Skip to main content

خلط أوراق في الميدان الأوكراني.. هل أساء بوتين تقدير تداعيات الهجوم؟

الأحد 13 مارس 2022

يحتدم القتال في أوكرانيا بمعارك أطلقت لها موسكو ترسانتها العسكرية جوًا وبرًا وبحرًا، أعنفها يدور على تخوم العاصمة كييف. وهناك ترابض حكومة فولوديمير زيلينسكي، وتبدي المقاومة الأوكرانية صمودها.

تتسلح أوكرانيا بدعم غربي وتتلقى مساعدات عسكرية لا تبدو كافية لحكومة ترغب في إجراءات أشد وقعًا على "العدو"؛ تحظر عنه الطيران فوق سمائها.

سلاح العقوبات 

بدورها واشنطن تحرص على تجنّب الصدام المباشر مع موسكو، ووظّف الرئيس الأميركي جو بايدن مع حلفائه ورقة العقوبات الاقتصادية لكبح جماح فلاديمير بوتين. فبرأي الغرب، يُعد سلاح العقوبات خناقًا يُطوّق به الكرملين، ويفرض على ساسة موسكو مراجعة حساباتهم. 

وفي هذا الإطار، جاء استبعاد روسيا من نظام التجارة الدولية وغلق المنافذ أمام احتمال استخدام موسكو للعملات الرقمية، إلى جانب ملاحقة كبار رجال الأعمال الروس في البنوك الدولية.

وأُطلقت رصاصة أخرى من سلاح العقوبات خلال اختتام قادة دول الاتحاد الأوروبي في قمة فرساي. فبحسب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: فُتح الباب لكل الخيارات.

يريد الأوروبيون حزمة رابعة من العقوبات تكون أكثر إيلامًا وتزيد من عزل روسيا واقتصادها.

مقاربة سياسية روسية

في أروقة السياسة، تُخاض جولات تفاوض خاطفة بشروط روسية مسبقة. وتراهن أوكرانيا على تركيا وإسرائيل كوسيطين لوضع ورقة عمل لمفاوضات السلام المتعثرة مع روسيا، في ظل تغيير بلهجة بوتين بشأن مفاوضات بيلاروسيا وانتهاج الكرملين منطقًا مختلفًا.

إلى ذلك، تتوضح ملامح مقاربة روسية تقوم على أساس أن "لغة الميدان تحدد لغة السياسة"، مع إعطاء قيصر روسيا الضوء الأخضر لدخول مقاتلين من الشرق الأوسط في جبهات القتال ضد الجيش الأوكراني.

وفي أروقة مجلس الأمن، انتقلت موسكو إلى الهجوم أمام توالي ضربات خصومها لتفتح ملف الأسلحة البيولوجية، متهمة واشنطن بتنفيذ برامج سرية في أوكرانيا.

"بوتين ارتكب ثلاثة أخطاء رئيسة"

تعليقًا على التطورات، يرى مدير وحدة الدراسات السياسية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات مروان قبلان، أن بوتين لم يكن يرغب بداية في القيام بعمل عسكري ضد أوكرانيا.

ويشير في حديث إلى "العربي" من الدوحة، إلى أن الرئيس الروسي كان يحشد قواته على الحدود بغرض التهديد بالقوة وليس استخدامها، بمعنى دفع أوكرانيا والغرب عمومًا إلى التجاوب مع مطالبه في ما يتعلق بعدم انضمام كييف إلى حلف الناتو ونزع سلاحها، وغيرها من المطالب التي تطورت لاحقًا.

ويقول: "عندما لم يجد كل ذلك نفعًا، لم يكن أمام بوتين خيار آخر إلا أن يقوم بعمل عسكري".

ويعتبر أن بوتين ارتكب في هذا العمل العسكري ثلاثة أخطاء رئيسة؛ الأول أنه أساء تقدير المقاومة الأوكرانية، وأساء تقدير الفعالية القتالية لجيشه، وكذلك أساء تقدير رد الفعل الغربي على ما قام به.

ويضيف: كان في تقدير بوتين أن الغرب لن يتوحد في مواجهة روسيا لأسباب مرتبطة بحاجاتهم، ولا سيما الأوروبيين، للغاز والنفط الروسي، وكذلك الوضع الداخلي في الولايات المتحدة. 

ويشرح أن بوتين كان ينظر لجو بايدن باعتباره رئيسًا ضعيفًا، ولا سيما بعدما انسحب بطريقة فوضوية من أفغانستان، وبناء على وجود عدم رغبة أميركية في التورط في أي مغامرات عسكرية خارجية، فضلًا عن الانقسام الكبير داخل الولايات المتحدة. 

"خيار الحرب لم يكن ضروريًا"

من ناحيته، يؤكد مدير وحدة الدراسات الأمنية والإستراتيجية في معهد الدوحة للدراسات العليا عمر عاشور، أن خيار الحرب لم يكن ضروريًا بالنسبة لبوتين وروسيا.

ويلفت في حديثه من استديوهات "العربي" في الدوحة، إلى أن بوتين رمى في الهجوم على أوكرانيا طريقة عمله السابقة، التي قامت على عدم إظهار اشتباك كبير كي لا يكون هناك رد فعل كبير، مذكرًا بأن تلك الطريقة كانت فعالة للغاية عسكريًا، حيث تمكن من السيطرة على القرم ـ البقعة الإسترايجية الأهم في البلاد ـ من دون قتال.

ويردف بأن بوتين رمى أيضًا بالطريقة التي اعتمدها في جورجيا، وفيها 12 يومًا من القصف الشديد، فصحيح أنه فشل حينها في تغيير النظام لكن يمكن القول إن الأمر انتهى بالتعادل.

وفيما يشير إلى أنه لم يتضح ما الهدف من الهجوم على أوكرانيا، يسأل إن كان بوتين "يريد السيطرة على 600 ألف كيلومتر مربع وأكبر جيش في شرق أوروبا؟".

ويضيف أن الجميع تقريبًا قال إن جيش أوكرانيا قد انتهى أمره عام 2014، لكنه ظل بعد ذلك يقاتل 8 سنوات، وأطلق ذخيرة على الانفصاليين والجيش الروسي مجتمعَين أثقل طنًا من ترسانة الناتو الموجودة في شرق أوروبا كاملة، وهذا كله إرث الاتحاد السوفيتي.

"الموقف الروسي أقل هجومية"

من جانبه، يعتبر الباحث في الاقتصاد السياسي والعلاقات الخارجية بجامعة فلوريدا ريمي بيت أن التطورات التي شهدتها الأسابيع الماضية مثيرة للاهتمام، لافتًا إلى أن بوتين لم يكن يتوقع أنه سيواجه مقاومة كالتي واجهها في أوكرانيا.

ويقول في حديثه إلى "العربي" من ميامي: كان بوتين يعتقد أنه سيسيطر على المدن في أوكرانيا، وربما بالغ في تقدير قدراته، لكن المقاومة الأوكرانية قوية بشكل كامل جدًا.

ويلفت إلى أن الأوكرانيين تدرّبوا منذ عام 2014 من قِبل الكثير من الدول الغربية، وحصلوا على الدعم في إطار المضادات للطائرات، وكذلك الأسلحة الدفاعية من أجل تعزيز المقاومة من جانب الأوكرانيين.

ويردف: "نتيجة لذلك رأينا تقدمًا محدودًا للروس في أوكرانيا، على الرغم من سيطرتهم على الأجواء".

ويضيف: "نتيجة لعمليات التفاوض التي تطورت في الأسابيع الثلاثة الماضية، فإن الموقف الروسي أقل هجومية ودونما تهديدات كبيرة، ويحاول أن يصل إلى حلول مشتركة للنزاع". 

المصادر:
العربي
شارك القصة