الخميس 2 مايو / مايو 2024

زيارة بايدن.. هل شكلت تحوّلًا في سياسة واشنطن تجاه الشرق الأوسط؟

زيارة بايدن.. هل شكلت تحوّلًا في سياسة واشنطن تجاه الشرق الأوسط؟

Changed

ناقشت حلقة "تقدير موقف" أهداف ونتائج زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الشرق الأوسط وانعكاساتها على الملفات كافة (الصورة: أناضول)
استُقبل بايدن في جدة ببرودة شديدة لم تخفف منها الاتفاقيات الـ18 التي تم توقيعها بين الولايات المتحدة والسعودية.

لم ينتظر الرئيس الأميركي جو بايدن لقاءه بقادة إسرائيل، فما إن وطأت قدماه مطار اللد الدولي حتى أعلن أنه ليس بحاجة لأن يكون هوديًا كي يكون صهيونيًا.

وأعاد بايدن خلال الزيارة تأكيد الموقف التقليدي للمؤسسة الأميركية الحاكمة من جديد عبر الالتزام بأمن إسرائيل والحفاظ على تفوقها العسكري وعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي ومواجهة أنشطتها في المنطقة.

هذه الخطوط لخصت إعلان القدس الذي تم توقيعه بين إسرائيل والولايات المتحدة مع مرور سريع على التسوية السياسية المجمدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

ولم يسهب بايدن في الحديث عن التسوية المنشودة حيث اكتفى بالتأكيد على دعم حل الدولتين للتقدم نحو واقع يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين التمتع فيه بإجراءات متساوية من الأمن والحرية.

واستبدل بايدن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بأمور حياتية تصلح أن تكون برنامجًا سياسيًا، حيث تحدث عن دعم مالي أميركي وعن الحق في حرية التعبير.

استقبال بارد

غير أنه لا يمكن رؤية زيارة بايدن لإسرائيل بمعزل عن التحولات الإقليمية التي جرت مؤخرًا.

وفي الخليج العربي، استُقبل بايدن في جدة ببرودة شديدة لم تخفف منها الاتفاقيات الـ18 التي تم توقيعها بين الولايات المتحدة والسعودية. وقد صدر بيان مشترك عن الجانبين جاء عامًا في شكله وضمونه أكد بالتزام الطرفين في استقرار أسواق الطاقة العالمية، والتزام أميركي بدعم أمن المملكة والدفاع عن أراضيها.

زيارة الرئيس الأميركي إلى جدة التي وصل إليها مباشرة من إسرائيل اختتمت بقمة أميركية مع زعماء دول مجلس التعاون الخليجي وكل من مصر والأردن والعراق، سمع فيها بايدن موقفًا عربيًا موحدًا حول ضرورة إيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية.

لكن بايدن المثقل بهاجس انتخابات الكونغرس النصفية في نوفمبر المقبل وتحديات سياسية في آسيا، ركز على ضرورة زيادة الدول النفطية من إنتاجها وعلى دور بلاده في الشرق الأوسط وتأسيس عهد جديد مع شركاء الولايات المتحدة.

زيارة الرئيس الأميركي دامت 4 أيام إلى المنطقة، حاول فيها إعادة الولايات المتحدة بقوة إلى شرق أوسط أراده أن يكون بحلة جديدة عبر جعل إسرائيل جزءًا من منظومة التحالفات وترك القضية الفلسطينية من دون أفق سياسي.

أهداف داخلية وخارجية

وفي هذا الإطار، يرى مدير وحدة الدراسات السياسية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات مروان قبلان أن الزيارة كانت مرتبطة بنوعين من الأهداف.

ويلفت في حديث إلى "العربي" من الدوحة إلى أن "الأهداف الأولى مرتبطة بوضع بايدن الداخلي الضعيف والمهزوز قبل الانتخابات النصفية للكونغرس نتيجة التضخم وارتفاع الأسعار وخصوصًا تلك المتعلقة بالطاقة، ولذلك فهو بحاجة إلى تحقيق خطوة في مواجهة هذا الوضع من خلال زيادة الإنتاج لخفض الأسعار".

أما حول الأهداف الخارجية، فيشير قبلان إلى أن الولايات المتحدة اكتشفت بعد الحرب في أوكرانيا أن وضعها تزعزع في الشرق الأوسط والخليج لأن أقرب حلفائها في المنطقة رفضوا الوقوف إلى جانبها في هذه الحرب، إضافة إلى تطور علاقات هؤلاء الحلفاء مع الصين، ولذلك حاول بايدن خلال الزيارة لملمة الحلفاء وقطع الطريق على الاختراق الصيني والروسي، وطمأنة الحلفاء في ما يتعلق بعلاقة واشنطن وتحالفاتها معهم.

كما يتحدث قبلان عن هدف أساسي جاء من أجله بايدن وهو محاولة دمج إسرائيل في المنطقة.

"تحول نحو البراغماتية"

بدوره، يعتبر الباحث المختص في شؤون الشرق الأوسط سيغورد نيو باور أن زيارة بايدن إلى الشرق الاوسط كانت ناجحة، لافتًا إلى أن السبب وراء ذلك يعود إلى الاستعدادات والتحضيرات التي حصلت قبل الجولة في إسرائيل والضفة الغربية والسعودية.

ويلفت في حديث إلى "العربي" من واشنطن إلى أن "الرئيس الأميركي اعتمد موقفًا صارمًا وحازمًا ضد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في ما يتعلق بقضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي على وجه الخصوص".

إلا أن باور يرى أن الزيارة حملت تحولًا نحو البراغماتية من الجانب الاميركي، معتبرًا أن الولايات المتحدة تحاول تلافي التضخم في أوروبا الذي حصل بسبب تأثيرات الحرب الروسية على أوكرانيا.

وقال إن بايدن وبسبب هذه الأوضاع "كان عليه أن يتحدث إلى السعودية رغم توجيهه انتقادات إلى بن سلمان، وهو قام بهذا الأمر بطريقة تنقذ ماء الوجه من خلال زيارته إسرائيل أولًا ومحاولته التوصل إلى انتصار دبلوماسي حققه من خلال تأمين مرور كافة الرحلات ومن بينها الإسرائيلية في الأجواء السعودية".

تحول في السياسة الأميركية بملف الشرق الأوسط

مدير مركز دراسات الخليج في جامعة قطر محجوب الزويري يؤكد أن معايير نجاح زيارة بايدن من عدمها تستند إلى سياسة الرئيس الأميركي الخارجية التي بدأها بإعلان صريح بأن منطقة الشرق الأوسط ليست في أولويته وأن الصين وآسيا هي الأولوية لهذه الإدارة الأميركية.

ويقول في حديث إلى "العربي" من عمان "إننا أما التفاف كامل لبايدن عن سياسة اختارها في السابق بعدما كانت المنطقة في ذيل اهتماماته".

ويؤكد أن هناك تراجعًا كبيرًا في السياسة الخارجية الأميركية ساهمت في بلورته الحرب الروسية في أوكرانيا.

ويشير إلى أن الرئيس الأميركي كان مضطرًا للمجيء إلى المنطقة لأنه لا يستطيع التعامل مع مسألة الطاقة من دون التواصل مع المصدّرين المهمين للغاز والنفط المتواجدين في منطقتنا.

الزويري يعتبر أن إدارة بايدن بدت مترددة في قضايا الشرق الاوسط برمتها وعلى رأسها الملف النووي الإيراني في ظل المراوحة التي يشهدها هذا الملف منذ أشهر.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close