الأحد 6 أكتوبر / October 2024

ذكرى استقلال الجزائر.. احتفالات ضخمة واستعراض عسكري غير مسبوق

ذكرى استقلال الجزائر.. احتفالات ضخمة واستعراض عسكري غير مسبوق

شارك القصة

حلقة سابقة من "كنت هناك" تضيء على جرائم تعذيب الاحتلال الفرنسي في الجزائر (الصورة: الأناضول)
بعد حرب استمرت ثماني سنوات بين الثوار الجزائريين والجيش الفرنسي، توقف القتال بعد توقيع اتفاقيات إيفيان التاريخية.

شهدت الجزائر، اليوم الثلاثاء، احتفالات ضخمة بعيد الاستقلال باستعراض عسكري غير مسبوق في العاصمة يحتفي بالذكرى الستين لنهاية الاستعمار الفرنسي بعد 132 سنة من وجوده على أراضيها. 

ويعد هذا العرض الأول من نوعه منذ 33 سنة، حيث كانت آخر مرة يقوم فيها الجيش الجزائري بعرض عسكري عام 1989، قبل سنتين من دخول البلاد في أزمة أمنية انتهت مع بداية الألفية بقانون للمصالحة وضعه الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.

وعلى الرغم من مرور ستة عقود على انسحاب الجيوش الفرنسية، إلا أنّ العلاقات بين باريس والجزائر لم ترتق إلى المستوى الطبيعي، على الرغم من المبادرات الرمزية التي تقوم بها فرنسا.

وبعد حرب استمرت ثماني سنوات بين الثوار الجزائريين والجيش الفرنسي، توقف القتال بعد توقيع اتفاقيات إيفيان التاريخية في 18 مارس/ آذار 1962 والتي مهّدت الطريق لإعلان استقلال الجزائر في الخامس من يوليو/ تموز من العام نفسه. 

افتتح الرئيس عبد المجيد تبون الاحتفالات بوضع إكليل من الزهور على قبر الجندي المجهول في "مقام الشهيد" بأعالي العاصمة، ثم انتقل الى مكان الاستعراض العسكري بالضاحية الشرقية.

"60 طلقة من أجل الاستقلال"

وقام تبون مع رئيس أركان الجيش الفريق أول سعيد شنقريحة، على متن سيارة مفتوحة، بتفقد القوات العسكرية وقوات الأمن والحماية المدنية، المشاركة في الاستعراض. وفي الوقت نفسه أطلقت 60 طلقة مدفع توازي ستين سنة من الاستقلال.

احتفالات الجزائر
احتفال الجزائر بعيد الاستقلال- الأناضول

وحضر الاحتفالات العديد من الضيوف العرب والأجانب من بينهم رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس  ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية ورئيس النيجر محمد بازوم والرئيس التونسي قيس سعيّد ورئيس جمهورية الكونغود دوني ساسو نغيسو ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد.

كما حضرت رئيسة مجلس الشيوخ الايطالية ماريا كازيلاتي ووزير التسامح الاماراتي نهيان بن مبارك آل نهيان ووزيرة خارجية ليبيا نجلاء المنقوش والأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى.

وبدأ الاستعراض العسكري بعزف للفرقة النحاسية للحرس الجمهوري فيما عبرت الأجواء مروحيات وطائرات القوات الجوية من طراز سوخوي 30 و24 واليوشين 76 و78 وميغ 25 و29 وطائرات تدريب رسمت في الجو خطوطًا بألوان علم الجزائر، الأخضر والاحمر والأبيض.

دام الاستعراض نحو ساعتين مرّت فيه أمام المنصة الشرفية مختلف الأسلحة التي يمتلكها الجيش الجزائري من دبابات مثل تي 62 ال وراجمات صواريخ وعربات مدرعة. ثم سارت تشكيلات من المدارس العسكرية تتقدمها مدارس "أشبال الأمة" وهي ثانويات ومدارس تعليم متوسط تابعة للجيش.

غواصات وبوارج حربية

وفي الساحل المقابل لساحة الاستعراض تعاقبت غواصتا الونشريس وجرجرة والبوارج الحربية وسفن التدريب لضباط البحرية، وسفن الإنقاذ في أعالي البحار.

وانتزعت الجزائر الاستقلال بعد سبع سنوات ونصف من حرب دامية خلّفت مئات الآلاف من القتلى، ما جعلها المستعمرة الفرنسية السابقة الوحيدة في إفريقيا في سنوات 1960 التي تحرّرت بالسلاح من فرنسا.

احتفالات الجزائر
احتفال الجزائر بعيد الاستقلال- الأناضول

لكن بعد 60 عامًا من نهاية الاستعمار، لم تندمل الجراح في الجزائر، رغم سعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ انتخابه الى تهدئة الذاكرة بسلسلة من المبادرات الرمزية التي لم تصل إلى حد تقديم "الاعتذار". 

وردًّا على هذه المبادرات قال رئيس مجلس الأمة وأحد قادة حرب الاستقلال، صالح قوجيل "لا يمكن أن ننسى أو نمحي، لأي إجراء كان، مسؤولية فرنسا الاستعمارية عن الإبادة الإنسانية (التي تعرّض لها الشعب الجزائري) والإبادة الثقافية وإبادة هويته".

"جرائم الاستعمار لا تسقط بالتقادم"

وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد أكد في مارس الماضي أن "جرائم الاستعمار" الفرنسي في الجزائر لن تسقط بالتقادم، داعيًا إلى "معالجة منصفة ونزيهة لملف الذاكرة والتاريخ في أَجواء المصارحة والثقة".

وظهر أنّ العلاقات بين البلدين تراجعت إلى أدنى مستوى لها في أكتوبر/ تشرين الأول عندما صرّح ماكرون بأنّ الجزائر تأسست بعد استقلالها على "ريع ذاكرة" يقف خلفه "النظام السياسي العسكري"، ما أثار غضب الجزائر. 

لكن العلاقات تحسنت تدريجيًا في الأشهر الأخيرة، وأعرب ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون في مكالمة هاتفية في 18 يونيو/ حزيران عن رغبتهما في "تعميقها".

وأعلنت الرئاسة الفرنسية مساء الإثنين أن الرئيس إيمانويل ماكرون بعث ببرقية تهنئة لنظيره الجزائري بالمناسبة عبر له فيها عن أمله في "تقوية الروابط بين البلدية القوية أصلًا".

وأكد له "التزامه بمواصلة مسار الاعتراف بالحقيقة ومصالحة الذاكرة  بين الشعبين الجزائري والفرنسي" كما أضاف بيان قصر الإليزيه الذي أشار إلى أن إكليلًا من الزهور سيوضع باسمه الثلاثاء في النصب التذكاري الوطني المخلد لحرب الجزائر في باريس إحياءً لذكرى الأوروبيين ضحايا مجزرة وهران التي وقعت في نفس يوم الاستقلال في 5 تموز/يوليو 1962.

تخفيف التوترات الداخلية

وعلى الصعيد الداخلي، تسعى السلطات الجزائرية للإفادة من الذكرى التاريخية لتخفيف التوترات الداخلية بعد ثلاث سنوات من انطلاق تظاهرات الحراك المؤيد للديمقراطية.

وأطلق تبون في مايو/ أيار مبادرة لكسر الجمود السياسي من خلال استقبال عدد من قادة الأحزاب السياسية، بينهم من المعارضة، ومسؤولين في النقابات العمالية ومنظمات أرباب العمل.

وبمناسبة عيد الاستقلال وقع الرئيس تبون الإثنين خمسة مراسيم رئاسية تتضمن إجراءات عفو وتخفيض العقوبة لنحو 15 ألف سجين محكوم عليهم نهائيًا في جرائم القانون العام.

كما أعلنت الرئاسة الجزائرية أن الرئيس "من خلال المشاورات مع ممثلي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، يجري حاليًا إعداد قانون خاص لفائدة المحكوم عليهم نهائيًا" يمكن ان يشمل مساجين الحراك أيضًا.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - وكالات
Close