اشتعلت جبهة الاتهامات النووية بين روسيا وأوكرانيا، فالكرملين مصر على اتهام كييف بالتحضير والنية لاستخدام قنبلة إشعاعية تُعرف بـ"القنبلة القذرة".
واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن معلومات بلاده مؤكدة في هذا الصدد، تاركًا التوضيح لوزارة الدفاع الروسية التي تحدثت عن منظمتين أوكرانيتين ضليعتين في تركيب القنبلة، وأصبحتا في مراحلها النهائية.
وتؤكد روسيا معلوماتها كاشفة عن اتصال حصل بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وبريطانيا للحصول على تقنية نووية، وفق تعبيرها.
محذرا من استعمال #أوكرانيا "قنبلة قذرة".. وزير الدفاع الروسي يجري محادثات هاتفية مع نظرائه الفرنسي والتركي والبريطاني #العربي_اليوم #روسيا تقرير: رشدي رضوان pic.twitter.com/yZuR9lDDhX
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) October 24, 2022
اتهامات مضادة
وفيما تتمسك موسكو بالاتهام والتخويف من المواد المشعّة، تتثبت كييف بالنقيض. فزيلينسكي رد سهام الاتهام إلى الجهة المقابلة، معلنًا أن روسيا هي التي تحضر لاستخدام قنبلة قذرة وتريد التهويل الإعلامي وإلصاق الأمر بكييف مسبقًا.
وأكثر من ذلك، تركت أوكرانيا مواقعها النووية مفتوحة أمام المنظمات الدولية، لا سيما الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتأكيد كلامها عبر زيارات ميدانية.
من جهتها، رفضت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا معًا ما قالت إنها "مزاعم روسية كاذبة وخاطئة" عن امتلاك أوكرانيا لقنبلة قذرة، مضيفة أن العالم "لن يكون غبيًا في حال استخدمت روسيا مزاعمها ذريعة للتصعيد في كييف".
وبين سطور البيان الغربي رسالة إلى موسكو، فحواها أن الاتهام بالاتهام، وأن ما يجري لا يتجاوز محاولات روسيا تصعيد شروطها والتهويل من أجل تداعي جهود الوساطة الأوروبية.
معلومات استخباراتية
في هذا السياق، يرى الدبلوماسي الروسي السابق فياتشيسلاف ماتوزوف أن "الدول الغربية وأوكرانيا شنّت حربًا إعلامية لاتهام موسكو بالتحضير لاستخدام قنبلة نووية تكتيكية".
ويتساءل ماتوزوف، في حديث إلى "العربي" من موسكو: "رغم نفي روسيا أكثر من مرة هذه النية، لماذا تصر الدول الغربية على الاستمرار في حملتها واتهاماتها تجاه موسكو؟".
ويشدد على أن "الاستخبارات الروسية أعطت بالتفاصيل ما تخطط له أوكرانيا"، مضيفًا: "هناك معلومات استخباراتية سابقة أن أميركا أعطت كييف تفاصيل الترسانة النووية، ووجدت موسكو ذلك عند دخولها منشأة زاباروجيا النووية".
ويلفت إلى أن "روسيا وجدت في زاباروجيا 30 طنًا من البلوتونيوم واليورانيوم المخصب، علمًا أن أوكرانيا تمتلك كوادر يمكنها العمل على تصنيع سلاح نووي".
تشتيت للأنظار
من جهته، يرفض المحلل السياسي الأوكراني ديميتري فاسيليف هذه الاتهامات، متسائلًا: "لماذا تلجأ أوكرانيا اليوم إلى السلاح النووي؟ وأين هي المعطيات الموجودة عند روسيا؟".
ويشدد فاسيليف، في حديث إلى "العربي" من كييف، على أن "الدول الغربية كلها أكدت أن الادعاءات الروسية كاذبة".
وإذ يذكّر المحلل الأوكراني بحادثة تشيرنوبل النووية، يؤكد أن "الأوكرانيين يعلمون جيدًا خطورة الأسلحة النووية ولا يمكن لكييف استخدام هذا النوع من القنابل".
ويقول: "هذه الادعاءات سخيفة، وهذه المعلومات تقدمها روسيا وسط حرب إعلامية لتشتيت الأنظار عن مشاكلها في ساحة القتال".
ما هي القنبلة القذرة؟
بدوره، يوضح الخبير العسكري والإستراتيجي أحمد رحال أن "القنبلة القذرة هي سلاح مختلط بين المواد الانفجارية والمواد الإشعاعية، لذا حملت هذه التسمية نظرًا لتأثيرها الكبير".
ويقول رحال في حديث إلى "العربي" من إسطنبول: "هذه القنابل إن كانت نووية أو جرثومية أو إشعاعية، تُستخدم في ظروف عسكرية لا يُمكن تحديدها".
ويضيف: "عندما هُزم الأميركيون في معركة مع اليابان خلال الحرب العالمية الثانية، تم استخدام هذا النوع من الأسلحة لأن واشنطن لم تتحمل يومها أن تسقط أمام دولة صغيرة".
ويتابع قائلًا: "إذا أسقطنا تلك الحادثة على الحرب الأوكرانية، نجد أن دولة صغيرة تمكنت من إحراج روسيا وإلحاق الهزائم بها، وبالتالي الظروف مهيئة لروسيا لاستخدام هذه الأسلحة".
ويشير إلى أنه "لدينا تجربة في سوريا، حيث استخدمت روسيا أكثر من 4 مرات الأسلحة الكيميائية بعد اتهام المعارضة السورية بذلك".