهوري من ولاية يوتاه وعضو في لجنة المخابرات بمجلس النواب، إنه قبل الهجوم على أوكرانيا، لم ير أدلة تشير إلى أن بوتين كان يتصرف بشكل "غير عقلاني"، مضيفًا أن بوتين لديه "شهية لا تصدق للمخاطرة عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا".

قبل عامين، أيد بوتين النسخة الأخيرة من سياسة الردع النووي الروسية التي تسمح باستخدام الأسلحة الذرية ردًا على هجوم نووي أو عدوان يتضمّن أسلحة تقليدية "يهدد وجود الدولة".

عام 2019، قال دميتري ميدفيديف، نائب الرئيس الروسي، إن تحرّك الغرب لعزل روسيا عن نظام  "سويفت" المالي سيكون بمثابة إعلان للحرب، في إشارة إلى أن الكرملين قد ينظر إلى العقوبات الغربية على أنها تهديد على قدم المساواة مع العدوان العسكري.

عام 2018، قال بوتين للشعب الروسي إن روسيا "لن تهاجم أولًا في أي نزاع نووي"، لكنه نظّر حول الانتقام من هجوم وشيك للعدو، مضيفًا بابتسامة متكلّفة: "سنكون ضحايا للعدوان وسنصل إلى الجنة شهداء. وسوف يموتون فقط وليس لديهم وقت للتوبة".

وفي هذا الإطار، قال جيمس إم أكتون، المدير المشارك لبرنامج السياسة النووية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إنه لا يعتقد أن الحرب النووية وشيكة ولكنه أضاف أن "هناك إمكانية حقيقية للتصعيد".

وأضاف أن الاحتمال الآخر هو أن بوتين "سوف يستخدم تكتيكات غير نووية وحشية بشكل متزايد في أوكرانيا"، مقترحًا إيجاد "مخرج منحدر" قد يسمح لبوتين بفوز محتمل.

عام 1962، خلال أزمة الصواريخ الكوبية، وافقت الولايات المتحدة سرًا على إزالة الصواريخ النووية من تركيا مقابل انسحاب السوفيت من كوبا.

من جهته، قال جيفري لويس، الخبير في السياسة النووية في معهد ميدلبري للدراسات الدولية، إنه لم يشعر بالقلق على الفور بشأن التصعيد النووي. لكنه أكد أن أحد مخاطر إرسال إشارات عامّة حول الأسلحة النووية، هو أنه قد يكون من الصعب تفسيرها، تمامًا كما يحاول العالم الآن فهم تحركات بوتين ونواياه الأخيرة".

وأضاف لويس: "إنه منعزل ويتّخذ قرارات سيئة ويخسر. وهذا أمر خطير".

المصادر:
العربي - أسوشييتد برس

شارك القصة

تابع القراءة
Close