تتواصل المعارك في أفغانستان بين القوات الحكومية ومقاتلي حركة طالبان، وتزداد شراستها، مع اقتراب موعد رحيل آخر جندي أجنبي من البلاد.
وأعلنت وزارة الدفاع الأفغانية مقتل 112 عنصرًا من الحركة بينهم 30 مقاتلًا من باكستان، قالت إنّ لهم صلة بتنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية، وذلك في غارات شنّها الجيش الأفغاني على أطراف مدينة لشكارجاه وسط إقليم هلمند.
"دعم" أميركي لأفغانستان
في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام أميركية أنّ إدارة الرئيس جو بايدن أرسلت قاذفات B52 وطائرات سبيكتر الحربية إلى أفغانستان، في محاولة لوقف حركة طالبان التي تتقدم نحو ثلاث مدن رئيسة.
وتُعَد عودة الطائرات إشارة إلى أنّ البنتاغون يجد نفسه مضطرًا لتكثيف غاراته اليومية لمساعدة القوات الجوية الأفغانية في صدّ تقدّم الحركة.
طالبان تواصل سيطرتها
وسيطرت طالبان على مدينتين استراتيجيتين في جنوب البلاد وشمالها، حيث معقل قائد الحرب الأفغاني عبد الرشيد دستم الذي عاد من تركيا لتحفيز وحداته على القتال ضدّ طالبان.
وقالت مصادر من الحركة إنّ مقاتليها اقتحموا سجن قندوز وأطلقوا جميع نزلائه، وسط معارك ضارية تجري في المدينة.
ويحاصر مقاتلو طالبان في الوقت الحالي عواصم سبع ولايات على الأقلّ، في وقت دعت فيه بعثات دبلوماسية، وعلى رأسها السفارتان الأميركية والبريطانية، رعاياها إلى مغادرة أفغانستان فورًا.
هل تستطيع حكومة كابل استعادة السيطرة؟
وبحسب مراسل "العربي" في كابل صابر أيوب، فإنّ المدن الرئيسية في عواصم ولايات الشمال باتت تحت تهديد اكتساحها من قبل حركة طالبان.
ويشير إلى أن طالبان تتقدّم أكثر فأكثر نحو المزيد من هذه المدن بعدما سيطرت على عاصمتي ولايتين في غضون 24 ساعة فقط.
ويلفت إلى أنّ الحكومة المركزية في كابل أرسلت المزيد من التعزيزات إلى ولايات الشمال لمنع سقوط عواصمها في يد طالبان.
ووفقًا لمراسلنا، فقد اجتمع الرئيس أشرف غني اليوم مع الجنرال عبد الرشيد دستم من أجل محاولة إيجاد استراتيجية لمواجهة زحف طالبان.
ويلفت إلى أنّ الاعتقاد السائد هو أنّ الوقت بات متأخّرًا جدًا لتستطيع الحكومة ومعها من يساعدها من وحدات قتالية وأمنية، استعادة ما سيطرت عليه طالبان بالفعل، لا سيما وأنّ الحركة تتحدث عن استسلام مسؤولين كبار.
ما موقف باكستان؟
من جهته، يشير مراسل "العربي" في إسلام أباد براء هلال إلى أنّ أي تعليق رسمي لم يصدر على إعلان وزارة الدفاع الأفغانية عن مقتل مقاتلين من طالبان قادمين من باكستان.
ويلفت إلى أنّ باكستان لا تأخذ هذه التصريحات على محمل الجد كثيرًا، بحكم العلاقات المقطوعة بين البلدين، وهي تكرّر الكلام نفسه دائمًا عن أجندة مدفوعة بدعم هندي.
وفي حين لم يعد خافيًا أنّ الحكومة الباكستانية تميل إلى موقف طالبان، يشير إلى أنّها لا تدعم ذهاب مقاتلين باكستانيين للانضمام إلى الحركة، علمًا أنّ باكستان شنّت العديد من الحملات سابقًا على طالبان باكستان، التي تُعَدّ حليفًا لطالبان أفغانستان.
واشنطن "لن تتخلى" عن أفغانستان
وفي الولايات المتحدة، تشير مراسلة "العربي" في واشنطن ريما أبو حمدية إلى أنّ واشنطن عندما أعلنت عن موعد استكمال الانسحاب، قالت إنّها لن تتخلى عن أفغانستان، وستواصل دعم القوات الأفغانية وإمداد المساعدات الإنسانية لأفغانستان.
وتلفت إلى أنّه لم يكن مستغرَبًا أبدًا أن تقوم القوات الأميركية بمساعدة القوات الأفغانية بتوجيه ضربات في بعض المناطق، وفق ما جاء في الصحف الأميركية، ولو أنّ أيّ تأكيدات رسمية لم تصدر على ذلك.
وتعتبر أبو حمدية أنّ مثل هذه الغارات غير مُستبعَدة بالمُطلَق، أولًا لأنّ الإدارة الأميركية أكدت مرارًا مواصلة دعمها لأفغانستان، وثانيًا لأنّ هناك حوادث مشابهة حصلت في الآونة الأخيرة.