الخميس 25 أبريل / أبريل 2024

لقاء أمني سعودي ـ سوري في دمشق.. هل يمهد لتطبيع العلاقات؟

لقاء أمني سعودي ـ سوري في دمشق.. هل يمهد لتطبيع العلاقات؟

Changed

لقاء جمع رئيس المخابرات السعودية مع نظيره السوري في العاصمة دمشق، وسط حديث عن تقارب بين البلدين.. فماذا في دلالاته وتوقيته؟

جثم ركام عشر سنوات فوق العلاقات السعودية ـ السورية، وهي تحاول اليوم نفض غبارها بتغيرات الإقليم المفاجئة.

فبحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، التقى رئيس المخابرات السعودية نظيره السوري في العاصمة دمشق، في أول اجتماع من نوعه منذ اندلاع الثورة السورية وتحولها إلى حرب لاحقًا قبل عقد من الزمن.

تُنسج العلاقات من جديد وقد يكتمل بنيانها في ظرف أسبوع بعد عيد الفطر، وفق ما ينقل مسؤولون سعوديون للصحيفة.

والخطوة السعودية جاءت عقب لقاء مسؤولين سعوديين نظرائهم الإيرانيين في العاصمة العراقية بغداد قبل أسبوعين، وهم على موعد ثان لاحقًا.

وفي هذا الصدد، تطرح أسئلة بشأن أبعاد التقارب السعودي ـ السوري بالنظر إلى توقيت اللقاء وسرعة إنجازه وأسباب المسارعة في تحقيقه.

"دمشق مهتمة بالعودة إلى الرياض"

يعتبر الكاتب والباحث السياسي منيف عماش الحربي أن دمشق مهتمة بالعودة إلى الرياض، لافتًا في حديث إلى "العربي" إلى أنه "منذ العام 2015 هناك نوع من الحراك يحدث نحو إعادة العلاقات بين دمشق والرياض".

ويشير في هذا الصدد إلى حضور بشار الجعفري في فبراير 2020 لقاء في الأمم المتحدة بمناسبة رئاسة المملكة لقمة العشرين، وكذلك حضور عدد من الصحافيين السوريين اجتماعًا للصحافيين العرب في الرياض عام 2019.

ويردف بالقول: "يبدو أن الأمور تسير نحو إعادة العلاقات بين دمشق والرياض".

وإذ يدعو إلى الفصل بين الملفين الإيراني والسوري، يوضح أن "الحراك في الملف السوري بدأ منذ سنوات ويتقدم ببطء". 

وإذ يشير إلى أن "جميع الأطراف يبحثون عن الحل السياسي وفق قرار مجلس الامن 2254 وجنيف-1"، يعرب عن اعتقاده بأن "إعادة هذه العلاقات قد تسرع في الحل السياسي بالنسبة إلى الجانب السوري". 

"تكريس مكاسب إيران"  

من ناحيته، يوضح الكاتب المتخصص في الدراسات السورية عبد الرحمن الحاج أنه "حتى الآن ما من معلومات أكيدة بأن ما ترتب على لقاء ذي طابع أمني سيترتب عليه نوع من التطبيع السياسي".

ويردف: "صحيح أن هناك خبرًا ورد، وحتى الآن لم تنفِ الرياض ولم تثبت، ولكن تاريخ العلاقة مع أجهزة الأمن لم ينقطع منذ العام 2015. وفي كل المراحل لم يتعدى الأمر المسألة الأمنية".

ويلفت إلى أن "دمشق كانت حريصة دائمًا على أن تكون لديها علاقة مع الرياض وأي دولة أخرى لأنها معزولة عن العالم، وهذه العزلة هي جزء من سحب الشرعية الدولية".

ويشرح أن "الرياض كانت تمانع، وكان هناك أيضًا موقف أميركي يحول دون تقدم خطوة باتجاه دمشق". 

ويرى أن "لدى الرياض الآن مقاربة جديدة إذا صح أن هناك تحولًا باتجاه التطبيع مع نظام الأسد"، معتبرًا أن هذه المقاربة الجديدة، إذا وجدت، ستكون بالطبع المقاربة التي اعتمدتها الإمارات أيضًا.

ويشرح مفاد هذه المقاربة بأنه "إن كانت للسعودية مصلحة في التأثير على سوريا فإن السنوات السابقة أثبتت لها أنها لم تستطع أن تؤثر على دمشق، وبالتالي فإن الدخول إلى عمق النظام وإبقاء صلات معه ربما يتيح لها فرصة للتأثير عليه".

ويؤكد أن هذه المقاربة، في الوجه الآخر لها، هي اعتراف بالخسارة وتكريس لمكاسب إيران في سوريا.    

إلى ذلك، يشدد الحاج على أن المعارضة السورية لن تكون مسرورة على الإطلاق من أي نوع من هذا التحول، لافتًا إلى أن "في مصلحتها عزلة نظام دمشق". لكنه يشير في المقابل إلى أن الرياض لم بعد لها تقريبًا تأثير وازن في الملف السوري منذ فترة طويلة.

ويعتبر أن خروج السعودية من صف المعارضة إلى صف النظام لن يغيّر كثيرًا في التأثير على سير الأحداث، وأيضًا لن يفتح مسارًا جديدًا لأنها ليست الطرف المؤثر في مجريات الأحداث في سوريا.

"تطور غير مفاجئ"

من ناحيته، يعرب مدير المركز العربي في واشنطن خليل جهشان عن اعتقاده بأن "هناك تغيرات إقليمية ودولية خلقت فرصة سانحة للتغيير بالنسبة إلى الموقف السعودي تجاه سوريا، بناء على تعريف الرياض لمصالحها، وهذه المصالح ليست ثابتة وتتغير من فترة إلى أخرى".

ويعتبر أن "الزيارة بداية الأسبوع الماضي تطور غير مفاجئ ولكنه ربما أسرع مما كنا نتوقع، حتى في ظل هذه الظروف".

ويشرح: "كنا نعرف بأن هناك بوادر لانفراج متوقع قريبًا بين الطرفين لأسباب عديدة، ولكن مستوى اللقاء وفحواه وإعطائه هذه الصفة من الأهمية وكذلك الإعلان عن العودة إلى الاستمرار في هذا اللقاء بعد نهاية شهر رمضان يثبت أن الرياض تعطي أولوية كبيرة لهذا التغيير لأسباب عديدة".

ويوضح أن "من هذه الأسباب التغييرات في المنطقة، وأهمها نظرة الرياض حاليًا لنزاعها مع طهران ويبدو أن ذلك يمر في تغيير جذري الآن؛ الاتصالات التي جرت في بغداد ودمشق والخطوات التي اتخذتها دولة الإمارات وعمان ومصر وغيرها".

ويردف بالقول: "يبدو أننا مقبلون على خطوات إضافية في فتح باب الإنفراج بين الطرفين السعودي والسوري".  

ويرى جهشان أن لا وجود لخطة مدروسة، لا من الطروف السعودي ولا من أي طرف عربي آخر، لتغيير الوضع في سوريا، "بل هناك نوع من التأقلم المنطقي والعقلاني، الذي يأخذ بعين الاعتبار التغييرات التي تمر بها المنطقة".

ويضيف: "أعتقد أن هناك تيارًا داخل الحكومة السعودية يعترف بأن موقف المملكة القديم يحتاج إلى تغيير وبأنه وصل إلى طريق مسدود"، لافتًا إلى أن "الموقف السعودي الذي اعتدنا عليه في العامين 2013 و2015، بالنسبة إلى دعم الثورة في سوريا وانتقاد النظام، قد انتهى نسبيًا على الأقل إن لم يكن كليًا".

ويشرح أن "الموقف السعودي السابق لم يعد قابلًا لتحقيق الهدف الأساسي وهو وضع حدّ للتغلغل الإيراني داخل النظام والأرض السورية، وبالعكس فإن هذا التأثير والتغلغل ازداد، لذا فإن الموقف السعودي بحاجة إلى تغيير".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close