الإثنين 29 أبريل / أبريل 2024

زلزال مصر 1992.. ناجون يستذكرون الكارثة التي غيرت حياتهم إلى الأبد

زلزال مصر 1992.. ناجون يستذكرون الكارثة التي غيرت حياتهم إلى الأبد

Changed

حلقة من برنامج "كنت هناك" تسلط الضوء على الزلزال الذي هز مصر عام 1992 بعيون من عاشوه (الصورة: غيتي)
يروي ناجون من زلزال أكتوبر 1992 في مصر الذي بلغت قوته 5.8 درجات لحظات الرعب التي عاشوها ومشاهد الدمار التي أجبرت عائلات على العيش في العراء.

لم يكن يوم الإثنين 12 أكتوبر/ تشرين الأول 1992 يومًا غير عادي في مصر، حيث كانت شوارع القاهرة تشهد زحمتها المعتادة، قبل أن تضربها هزة أرضية قوية في الساعة الثالثة وتسع دقائق بعد الظهر.

اهتزت مصر لمدة نصف دقيقة تقريبًا خلال الزلزال الذي بلغت قوته 5.8 درجات على مقياس ريختر، ليشهد من بقي على قيد الحياة تحت الحطام على الدمار الكبير الذي غيّر حياة الآلاف إلى الأبد.

فقد خلّف الزلزال أضرارًا متفرقة وخسائر في الأرواح في منطقة الدلتا حول الزقازيق، وامتدت الأضرار في جميع أنحاء الفيوم وإلى أقصى الجنوب حتى بني سويف والمنيا.

أما المنطقة الأكثر تضررًا فكانت القاهرة، ولا سيما مصر القديمة وبولاق وعلى طول الضفة الغربية لنهر النيل حتى منطقة العياط في الجيزة.

ورغم مرور 30 عامًا على الكارثة، لا يزال الزلزال حاضرًا بقوة في أذهان الذين عاشوا تلك اللحظات المروعة، والذين تغيرت حياتهم كليًا بسببه.

"يوم القيامة"

ويستعيد "العربي" ذكريات وأحداث الزلزال بعيون من عايشوه، حيث سرد بعض الضحايا الذين تبدلت حياتهم للأبد قصصهم المختلفة، فمنهم من لجأ إلى مخيمات الإيواء والبعض انتقل إلى منطقة أخرى، وفريق ثالث فقد عمله ومصدر رزقه، إلى جانب من فقدوا أحبة ومقربين.

ومن بين هؤلاء المصور الصحفي عمرو نبيل الذي يستذكر هذا اليوم المشؤوم، حين كان في مكتبه بالطابق الثالث في شارع شهاب وقت حصول الهزة، مشيرًا إلى أن بعض الناس ظنوا أن يوم القيامة قد حلّ.

ويروي لبرنامج "كنت هناك": "في تلك اللحظة اعتقد كل مواطن مصري أن منزله فقط يتساقط، فلم يفهم أحد أن ما يحصل هو زلزال.. بعض الناس ظنوا أنه يوم القيامة ومن بينهم زميلة لي قفزت عن الشرفة لأنها اعتقدت أن يوم القيامة حل".

أما نبيل فراج أحد المتضررين من الزلزال، فكان وقتها برفقة عروسه الجديدة، وعندما وصل إلى منزل والديه في شارع السيدة زينب وجده مدمّرًا بالكامل.

مبنى مهدم عقب زلزال مصر 1992 - غيتي
مبنى مهدم عقب زلزال مصر 1992 - غيتي

بدوره، يستذكر محسن رمضان مشهد الناس وهي تحاول الهرب أثناء الهزة، بينما كان الحطام والأثاث يتساقط على رؤوس الآخرين.

الصدمة والخوف

ويُجمع من عايشوا هذه الكارثة على أن جميع المصريين كانوا في حالة صدمة وخوف بعد رؤيتهم الدمار الهائل في الشوارع، ومنهم من انهار مع انهيار مسكنه.

أما المستشفيات، فكانت في حالة تأهب حيث بدأت الإصابات تتوافد إلى المراكز الصحية بعد تحرك فرق الإنقاذ والأفراد على حد سواء الذين هبوا لمساندة بعضهم، وإنقاذ عائلاتهم.

ويؤكد طبيب المخ والأعصاب حسن المنشاوي الذي عالج ضحايا الزلزال، أن أصعب اللحظات كانت عند سماع أصوات تحت الركام، من دون القدرة على الوصول إليها.

ويردف: "الحدث كان يتطلب مختصين في هذا المجال، فقد كان الناس محتجزين تحت الصخور وبين القضبان الحديدية، وأي حركة غير محسوبة قد تؤذي المصاب أكثر".  

السكان ينتشلون ناجين من تحت الركام بعد الزلزال - غيتي
السكان ينتشلون ناجين من تحت الركام بعد الزلزال - غيتي

كما يوضح المنشاوي أنه من الناحية الطبية، كان 99% من عملهم أطباء يقضي بتقديم المساعدة الطبية الأولية للإصابات التي كانت تصل.

معجزة أكثم

كما يستعيد المصور الصحفي عمرو نبيل قصة سقوط عمارة هليوبوليس، وبالتحديد أحد الناجين الذي عُرف باسم أكثم، الذي أمضى 3 ليالٍ تحت الأنقاض وخرج سالمًا.

فقد تحول أكثم حينها إلى حديث الناس ووسائل الإعلام، وعنونت الصحف المصرية خبر العثور عليه بـ"معجزة أكثم" التي باتت أشهر الوقائع المرتبطة بالزلزال.

ويروي الطبيب المصري أن فرق الطبابة استقبلت أكثم في المستشفى حيث كان يعمل، وأنه تطلب رعاية صحية كبيرة كونه بقي أكثر من 82 ساعة بدون طعام أو شراب، ناقلًا عن لسانه أنه "كان يشرب من بوله للبقاء على قيد الحياة".

فرق الإنقاذ تنتشل جثث ضحايا الزلزال عام 1992 - غيتي
فرق الإنقاذ تنتشل جثث ضحايا الزلزال عام 1992 - غيتي

كذلك، أصيب أكثم بصدمة عصبية كبيرة، لأن كل ما كان يتذكره هو أنه كان يجلس برفقة أسرته وفجأة رأى نفسه لوحده في كهفٍ تحت التراب، وفق المنشاوي.  

مشاهد مؤلمة

بدوره، يتحدث نبيل فراج عن بعض المشاهد المؤلمة التي لا تفارقه منذ يوم الزلزال، وكان أشدها تأثيرًا عليه ما حصل معه حين كان يعمل مع سكان حيه على انتشال الركام للبحث عن أحياء تحت الأنقاض.

ويروي: "أول شخص رأيته تحت الأنقاض كان شابة مقسومة لنصفين.. كانت ابنة جارنا التي أتت إلى الحي برفقة زوجها لزيارة والدتها.. صدمة لا يمكن للوحوش أن تتحملها".

خيام لجأ إليها المتضررون من زلزال أكتوبر 1992 في مصر
خيام لجأ إليها المتضررون من زلزال أكتوبر 1992 في مصر - غيتي

كما يستعيد فراج مشاهد جثث الأطفال تحت التراب، والطلبة والشباب المتوفين.

كارثة إنسانية

من جهة ثانية، توجه الناجون من زلزال القاهرة 1992 إلى مراكز إيواء شيّدتها السلطات المصرية استجابة للحالة الطارئة، ومن بينهم فراج الذي انتقل إلى معسكر تابع للجيش.

فقد كانت السلطات العسكرية مسؤولة عن تسليم السكان المساعدات الغذائية والإنسانية من بطانيات وملابس وفرش، وسط حالة إنسانية مأساوية حيث بات المصريون الذين تهدمت بيوتهم في خيم مكتظة.

ويستكمل فراج: "لا يمكن وصف إحساسنا حينها.. كانت كل 4 أسر تتشارك خيمة واحدة.. ولم يكن هناك أمان، كان الرجال يسهرون في الليل لحراسة الخيم حيث تنام النسوة، وفي الصباح ينام الرجال بعد استيقاظ النساء.. عشنا في ذل".

وهذا ما أكّده بدوره شاهد العيان محسن رمضان، الذي تطرق إلى الفترة الصعبة التي عاشها في مخيم الإيواء، لا سيما وأن الخيام كانت مفتوحة على بعضها مع غياب خصوصية العائلات، والتخوف من اللصوص الذين استغلوا الكارثة الإنسانية.

ويتابع في حديثه إلى "العربي": "كنا نتناول طعامًا بسيطًا، لم تكن عائلاتنا تشعر بالشبع".

وخلّف زلزال أكتوبر 1992، أكثر من 500 حالة وفاة وأكثر من 6000 إصابة نتيجة انهيار أكثر من 350 مبنى بشكلٍ كامل وتضرر ما يفوق 9000 مبنى.

ووفق مصادر صحفية، نتج عن ذلك تشردّ ما يزيد عن 250 ألف شخص توزعوا على مخيمات ومعسكرات ومراكز إيواء.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close