الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

للمرة الأولى في تاريخها.. ألمانيا تعترف بارتكاب "إبادة جماعية" في ناميبيا

للمرة الأولى في تاريخها.. ألمانيا تعترف بارتكاب "إبادة جماعية" في ناميبيا

Changed

مراسم إعادة جماجم ضحايا ناميبيا برلين
مراسم إعادة جماجم ضحايا ناميبيا برلين (غيتي)
قتل المستعمرون الألمان عشرات الآلاف من أبناء شعبي الهيريرو والناما في مذابح اعتبرها العديد من المؤرّخين أول إبادة جماعية في القرن العشرين.

اعترفت ألمانيا الجمعة، للمرة الأولى في تاريخها، بأنّها ارتكبت "إبادة جماعية" ضدّ قبائل الهيريرو والناما في ناميبيا خلال استعمارها هذا البلد قبل أكثر من قرن، وستدفع مساعدات تنموية للدولة الإفريقية تزيد قيمتها عن مليار يورو.

وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في بيان: "اعتبارًا من اليوم سنصنّف رسميًا هذه الحوادث بما هي عليه في منظور اليوم: إبادة جماعية".

ورحّب ماس في بيانه بتوصّل ألمانيا وناميبيا إلى "اتفاق" بعد مفاوضات شاقّة استمرّت أكثر من خمس سنوات، وتمحورت حول الأحداث التي جرت إبّان الاحتلال الألماني للبلد الإفريقي، الذي استعمرته ألمانيا من 1884 إلى 1915.

وقتل المستعمرون الألمان عشرات الآلاف من أبناء شعبي الهيريرو والناما في مذابح اعتبرها العديد من المؤرّخين أول إبادة جماعية في القرن العشرين.

وفي بيانه قال الوزير الألماني إنّه "في ضوء المسؤولية التاريخية والأخلاقية لألمانيا، سنطلب الصفح من ناميبيا ومن أحفاد الضحايا" على "الفظائع" التي ارتكبت في حقّهم.

وأضاف أنّه في "بادرة اعتراف بالمعاناة الهائلة التي لحقت بالضحايا" فإنّ ألمانيا ستدعم "إعادة الإعمار والتنمية" في ناميبيا عبر برنامج مالي قيمته 1,1 مليار يورو، مشدّدًا على أنّ هذه الأموال ليست تعويضات على أساس قانوني، وأن هذا الاعتراف لا يفتح الطريق "لأي طلب تعويض قانوني".

خطوة مهمة لتجاوز الماضي

ولسنوات طويلة سمّمت الجرائم التي ارتكبت خلال فترة الاستعمار الألماني لناميبيا؛ العلاقات بين البلدين.

وقال وزير الخارجية الألماني "لا يمكننا أن نشطب الماضي"، مؤكدًا أن "الاعتراف بالخطأ وطلب الصفح هما خطوة مهمة لتجاوز الماضي وبناء المستقبل معًا".

وفي إطار رغبة ألمانيا في المصالحة، سلمت برلين ناميبيا عام 2019 عظام أفراد من قبائل الهيريرو والناما اللتين تعرضتا للإبادة، وطلبت وزيرة الدولة للشؤون الخارجية ميشيل مونتيفرينغ "الصفح من أعماق قلبها".

واعتبر أحفاد الضحايا والسلطات الناميبية هذه المبادرة غير كافية مطالبين باعتذارات رسمية وتعويضات.

واعترضت ألمانيا مراًرا على هذه المطالب، مشيرة إلى ملايين اليوروهات التي قدمت مساعدات للتنمية لناميبيا منذ استقلالها عام 1990. 

واعتبرت أعمال الذاكرة في ألمانيا للفترة النازية نموذجية بشكل عام، لكن تلك المتعلقة بالفترة الاستعمارية في إفريقيا في النصف الثاني للقرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، أهملت لفترة طويلة.

معسكرات اعتقال 

وتمثل قبائل الهيريرو حوالي 7% من سكان ناميبيا حاليًا في مقابل 40% في مطلع القرن العشرين. 

وقد حرم أبناء القبائل من أراضيهم وماشيتهم وتمردوا في 1904 على المستعمرين الألمان، ما أسفر عن مقتل مئة من المستعمرين.

وعهدت برلين بمهمة إخماد التمرّد إلى الجنرال الألماني لوتار فون تروتا الذي أمر بإبادة المتمرّدين. وبعد سنة واحدة تمرّد شعب الناما ولقي المصير نفسه.

وأسفرت هذه المذابح بين 1904 و1908 عن مقتل ما لا يقلّ عن ستين ألفًا من أبناء شعب الهيريرو وحوالي عشرة آلاف من أبناء شعب الناما.

واستخدمت القوات الاستعمارية الألمانية لإخماد هذا التمرّد تقنيات إبادة جماعية، شملت ارتكاب مذابح جماعية والنفي في الصحراء، حيث قضى آلاف الرجال والنساء والأطفال عطشًا، وإقامة معسكرات اعتقال أشهرها معسكر "جزيرة القرش".

اعتراف فرنسي بارتكاب إبادة رواندا

ويأتي الاعتراف الألماني بعد يوم من إقرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمسؤولية بلاده عن الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.

غير أن الخطاب الذي ألقاه ماكرون في زيارته للعاصمة الرواندية كيغالي لم يحمل اعتذارًا، وفقًا لإيجيدي نكورانغا رئيس المنظمة الكبرى للناجين من الإبادة "إيبوكا"، الذي أبدى أسفه لعدم قيام ماكرون بـ"تقديم اعتذارات واضحة باسم الدولة الفرنسية" أو "طلب الصفح".

المصادر:
العربي، إ.ف.ب.

شارك القصة

تابع القراءة
Close